رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

في جولته الخليجية ترمب يضع إيران أمام واقع جديد في الشرق الأوسط

في جولته الخليجية ترمب يضع إيران أمام واقع جديد في الشرق الأوسط
جوهرة العرب 
المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
    جولة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخليجية مؤخراً تشكل إختباراً حقيقياً لمستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي في المشهد الجيوسياسي سريع الخطى اليوم، ومع زيارة ترمب إلى المنطقة فقد أرتفعت التوقعات، إذ اُعتبرت نقطة تحول في إعادة تشكيل كيفية تعامل أميركا مع الشرق الأوسط، ومن أجل بناء الثقة مع دول الخليج العربي من جهة، وتفادى الإصرار الأميركي على مسألة التخصيب الصفري من جهة أخرى وألتى تعد إحدى النقاط الخلافية في المفاوضات في شأن البرنامج النووي الإيراني الجارية في سلطنة عُمان، فقد عملت إيران على إقتراح تشكيل " كونسورتيوم "، أي إتحاد إقليمي بينها وبين السعودية والإمارات لتشغيل وإدارة منشآت مشتركة لتخصيب اليورانيوم، ولكن على الأراضي الإيرانية، وهي خطوة تهدف إيران من ورائها إلى إقناع واشنطن بأحتفاظها بعملية التخصيب حتى لو في مستويات منخفضة، لكن تحت رقابة خليجية وأميركية، ويمكن القول بأن هناك واقع جديد يتشكل في الشرق الأوسط ومن مؤشراته جولة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على دول في الخليج العربي وتأكيده العلاقات القوية والإستراتيجية بين بلاده والسعودية وقطر والإمارات، لتنعكس هذه العلاقة على رسم ملامح جديدة للمنطقة، وبخاصة في ما يتعلق بإيران، وإيران ألتي تعمل جاهدة لبناء علاقات واضحة وشفافة مع الجميع بدبلوماسيتها المتطورة تعي اليوم جيداً بأن الواقع الجديد الذي يتشكل في وقت ضعف فيه مشروعها الإقليمي من خلال ضربات إسرائيلية عدة طاولتها وطاولت حلفائها في المنطقة عقب عملية طوفان الأقصى، ومع ذلك كان إتفاق المصالحة السعودي ــ الإيراني الذي جرى بوساطة صينية في اذار/ مارس 2023 الماضي، نقطة إنطلاق لها في محاولة تفادى تأثيرات سلبية أكبر عليها، ولا سيما مع عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض، ومن ثم فقد حرصت طهران على إستمرار تحسن العلاقات بينها وبين الرياض لتيقنها من زيادة النفوذ السياسي والأقتصادي لدول الخليج، إذ يمكن للسعودية أن تلعب دوراً في تحسين العلاقات بين طهران وواشنطن من جهة، ومن جهة أخرى يمكن أن تستفيد إيران إقتصادياً من تحسن العلاقات مع دول الخليج العربي في إطار إجراءات بناء الثقة، ومع أن الفكرة ليست حديثة وطرحت في السابق ومنذ عقود، فقد تكون هناك تخوفات من قبل دول الخليج العربي أو حتى الغرب من فكرة أنه بإمكان إيران في حال إنشاء إتحاد إقليمي أن تصادر المنشآت وتطرد الموظفين والمراقبين من أراضيها، لكن وعلى الرغم من غلبة الرأي داخل إيران والذى يرى إمكان إستفادة الأخيرة من العلاقات الأميركية ــ الخليجية سواء على المستوى الإقتصادي أو على مستوى تجنب التهديدات العسكرية الأميركية، وفي زيارتي الأخيرة قبل أسبوعين للعاصمة الجميلة طهران وجدت تياراً آخر ينظر إلى قوة هذه العلاقات بصورة سلبية، فيعتبر أن هناك لوبياً عربياً أكثر قوة من إسرائيل يسعى إلى تقييد إيران في المفاوضات النووية بإستخدام النفوذ الإقتصادي والدبلوماسي، مع أتباع نهج عدم إثارة حساسية طهران قدر الإمكان وأخذ ضمانات أمنية منها، وهذا الرأي ربما يكون نابعاً من التشكك التقليدي الذي إعتادته العقلية الإيرانية في محيطها وتصور الأخطار من قبل جيرانها، فإيران تدرك جيداً حرص دول الخليج العربي على عدم جر المنطقة إلى حرب شاملة، وبخاصة معها، وأن أهم أولويات الخليج الأمن والأستقرار الإقليمي، خصوصاً في ظل خطط التطوير والتنمية الإقتصادية ألتي تشهدها، وأنه لولا قبول دول الخليج بسياسة دبلوماسية الجوار ألتى إنتهجتها إيران لما حدث تحول في سياسة ترمب عن ولايته السابقة، والأنتقال من مسار المواجهة إلى الدبلوماسية، وإيران في ظل التغيرات الإقليمية تلك ليس أمامها سوى المسار الدبلوماسي للتعامل مع برنامجها النووي بصورة يمكن التحقق منها من دون الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة، والأفضل لها أن تستفيد من توافق إستراتيجيات الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج تجاهها، والذي من شأنه تقليل المخاوف الإقليمية حيال سباق التسلح، مما ينتج إطاراً أمنياً يكون فيه الترابط الإقتصادي عاملاً من عوامل الإستقرار، كما قلنا من قبل تبقى تشكل جولة ترمب الخليجية إختباراً حقيقياً لمستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربي في المشهد الجيوسياسي سريع الخطى اليوم، ومع زيارة ترمب للمنطقة أرتفعت التوقعات، إذ أعتبرت نقطة تحول في إعادة تشكيل كيفية تعامل أميركا مع الشرق الأوسط.