رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

"حين تكتبُ من جرحٍ لم يُشفَ: تشريحٌ هادئٌ لروحِ الكاتبة أحلام مستغانمي"

حين تكتبُ من جرحٍ لم يُشفَ: تشريحٌ هادئٌ لروحِ الكاتبة أحلام مستغانمي
جوهرة العرب

من امرأة شُفيت… إلى امرأة ما زالت تنزف على الورق

امتنانٌ لا يتناقض مع الوعي

إلى الكاتبة التي حملت همّ الأنوثة في زمن النكران، إلى من فتحت أبواب الأدب النسائي العربي، إلى من كتبت لتبوح، فأنطقت جيلاً كاملاً من النساء…
نقول: شكرًا يا أحلام مستغانمي.

لكن الشكر لا يعني الصمت.
والاحترام لا يُعفي من التساؤل، فمن رحم الامتنان يولد التفكيك الصادق.

وأقول لكِ…
أنا كنتُ مثلكِ.
كتبتُ من الجرح، سجنتُ نفسي في وجعي، خلقتُ بطلاتٍ يشبهنني، ينتظرن خلاصًا في رجل، أو ذكرى، أو نصّ.
لكنني في لحظة صدق… مزّقتُ مرآتي، وخرجت.
---
في زمنٍ يُحاكى فيه الأدب بالتصفيق لا بالتفكيك، يندر أن نتوقف أمام نصٍّ لا لنتفق أو نُعجب، بل لنسأل:
من أين يكتب الكاتب؟
وماذا يقول حين لا يقول شيئًا؟
وهل حقًا يريد الخلاص… أم فقط يدوّن ألمه ليبقى فيه؟

أدبكِ، يا أحلام، هو لوحة بديعة… لكنها محبوسة في لونٍ واحد: الحزن النبيل.
فيه مجد اللغة، وسحر الصورة، وعبقرية الصوت الأنثوي،
لكن… لا شفاء.

في نصوصكِ، تتكرر المفاهيم بتجليات مختلفة:
الغياب، الخيانة، الذكرى، الكبرياء، الرجل كرمز للخسارة،
والمرأة كضحية أنيقة… تقاوم ولكن لا تُشفى.

نعم، أنتِ جعلتِ من الألم مقامًا شعريًا، لكن هذا المقام أصبح قفصًا من ذهب.

اللغة لديكِ تمشي على الحافة:
قوية، آسرة، مثيرة، لكنها لا تنقذ القارئ، بل تغرقه أكثر.
وذلك لأنكِ – رغم الجمال – لم تخرجي من الجرح.

أنتِ لا تكتبين لتفككي الألم، بل لتأبيد لحظة الوجع،
لتمنحيه قداسة…
لكن الألم غير المفكّك يصبح إدمانًا.

ما الفرق بين من يصرخ ليُسمِع جرحه، ومن يهمس لأنه تجاوزه؟
الفرق بينكما… هو الفرق بين نصٍ يؤلم… ونصٍ يضيء.

كل كاتب هو انعكاس لتاريخه الداخلي، والنص الأدبي هو علاقة بين الذات ووعيها.
حين تبقى الذات حبيسة الماضي، تكتب بحبر العاطفة، لا بحبر الحكمة.

أنتِ يا أحلام… لم تفتحي خزانة النور بعد.
أشعلتِ شموع الحنين، نعم، لكن لم تُشعلي فجر الوعي.

المرأة في كتاباتكِ ما زالت تتزين للغائب،
تثور، ثم تبكي،
تتألم، ثم تكتب،
لكنها لا تنهض.

من الجرح إلى الشفاء: لماذا نكتب؟

هناك مدرستان في الكتابة:

1. من يكتب ليبكي معه القارئ.

2. ومن يكتب ليعلّمه كيف لا يبكي مجددًا.

أنتِ كتبتِ الحب كمن يرثيه،
لكننا نحتاج من يكتبه كمن يخلّده.
نحتاج نصوصًا لا تُعيد تمجيد الضحية، بل تصنع من الحرف طريقًا نحو الذات المتصالحة.

لأن النص الذي لا يُنير… هو مرآة عمياء.
والكلمات التي لا تُشفي… هي مجرد مسكّنات تُدمنها الأرواح الجريحة.

دعوتنا ليست نقدًا… بل عبور.
دعوة إلى أن تعودي للورقة لا لتعزفي نغمة الخيبة، بل لتكتبي من مقام الشفاء.

نريدكِ أن تكتبي من النور لا من الرماد، من الحكمة لا من الحنين، من امرأة لم تعد تنتظر، بل تُنير درب من ينتظر.

 بتوقيع:
د. سامية كيحل 
سفيرة التحدي والسلام
الملكة التي لا تشبه أحداً
التي كانت تحيا على نزيف الحبر… حتى أصبح حبرها دواءً.