رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

الأم مدرسة بقلم: نادية إبراهيم نوري

الأم مدرسة بقلم: نادية إبراهيم نوري
جوهرة العرب 

الأم مدرسة
بقلم: نادية إبراهيم نوري

مبروكة خفاجي، فلاحة مصرية بسيطة وغير متعلمة، طلقها زوجها الفلاح البسيط بسبب ضيق الحال، رغم أنها كانت حاملاً. لم تستسلم للصدمة أو لمستقبل ابنها المجهول، بل أخذته وانتقلت للعيش في الإسكندرية، عازمةً على تحويل فشلها في الزواج إلى نجاح لابنها وتحديد مستقبله.

اضطرت مبروكة إلى بيع الجبن في شوارع الإسكندرية لتتمكن من تعليم ابنها وإلحاقه بالمدارس. وبفضل إصرارها، أكمل ابنها المرحلة الابتدائية، لكن طموحها لم يتوقف عند هذا الحد. وعندما علمت أن والده ينوي أخذه منها ليعمل وهو لا يزال في المرحلة الابتدائية، لجأت إلى حيلة ذكية؛ فهربت بابنها عبر أسطح المنازل إلى الجيران، ثم إلى القاهرة، حيث أدخلته المدرسة الخديوية.

عملت لدى إحدى العائلات كي توفر مصاريف تعليمه، حتى تخرج في كلية الطب عام 1901. وبعد 15 عامًا، مرض السلطان حسين كامل واحتار الأطباء في علاجه، إلا أن ابن مبروكة، الطبيب علي إبراهيم عطا، استطاع علاجه وأجرى له عملية جراحية دقيقة وناجحة. نتيجةً لذلك، عيّنه السلطان جراحًا استشاريًا للحضرة العليا السلطانية، وجعله طبيبه الخاص، ومنحه لقب البكوية.

وفي عام 1922، منحه الملك فؤاد الأول رتبة الباشاوية، ثم في عام 1929، تم انتخابه كأول عميد مصري لكلية الطب بجامعة فؤاد الأول. لاحقًا، أصبح وزيرًا للصحة، ثم أسس نقابة الأطباء المصرية، ليصبح أول نقيب للأطباء، كما شغل عضوية البرلمان المصري.

قصة مبروكة خفاجي هي خير هدية لكل أم في عيدها، لأقول لكل أم: عيدك ليس مجرد هدايا عينية واحتفالات أسرية، بل عيدك يجب أن يكون نورًا يضيء طريق أسرتك، وبالأخص لأبنائك، لتساهمي في رسم مستقبل باهر لهم.

أنتِ مدرسة، وصدق الشاعر حافظ إبراهيم حين قال:
"الأم مدرسة إذا أعددتها... أعددت شعبًا طيب الأعراق"

ختامًا، أقول لكل أم: كل عام وأنتِ بألف خير، ورحم الله كل أم انتقلت إلى جوار بارئها.