في الخامس والعشرين من أيار من كل عام، نحتفل بعيد الإستقلال، وها نحن اليوم نعيش الذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، ذكرى العز والفخر، والإنجازات التي خطّها الأردنيون بقيادتهم الهاشمية، وبسواعد هذا الشعب الوفيّ، الذي لا يعرف الانكسار.
عيد الاستقلال ليس مجرد مناسبة وطنية تمرّ، بل هو يوم مجيد يحمل في طياته معاني الكبرياء والتضحية، ويستحضر مسيرة وطن لم يعرف المستحيل. ففي مثل هذا اليوم من عام 1946، أعلن الأردن تحرره من الانتداب البريطاني، ليبدأ رحلة بناء وطن مستقل، بقيادة المغفور له الملك عبدالله الأول بن الحسين، مؤسس الدولة وباني أركانها.
استطاع الأردن، بقيادته الهاشمية المتعاقبة، أن يرسم خلال تسعة وسبعين عاماً ملحمة من التقدم والبناء، وبالرغم من قلة الموارد وتحديات الجغرافيا والسياسة. كان الأردن، وسيبقى، منارة للاستقرار في محيط مضطرب، وواحة أمن وسلام تتفيأ ظلالها شعوب الجوار.
ومنذ تأسيسها، كانت الأردن النصير المخلص للأشقاء العرب في كل المواقف، وخصوصاً في دعمها الثابت والمبدئي للقضية الفلسطينية، التي اعتبرها الأردن دوماً قضيته المركزية. فقد قدّمت الكثير من التضحيات، دمًا وموقفًا، من أجل فلسطين والقدس، وظلّت ولا تزال الحامية للمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، من خلال الوصاية الهاشمية، التي تشكّل صمام أمان لهوية المدينة المقدسة.
وما كان لهذا الوطن أن يصل إلى ما هو عليه اليوم من نهضة وتماسك لولا التفاف شعبه حول قيادته الهاشمية. فالشعب الأردني أثبت، في كل محنة ومرحلة، أنه شعب لا يلين، يواجه التحديات بالعزم والإرادة، ويصنع الإنجاز بالصبر والعمل. من على ثرى الكرامة، إلى ميادين التقدم والتنمية، كان الأردنيون دائماً في المقدمة، يبنون ويحمون، يقدمون الغالي والنفيس من أجل رفعة وطنهم.
وهنا ومن باب المسؤولية، فإن واجبنا كمواطنين لا يقتصر على الاحتفال بهذه المناسبة العزيزة، بل علينا مسؤولية كبيرة تجاه هذا الوطن. يجب أن نعزز قيم الانتماء والعمل الجاد، وأن نكون شركاء حقيقيين في مسيرة البناء والتحديث، كلٌّ في موقعه، طالباً، عاملاً، معلماً، أو جندياً. فالوطن بحاجة إلى كل يد مخلصة، وإلى كل فكر نير، وإلى كل قلب ينبض حباً له. إن الحفاظ على أمنه واستقراره، وأن يساهم في تطوره وازدهاره، وهي أمانة في أعناقنا جميعاً.
إن احتفالنا بالعيد التاسع والسبعين للاستقلال، هو تأكيد على أن الأردن ماضٍ في مسيرته بثقة وثبات، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي يواصل حمل الأمانة، ويسعى دوماً إلى رفعة الأردن وازدهاره، وتعزيز مكانته إقليمياً ودولياً.
كل عام والأردن بخير… كل عام والوطن في قلوبنا نبض لا يخبو… كل عام ونحن نحتفل بوطن كتب تاريخه بالبطولات، وصاغ مستقبله بعزيمة لا تلين.
عاش الأردن، حراً أبياً، وعاشت رايته خفاقة في سماء المجد.