مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تتجدد الأسئلة حول شعيرة الأضحية، تلك السنة العظيمة عن أبينا إبراهيم عليه السلام وعن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام والسنة يثاب فاعلها ولايعاقب تاركها ،فالأضحية يجتمع فيها المسلمون على طاعة الله وذكره، وتقسيم اللحم تقربًا ورحمة بالفقراء. لكن يبرز تساؤل يهم شريحة واسعة من الناس : هل يجب على المسلم أن يستدين ليضحي؟
الأضحية، كما هو معلوم، سنة مؤكدة في حق الموسر عند جمهور العلماء. وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ضحى بكبشين أملحين، أحدهما عنه والآخر عن أمته.
وأوجبها بعض أهل العلم :
كما روى أحمد أن النبي قال: "من كان له سعة ولم يضح، فلا يقربن مصلانا." فهي واجبة على القادرالمستطيع ، ومن لم يفعلها فإنه سيسئل عنها أمام الله يوم القيامة لأنه بخل بها.
ولا خلاف بين العلماء في أن الأضحية شعيرة من شعائر الله ، قال تعالى : "ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ".
لكن هل يجوز أن يستدين المسلم لأجلها؟
الفقهاء فرقوا في ذلك. فإن كان المسلم قادرًا على سداد الدين، ويعلم من حاله أنه لن يُثقل كاهله، فلا بأس أن يقترض بنية الأضحية، خاصة إذا كانت نيته تعظيم شعائر الله، وقد ورد عن بعض الصحابة مثل أبي سريحة أنهم كانوا يفعلون ذلك.
أما إن كان الدين سيزيد من أعبائه المالية، أو يخشى أن يتأخر في السداد، فإن الأولى له ألا يستدين، لأن الله تعالى يقول: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا." فلا يحمّل الإنسان نفسه ما لا يطيق، خصوصًا في عبادات يُراد بها الرحمة والتوسعة، لا الضيق والعنت.
وهنا تبرز الحكمة من هذه الشعيرة: فالأضحية شكر لله من القادر، لا عبء على الفقير. كما أن نية الخير، وإن لم تقترن بالفعل، لا تضيع عند الله. فكم من إنسان حُرم من الأضحية لظروفه، لكنه نال أجرها بنيته الصادقة.
فلنجعل من الأضحية بابًا للسكينة لا بابًا للديون، ولنُعظِّم شعائر الله بما نقدر عليه، لا بما نعجز عنه.