لسنا بحاجة أبداً لنتنياهو حتى يخبرنا أن "النظام الايراني سيسقط بأسرع مما يتوقعه العالم"...وهذا ما صرح به قبل مدة، فكل المعطيات تؤشر إلى أن ذلك، أي الانهيار الدراماتيكي للنظام بدءً من الرأس وصولاً لكل القواعد والأذرع، وسيذكرنا ذلك بالتأكيد بانهيار نظام حليفه بشار الأسد قبل أشهر، والذي سبقه انهيار اقتصادي كبير بسبب العقوبات الخانقة والفساد، إلا أن الفرق الوحيد قد يكون هنا هو أن سقوط الملالي سيُمهد له ضربة أمريكية يتبعها على الأرجع ثورة شعبية عارمة لجماهير سأمت من الشعارات الرنانة وتبديد خيرات البلاد على الميليشيات المسلحة ووعود تدمير "قوى الشر والاستكبار"، وكثير من سياسات أخرى هي لم تكن في يوم من الأيام من أولويات الشعب الايراني الذي لم يعد يحتمل ما أوصلته اليه من فقر وألم وتخلف لبلاده عن ركب الحداثة والتطور.
إلا أن صورةً عمّا سيحصل في ايران بعدها لم تتبلور بعد في أذهان الكثيرين، باستثناء أولئك الذين ينظرون للأمور بتحليل علمي وبعد نظر ومعرفة عميقة بثقافة الشعب الايراني وتجربته الحضارية العريقة، وهؤلاء لم يصدقوا يوماً كذبة "الشعب الملتحم بقيادته المؤمن بولاية الفقيه"، وعندما ينهار النظام – ومن غير المستبعد أن يكون ذلك قريباً- سنرى بالتأكيد صورةً أخرى للشعب الايراني، شعب محب للحياة، منفتح على كافة الثقافات، لا سيما الثقافة الغربية الليبرالية بملامحها الاستهلاكية، واهتمامها المركزي والرئيس بحرية الفرد ومتعه الحسية وملذات الحياة المختلفة، تلك التي حُرم منها الايرانيون على مدى نصف قرن إلا قليل، وذلك تحت سطوة الأكاذيب والشعارات الزائفة...أما الجماهيرالغفيرة التي طالما خرجت في شوارع المدن الايرانية تأييداً لشعارات النظام الحاكم فستختفي مثل حفنة ملح في كأس ماء ساخن، ولنا في مصير "جماهير آل الأسد" الحاشدة أفضل درس وأوضح مثال.
ايران ما قبل العام 1979، هي التي ستعود، انفتاح ونهج علماني حديث، وطلاق تام مع التوجه الديني المتشدد وقضايا كثيرة تاجر بها الملالي، حب للترف والرفاهية، إزدهار للفنون بكافة حقولها، استلهام لأجمل ما في الحضارة الفارسية من تقدم مادي في العمران والطب والهندسة والصناعة وكافة مناحي الحياة الخالية تماماً من "الطوباويات" والأساطير التي استحدثتها "ثورة الخميني"وفرضتها على الشعب.
ايران القادمة مختلفة والحرية تليق بالشعب الايراني العظيم، وستبدي لنا الأيام القادمة الكثير مما خفي عنّا...تذكروا هذا.