رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

العنصريه اول جريمه ذكرها القرأن

العنصريه اول جريمه ذكرها القرأن
جوهرة العرب الإخباري

الاستاذ المحامي رعد الجبر: يكتب


يقرأ الكثيرون قصة آدم وحواء والشيطان كما ذكرها القرآن الكريم في العديد من آياته.  وقد يرى البعض القصة على أنها مجرد سرد لأحداث بداية الخلق وقد يراها آخرون رمزاً للصراع بين الخير والشر ممثلاً في الشيطان.

ومما لاشك فيه أن هذه القصة تركت أثراً كبيراً في فكر الشعوب حتى أن البعض – أو كثيرين – يظنون أن الجزء البارز في رقبة الإنسان - وهو في الحقيقة جزء طبيعي من القصبة الهوائية – هو جزء من التفاحة التي حاول آدم تناولها في بداية الخلق ووقفت لحظة في حنجرته قبل بلعها! ولا عجب أن من يصدقون هذا الأمر يسمون هذا البروز الطبيعي في الحنجرة بـ"تفاحة آدم"!

ووسط هذه المفاهيم المختلفة لقصة بداية الخلق نستطيع أن نرى بعداً أو تصوراً آخر للقصة ربما لم يتطرق إليه أو يلاحظه الكثيرون.  فالقصة في عمقها تتكلم وتحكي عن أول جريمة ذكرها القرآن ألا وهي جريمة العنصرية!

فالشيطان كما تروي القصة رفض السجود لآدم ليس لأنه لا يحبه أو لأن بينه وين آدم عداوة أوخلاف على قطعة أرض بل لأنه يرى أنه أفضل منه وأن عنصره أعظم من عنصر آدم.

فآدم كما يراه "الشيطان" في هذه القصة هو مخلوق من طين أما هو (أي الشيطان) فهو مخلوق من نار - وكما يتصور الشيطان فإن عنصر النار أعلى وأرقى من عنصر الطين! والآن دعونا نرى الآية كاملة لنتصور محور الصراع الرئيسي هنا:

"وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ - قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ" (سورة الأعراف آية 11-12).

والقصص القرآني قد يراه البعض على أنه سرد لأحداث ولكن القرآن الكريم ذكر أن هذه القصص عبرة للتعلم منها والتدبر فيها "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ" (سورة يوسف آية 111).

فقصة الخلق كما نرى ألقت الضوء على قضية هامة في القرآن ألا وهي رفض التكبر والعنصرية. وكما ذكر القرآن أيضاً فأن أبشع جريمة فعلها فرعون هو أنه ظن أنه أعلى وأعظم من بني إسرائيل وقسم البشر تبعاً لذلك إلى "شيع" وطوائف كما قالت الآية "إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا " (سورة القصص آية 4).

ولو تأملنا في التاريخ لوجدنا أن إحساس البعض بأن "عنصره" أرقى وأفضل من الآخرين كان بداية الكثير من الشرور. ويكفي أن نذكر أن إحساس هتلر بأن العرق الآري هو أفضل من الآخرين كان خطوة أولى انتهت بقتل الملايين من اليهود في محارق الهولوكوست التي يندى لها جبين الإنسانية.

ولذا فعلينا أن نعرف أن العنصرية وإحساس الأفضلية على الآخرين قد يكون أكثر جرماً عند الله تعالى من الكثير مما يراه البعض ذنوباً مثل شرب الخمر أو أكل الخنزير. فالشيطان كما جاء في قصة بداية الخلق لم يتم لعنه ليوم القيامة "وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ" (سورة الحجر آية 35) لأنه شرب قدحاً من النبيذ أو أنه أكل ساندوتش من شرائح لحم الخنزير ولكن لأنه استكبر وكان من العالين لأنه ظن أن عنصره (النار) كان أفضل من عنصر آدم (الطين).

فهل لنا أن نرى هذه القصة من أبعاد أخرى حتى نقاوم نوازع العنصرية والكراهية في نفوسنا!  مجرد رأي! وللحديث بقية!