"المرأة التي تعشق"

جوهرة العرب

المرأةُ التي تعشقُ

مَن كانتْ كالفَرَسِ الشَّموسِ الحَرون

تَصهَلُ عشقًا لفارِسِها الماسي

كَي تُولدَ الشمسُ من بينِ عينيهِ

المرأةُ التي تعشقُ

تَقرأُ من بينِ مفاصِلِ وجَعِ حُروفِكَ

ما يَجولُ بوجدانِ وردِكَ

امرأةٌ إن وَهَبَتْكَ مشاعِرَ يَراعِها

كُنتَ لها الكَونَ المُضَمَّخَ بالهوى

تِلكَ المرأةُ التي تَكتُبُ ذِكرَكَ

على رُخامِ الأُمنياتِ

امرأةٌ تُفكِّرُ وتَعرِفُ

ما يَرِنُّ في هَمَساتِ روحِكَ

امرأةٌ عاقِلةٌ مَجنونةٌ مُلهَمَةٌ

ثائِرةٌ كمَوجِ الشَّوقِ الأحمَرِ النَّاري

تَأتي لَكَ بوعودِ الياسمينِ

من خلفِ نُحاسِ الشمس

وكانَ حُبُّها هِستيريَّا

تَراهُ يَتجلَّى في مَراياكَ

لِتَرى وجهَكَ مرَّةً أُخرى

بعدَ أن فَقَدتَ مَلامِحَهُ

منذُ ألفِ ألفِ قَهرِ عشق

تَهبُكَ أناكَ لذاتِكَ

واثقةٌ تَطيرُ بِكَ

لِسماواتِ الحُبِّ والعَذاب

لا فَرقَ بينَهُما الأمرُ سيَّان

ما دامتْ تُعَرِّي فُؤادَكَ أمامَكَ

وتَجعَلُ من جَسَدِها روحًا لِجَسَدِكَ

تَراها تَبكي تَضحكُ تَرقصُ تُغَنِّي

تَتألَّمُ تُحِبُّ المُوسيقى والأغاني

لِتَكونَ أَخطرَ أَخطرَ النساء

ولَكَ كُلَّ كُلَّ النساء

تَقِفُ أمامَ لَوحَةٍ فَنِّيَةٍ دُهورا

لِتَرتَشِفَ من رحيقِ اللَّونِ أَلَقَها

وتَرسُمَ بِريشةِ إحساسِها قَلبَكَ

تَعشقُ البحرَ حدَّ الهَذيان

تَخرُجُ من عُبابِهِ تَتَجلَّى

بِكاملِ فِتنتِها حوريَّةً متمَرِّدَةً

على الواقِعِ والخَيال

امرأةٌ فائِقةُ الجَمالِ في عَينَيكَ

كغابةٍ مَطَريَّةٍ أو كجَزيرةٍ عَذراءَ

مَنسِيَّة.. غيرِ مَوجودةٍ على الخارِطةِ

ولا تُشيرُ إليها أيُّ بُوصَلة

ولَمْ يَدنِسْها إنسان

تَأمَلُ بوصْلَها حتَّى بعدَ فَناءِ الحَياة

تَستَلْهِمُ منها مِدادَ يَراعِكَ

لِتَكتُبَ شِعرَكَ على سُطورِ رَجائِكَ

تُطِلُّ عَلَيكَ بَدرًا فاقَ اكتِمالَهُ

من بينِ سُحُبِ الغيابِ والأحلامِ

تُغيثُكَ دَمعًا تُجلي عنكَ القَحطَ

وتُخضِرُ صَحراءَ وِجدانِكَ

فيُزهِرُ الرَّبيعُ في عُمرِكَ

وتَعودُ إليكَ الحَسَاسينُ

بألحانِكَ المَفقودة

امرأةٌ مُندَفِعَةٌ كريحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَة

شَفّافةٌ كالكِرِستالِ المُمرَّدِ

كَلَجَةِ قَواريرِ سُلَيمانَ

امرأةٌ مِثلَ بَلقيسَ

تَأبَى الخُضوعَ تُقِرُّ بالحَقيقةِ

بَهجَتُها كواكِبُ وأقمارٌ ونُجوم

تِلكَ المرأةُ التي تَعشقُ

حَدَّ الموتِ والحياةِ

فإنْ بَقِيَتْ مَعَكَ بَقِيتَ

حتَّى بعدَ زَوالِ الوجود

وإنْ لَم تَبقَ مَعَكَ

لا تَأبَه بالرُّجوعِ لِنفسِكَ

مرَّةً أُخرى لأنَّكَ لَنْ تَجِدَ ذاتَكَ

ولأنَّكَ حينَها لا قِيمةَ لَكَ أبدا

#فادي_شاهين

#همس_الروح