رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

الزيارة التاريخية لترامب الى أرض الحرمين المملكة العربية السعودية الشقيقة

الزيارة التاريخية لترامب الى أرض الحرمين المملكة العربية السعودية الشقيقة
جوهرة العرب 

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
     

  الرئيس الأميركي دونالد ترمب توجه إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة في زيارة رسمية هي الأولى له إلى الخارج منذ عودته إلى البيت الأبيض، في مشهد يعيد إلى الأذهان زيارته الشهيرة عام 2017، حين إختار الرياض نقطة إنطلاق ولايته الأولى، وهذه المرة تأتي الزيارة في سياق سياسي مختلف، إذ تقود السعودية اليوم سياسة خارجية بدبلوماسية متطورة جدأ وأكثر إستقلالية، وتؤدي أدواراً إقليمية متقدمة في ملفات عدة، من الوساطة في النزاعات إلى إعادة ضبط العلاقات مع قوى كبرى، في المقابل، يعود ترمب محملاً بخبرة سياسية أوسع، ورغبة في إعادة ترتيب أوراق النفوذ الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، وستركز أجندة الزيارة على تعزيز الإستثمارات والتعاون الأمني ومناقشة ملفات إقليمية، في مقدمها الطاقة والدفاع والتقنيات النووية المدنية، ومن المنتظر أن تشهد الزيارة توقيع مجموعة إتفاقات نوعية تؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة الإستراتيجية، كما يُنتظر أيضا أن تشهد زيارة ترمب للسعودية توقيع إتفاقات إستراتيجية في مجالات الدفاع والطاقة إلى جانب إتفاقات إقتصادية تعكس توجهات واشنطن نحو تعزيز شراكاتها الإستثمارية مع الرياض، كما أن الزيارة تأتي في توقيت يختلف جذرياً عن فترته الرئاسية الأولى، خاصة وأن الظروف تغيرت، والتحديات ألتي تواجهها السعودية ومنطقة الشرق الأوسط لم تعد كما كانت سابقاً، كما أن أبرز الملفات ألتى ستكون حاضرة في هذه الزيارة تتمثل في الصفقات الأمنية والتسليحية وتوطين الصناعة العسكرية داخل السعودية، إلى جانب تعميق الشراكة الإقتصادية بين الرياض وواشنطن، خصوصاً في مجالات الإستثمار والتكنولوجيا والذكاء الإصطناعي، وكان أول إتصال دولي أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد توليه منصبه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في دلالة على قوة ومتانة العلاقة بين البلدين، وتبقى تأكد السعودية بأنه على هذا الأساس ترغب في توسيع إستثماراتها في أميركا بمبلغ 600 مليار دولار خلال الأعوام الأربعة المقبلة، مع إمكانية زيادتها إذا أتيحت فرص إضافية، ويبقى هناك تأكيد بأن السعودية تمتلك برنامجاً ضخماً للإستثمار في الولايات المتحدة وغيرها، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية ترى في المملكة العربية السعودية شريكاً لا يمكن الإستغناء عنه في إعادة ضبط البنية الأمنية للمنطقة، بخاصة مع تراجع النفوذ الإيراني والدخول في مفاوضات غير مباشرة مع أميركا، وكمراقب ومتابع أقول أن العلاقة بين العاصمتين الرياض وواشنطن مبنية على تبادل المصالح لا على الخضوع أو التبعية، فالسياسة الأميركية سواء من قبل ترمب أو غيره، تدرك أهمية السعودية كحليف إستراتيجي في مواجهة التهديدات الإقليمية والدولية كالإرهاب، ويقال بأنه على هامش زيارة الرئيس الجمهوري للخليج تستضيف العاصمة الرياض منتدى الإستثمار السعودي ـــ الأميركي وبحضور رفيع المستوى يضم قادة المال والأعمال من الجانبين، في إحتفاء بشراكة إقتصادية واستثمارية قاربت على إتمام قرنها الأول، والولايات المتحدة الأميركية تمثل أكبر مصدر للإستثمار الأجنبي المباشر في السعودية، بحجم إستثمارات يقدّر بنحو 57 مليار دولار، متصدرة بذلك قائمة الدول المستثمرة في السعودية بنسبة 23 في المئة من إجمال الإستثمار الأجنبي المباشر، وفي المقابل تمتلك الرياض إستثمارات كبيرة في الولايات المتحدة الأميركية تشمل سندات الخزانة الأميركية ألتي بلغت نحو 127 مليار دولار في شهر شباط / فبراير الماضي، وغيرها من الأصول المالية الأميركية، إلى جانب ذلك بلغت إستثمارات " السيادي السعودي " في الأسهم الأميركية نهاية عام 2024 ما قيمته 26.8 مليار دولار، وفقاً لتقرير مقدم إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، وعودة ترمب للمنطقة تعني عودة الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط بعد أنكماش شهدته خلال فترة الرئيس بايدن، وهي عودة تأتي من بوابة الرياض، عبر تعاونات إقتصادية وعسكرية وأمنية وثيقة خاصة أن السعودية اليوم تعد دولة فاعلة، وأصبحت الحليف المفضل لأميركا، كونها تملك علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف، وتحركت بديناميكية وبدلوماسية فائقة ومهنية عالية في قضايا مثل الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، ودورها في وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، وتشير التقديرات إلى إمكان الكشف عن إتفاق أولي للتعاون الطويل الأمد في مجال الطاقة والتكنولوجيا النووية المدنية بين البلدين، وهو ما كان قد ألمح إليه وزير الطاقة الأميركي