الدكتورة :أشجان أحمد عبدالحميد مدرس العلاقات العامة والإعلان بكليه الإعلام بنات جامعه الازهر
أصبح الإعلام اليوم عنصرًا محوريًا في المجتمعات، فهو صناعة متكاملة تتطلب فنونًا ومهارات وميزانيات، وتعكس التحضر والعصرية، فالدول التي لا تعير الإعلام اهتمامًا كافيًا ستفوت فرص التطور والنمو والتقدم ...
ولأن التأثير الإعلامي خفي في مضمونه قوي في محصلته ،الأمر الذي يصفه الخبراء بـ «قوة الضغط الناعمة» والتي ترجع سطوتها في قدرة الاعلام على الاستمالة والإقناع من خلال التنوع والجاذبية في تشكيل الوعي لدى قطاع كبير من الأفراد من جهة، والمجتمعات من جهة ثانية، سواء أكانت الرسالة سلبية أم إيجابية ، وخصوصًا في الجانب الديني حيث يقوم الإعلام بدور أساسي في بناء الأمة المسلمة، سواء على الصعيد التربوي أو الثقافي.
كما تنبثق قوة الإعلام من تأثيره على بلورة الفكر الذي هو المحرك لكل سلوكياتنا وتصرفاتنا، فالفكر هو الذي يغير الواقع ، والعالم لا يتغير بذاته، وإنما الوعي هو الذي يغير العالم وليس هذا القول بغريب على الوعي الديني الحق في الإسلام، فهو يتجسد في الآية الكريمة التي يحفظها كل مسلم: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، ذلك أن المعنى العميق هنا هو أن واقع الناس لن يتغير ما لم يتغير وعيهم، فبإمكان الآلة الإعلامية التي تعمل صباح مساء من تشكيل التصورات وتعديل القناعات، بصرف النظر عن كونه تغييرًا إيجابيًا أو سلبيًا، مقبولًا أو مرفوضًا، نافعًا أو ضارًا، محبوبًا أو مكروهًا ويعتبر التأثير المعرفي للإعلام أعمق أثرًا من التأثير السلوكي، لأن التأثير المعرفي بعيد الجذور يشمل الاعتقادات والآراء والهويات، تلك التي تتأصل بدواخلنا وتتحكم بسلوكياتنا، بعكس التأثير السلوكي الذي يضمحل تدريجيًا باضمحلال المؤثر.
والدين الاسلامي يحتل مكانة بارزة في تفكير ووجدان البشر، فهو ينظم العلاقات بين الناس وبينهم وبين الخالق، لذا فإن الوعي بالدين ومعرفة تعاليمه يعد أمرًا بالغ الأهمية في حياة الإنسان ، ويوفر الدين نسقًا من القيم والمبادئ التي تساعد على التكيف مع المجتمع، والتوافق النفسي والاجتماعي الذي يجعل الفرد قادر علي التعايش مع الآخرين، والتوافق الديني الذي يتحقق من خلال الوعي والإيمان الصادق، مما يضمن بقاء القيم الإنسانية والأخلاقية
وعليه فالإعلام سلاح ذو حدين، إما أن يسهم في تعزيز وترسيخ القيم والعادات السليمة، وإما أن يكون معول هدم لها، ومن هذا المنطلق يقع على عاتق القائمين على هذه الآلة في عالمنا العربي والإسلامي دور كبير في انتقاء ما يعرض في شتى وسائل الإعلام من إذاعة أو تلفاز أو غيرهما.
وأن يكون قويا في الطرح محتويًا لأفراد المجتمع المسلم على اختلاف أعمارهم وثقافتهم حريصًا على البرامج والخبرات التي تعنى بالتقنية في كل مراحلها المتقدمة مستقطًبا لذوي التخصصات والمهارات قادرًا على المنافسة جريئا في عرض كافة القضايا معتنيا بمواجهة وتفنيد كل المؤامرات والشبهات التي يتبناها الإعلام المعاكس والمغرض كقضية تحرير المرأة أو الحجاب أو نظام الإرث أو العقوبات في الإسلام.
وتوجيه المجتمع نحـو انتقـاء المحتـوى الإيجـابي القيـم والمفيـد، وتشـجيع أبنائه عـلى المشـاركة في تقديـم وتطويـر محتـوى متميـز، واسـتخدام التكنولوجيـا الحديثـة في إيجـاد مضامـين إعلاميـة مبتكرة، وذلـك بهـدف الضبـط الإعلامـي وبنـاء الـذوق العـام للمجتمـع والارتقـاء بمنظومـة القيـم والأخـلاق فيه
وأخيًرا فالاعلام قادر على العطاء وتخريج كوادر مدربة كصفوف احتياطية ومدد متجدد للرسالة الإعلامية وليس مرتكًزا على شخصيات بعينها أو نجوم محدودة العدد.