رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

أنا القصيدة… وحين أتكلم، يصمت الشعر" ملحمة النار والمعنى – إلى من يتجرأ على الرد بقلم: د. سامية كيحل

أنا القصيدة… وحين أتكلم، يصمت الشعر  ملحمة النار والمعنى – إلى من يتجرأ على الرد  بقلم: د. سامية كيحل
جوهرة العرب 


"أنا القصيدة… وحين أتكلم، يصمت الشعر" 
ملحمة النار والمعنى – إلى من يتجرأ على الرد
 بقلم: د. سامية كيحل 
الملكة – سفيرة التحدي والسلام
---
ولدتُ من شقوق البيان..
أنا الإعصار الذي نسي أن يعتذر
أنا التي تخلعُ الصمتَ عن فمِ الفجرِ وتُلقنهُ النشيدْ
أنا التي إنْ صاحتْ... تزلزلتِ الكتبُ ..
 وانتفضتِ القصائدُ من نعاسِها
أنا الغيابُ إذا حضر ..
والحضورُ إذا افترسَ الظلالْ
أنا تلك التي لا تُكتب... 
لكنها تكتبُ العالمَ على جدرانِ صرختها.

لا تُنادِني بإسمي... فإسمي لا يُقالْ
أنا هو الصوتُ الذي لا ينامْ
أنا الطوفانُ إذا قرّر أن يتكلمْ
أنا الإنفجارُ في صميمِ الفكرة
أنا عاصفةٌ تمشي على قدمين
وفي عينيها مرآةُ القيامةْ .

ما حاجتي لتاريخِ الأقلام؟
وأنا أزرعُ الأبجديةَ من تحتِ قدمي
وأقلبُ المنطقَ كما يُقلبُ الرملُ في كفِّ الخلودْ
من قال أنني امرأة؟
أنا الكونُ إذا ارتدى الغضبْ
أنا الثورةُ حين تخونها الشعاراتْ.

لا تسألني عن الحبِّ
فقلبي أكبر من هذه الكلمة الباهتة
وأعظم من أن يُسَكَّن في قافيةٍ مكسورةْ
أنا لستُ عاشقة…
أنا النار التي تعلّق قلبَها في السماء
وتُشعلُ المجراتِ لتكتب بها رسائلَها إلى الخلودْ.

كلما حسبوني انطفأتُ
كنتُ أعدُّ أصابعي من جديد
وأرسمُ خريطةَ القيامةِ القادمة.

أنا لا أصرخ…
أنا أبعثُ الرعودَ كي تفهمَ الصمتْ ..
أنا لا أكتب…
أنا أفتحُ للدهشةِ شريانًا ..
وأصنعُ من الحبرِ سيفًا ..
ومن القصيدةِ عرشًا يُخاطبُ المجاز.

أنا سامية…
لكنّكم لا تعرفون ماذا تعني الكلمة
أنا لستُ منكم…
أنا من زمنٍ لم يُولد بعد
من نارٍ لا تُشبه النارْ
ومن مجدٍ لا يحتملُ اسمي.
---
حين تعجز القصائد عن احتوائي

أنا القصيدةُ التي لمْ يكتُبْهَا نِزارْ 
أنا سيفُ الكلماتِ حينَ تثورُ النارْ 
أنا الدمعةُ التي رفضتْ أنْ تنكسرْ 
أنا البركانُ إذا ما خانَكَ الحبرُ وانتحر.

أنا التي نقشتْ على أفواهِ العدمِ: لا!
وسكبتْ على ليلِ الخذلانِ ألفَ نجمةِ ابتداءْ..
أنا الأنثى التي لا تُشبهُ ظلَّ القصيدةِ 
بل تكتبُ القصيدةَ كي تُشبهها القصائدُ.

أخطُّ وجعي قُبلةً على خدِّ اللغةِ ..
وأجعلُ الحروفَ ترتجفُ من فرطِ الكبرياءِ 
أهدمُ السكونَ، وأبني المعنى 
ثم أرمقُ الزمنَ بشموخِ أنثى لا تُهادن.

أنا القصيدةُ حين تكونُ القصيدةُ وطنًا
وحينَ تكونُ الخيانةُ نغمةً نشازًا
أنا الزلزالُ الذي لا يُقاسُ بالريختر
أنا الطوفانُ حينَ تُستباحُ الأنثى وتُجلدُ بلسانِ الشعراءِ!

أنا التي حرّضتُ القصائدَ أن تثور
وأطلقتُ على الزيفِ رصاصةَ المعنى ..
أنا التي قالت:
"شكراً يا نزار… أعطيتني سيفًا لأقاضيكَ به!"
---
لم يكتبني نزار 
لأني امرأة تُكسر الأقلام ولا تُحكى..
امرأة لا تُختزل في خصرٍ أو شَعر.

لم يحتملني درويش
لأني لم أكن بيتًا يُؤثث للحرب ..
بل كنتُ الحرب نفسها
أكتبني بندقية وجرحًا.

ولم يفهمني المتنبي
لأن الفخر عندي لا يُقال
بل يُمارس…
أنا الأنا التي لا تُعاش في بيت شعر..
بل تُخشى في صمت الصدى.
---
حين يتكلم الزلزال
أنا القصيدة التي سلخت الجلد عن اللغة 
وأعدت ترتيب الأبجدية حسب شهيتي.
أنا من خطّت بالحبر جرحها
وبالجرح هزّت تاريخ الشعراء.

أغني بلا لحن
أصرخ بلا صوت
وأكتب بلا قيد.

أنا التي إن غضبتُ…
انحنت المفردات 
وإن بكيتُ…
تصدّع الورق.

أنا القصيدة التي حين تنطق
تخرس اللغة 
ويعجز الشعراء عن الإعراب.
---
 نهاية الشعر تبدأ من صوتي.
أيها الشعراء…
دعوا عنكم التغزّل بالأطلال
دعوا أوهام الرجولة التي تُقاس بالقوافي.

أنا لم أُخلق لأُعجب
ولا لأُوصَف
ولا لأُحكى كأنني استعارة.

أنا من جئتكم بسيف البيان
ولسان الصاعقة
ويدٍ تكتب وتكسر.

فلتعلموا…
أن القصيدة التي تكتبني
تحترق..
وأن القلم الذي يصفني
ينكسر..
وأن أي شاعرٍ يقترب من مجدي
سيُعاقب بالخذلان من اللغة نفسها.
---
 أنا من يوقّع القصيدة لا باسمها… بل بنهايتها
وشكرًا يا نزار
أنت منحتني سيفًا
لا لأذبح به خصومي
بل لأشق به طريق أنثى
لا يكتبها شاعر…
بل تكتب هي الشعر
وتعيد تعريف الرجولة..
والحب.
والحياة.

وأما أنتم...يا من تتكئون على ريشة من حرير
وتكتبون بالمداد الباهت..
فلتعلموا أنني لست بيتًا منقوشًا على جدار الزمن..
بل أنا الزلزال حين يثور..
أنا العاصفة حين تعصف بحانات المجاز..
أنا أنثى لا تستجدي قافية
بل تُخضِع القافية لسطوة حضورها.

اكتبوا ما شئتم من سطور...
لكن تذكّروا
أن بين كل بيتٍ وبيتٍ…
هناك أنثى
كتبت نارها قبل أن تولد حروفكم
وتركت لكم الرماد.

الملكة_تتكلم
حين_يصمت_الشعر