كريس رايت خلال زيارته الرياض في شهر نيسان / أبريل الماضي، مؤكداً أن الجانبين يقتربان من إبرام إتفاق في مجالات الطاقة والتقنيات النووية السلمية، ويرى بعض المراقبين وأنا واحداً بأن اللقاء الذي تم اليوم بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب يأتي في لحظة فارقة، تشهد فيها المنطقة تحولات متسارعة تفتح الباب أمام تفاهمات أوسع في قضايا معقدة، من أبرزها التصعيد في غزة والأنفتاح على إيران والحرب الدائرة في أوكرانيا، إلى جانب الملف اليمني، وكذلك سيكتشف الطرفان السعودي ولأميركي خلال هذه الزيارة التاريخية أن الواقع تغير كثيراً مقارنة بفترة الرئاسة الأولى لدونالد ترمب، إذ طرأت تطورات جوهرية على مواقف ومواقع كلا الجانبين، هذا طبعا وأن الزيارة تأتي في وقت حساس تشهد فيه المنطقة تغيرات إستراتيجية، وأن إستمرار الخلاف بين الرياض وواشنطن في شأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، إذ لا تزال السعودية متمسكة بموقفها بقيام دولة فلسطينية كشرط أساس لأي تطبيع، هذا وتبقى السعودية تسعى إلى مساعدة سوريا في ملف العقوبات حيث أعلن الرئيس ترمب إلغاء العقوبات عن سوريا من الرياض، لا سيما تلك المفروضة بموجب قانون " قيصر "، وفي ما يتعلق بالشق العسكري، كانت قد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أخيراً عن صفقة عسكرية مع السعودية تتضمن صواريخ جو ــ جو متطورة متوسطة المدى من طراز إىM ــــ 120Cـــ 8، إضافة إلى عناصر لوجستية ودعم برامجي ذي صلة، بكلفة تقديرية تبلغ 3.5 مليار دولار، وتجهز الولايات المتحدة أخيراً صفقة أسلحة للسعودية تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار، كما أن الأقتراح كان من المقرر الإعلان عنه خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرياض، وصفقة التسليح تتضمن أيضاً طائرات مقاتلة ومسيّرات وصواريخ وأنظمة رادار متطورة من شركات أميركية رائدة مثل لوكهيد مارتن و بوينغ وجنرال أتوميكس، وتهدف هذه الصفقة إلى دعم القدرات الدفاعية السعودية في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، وهذه الزيارة تعيد إلى الأذهان اللقاء التاريخي الذي مهد لعقود من الشراكة الإستراتيجية بين الرياض وواشنطن وجمع الملك عبد العزيز آل سعود والرئيس الأميركي فرنكلين روزفلت على متن يو أس أس كوينسي عام 1945 وارتكز على المصالح المشتركة في مجالات الطاقة والأمن والأستثمار، وبينما يحمل الرئيس الجمهوري ترمب رؤية لإعادة نهضة الأقتصاد الأميركي، خصوصاً في مجال الصناعة، تتقاطع مع رؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان 2030، ألتى تهدف لتنويع الأقتصاد وتوطين الصناعات الوطنية وهذا ما لمسته من زيارتي الاخيرة للعاصمة الجميلة الرياض، ومن جهة أخرى طورت الرياض خلال نصف العقد الماضي شبكة علاقات إقليمية ودولية أكثر تنوعاً واستقلالية، حيث كانت قد عززت من موقعها كلاعب فاعل في المشهد الإقليمي والدولي، ومن جهة أخرى يعود ترمب إلى البيت الأبيض وهو في موقع داخلي وخارجي أقوى مما كان عليه في ولايته الأولى، مدعوماً بخبرات وتجارب تراكمت خلال الأعوام الماضية، لذا سيحمل اللقاء أبعاداً سياسية عميقة تعكس تطور العلاقة نحو شراكة متكافئة تقوم على تبادل المصالح، وتقرأ الزيارة بإعتبارها محاولة أميركية لإعادة تثبيت النفوذ في المنطقة عبر بوابة الرياض، وسط تنامي الدور السعودي كوسيط موثوق في ملفات شائكة، وشريك إقليمي فاعل في توازنات القوى الدولية، وتعد زيارة مفصلية وتاريخية خاصة وأن إختيار المملكة العربية السعودية كأولى وجهات ترمب الخارجية يعكس حجم الثقة ألتى تتمتع بها الرياض، ومكانتها المركزية في التوازنات الجيوسياسية العالمية، منوهاً بأنها ستعيد تشكيل ملامح العلاقة بين البلدين، وتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون السياسي والاقتصادي، واللقاء بين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي سيتم بحث ملفات حيوية في المنطقة، أبرزها القضية الفلسطينية والملف الإيراني ومستقبل اليمن وسوريا، خاصة و أن السعودية باتت اليوم أكثر تأثيراً بفعل التحولات الإقليمية ألتي واكبت سياستها الخارجية خاصة وأن الرئيس ترمب يزور منطقة تغيرت كثيراً عن فترة ولايته الأولى، هذا طبعا وتتزامن زيارة الرئيس الأميركي مع تصاعد التوترات حول النفوذ الإقليمي الإيراني، وتقدّم المحادثات النووية الجارية بين طهران وواشنطن في مسقط، إلى جانب عدد من الملفات الإقليمية الأخرى، ويطرح الرئيس الجمهوري رؤية لنهضة الأقتصاد الأميركي لا سيما في مجال الصناعة، وتستضيف الرياض منتدى الإستثمار السعودي ـــ الأميركي بحضور رفيع المستوى يضم قادة المال والأعمال من الجانبين، وبحسب البيت الأبيض تركز أجندة الزيارة على تعزيز الإستثمارات والتعاون الأمني ومناقشة ملفات إقليمية، في مقدمها الطاقة والدفاع والتقنيات النووية المدنية، ومن المنتظر أن تشهد الزيارة توقيع إتفاقات نوعية تؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.