في حوارٍ مميز مع الدكتور طالب بن محمد البلوشي، أحد أبرز الأسماء في الساحة الفنية العُمانية، والذي استطاع أن يترك بصمة واضحة في عالم التلفزيون والسينما، توقفنا عند محطات مهمّة في مسيرته، واستطلعنا رؤيته حول واقع الفن العُماني، وطموحاته المستقبلية.
⸻
نبدأ من البداية دكتور طالب، كيف تصف انطلاقتك الأولى في مجال الفن؟
كانت بدايتي بدافع الشغف، فقد كنت مولعًا بالمسرح منذ أيام الدراسة. ثم تطورت الموهبة بالدراسة والتجربة، ووجدت نفسي أكثر قربًا من الكاميرا وشغوفًا بالتعبير عن الإنسان والمجتمع من خلال الصورة والصوت. كانت تجربة التلفزيون والسينما خطوة طبيعية في مساري، وأعتز بكل عمل شكّل جزءًا من هذه الرحلة.
⸻
ما الذي جذبك إلى عالم السينما والتلفزيون؟ ولماذا اخترت هذا المسار بالتحديد؟
الفن البصري يحمل قدرة هائلة على التأثير. التلفزيون يوصل الرسائل إلى كل بيت، والسينما تخلّد التجارب والمشاعر. اخترت هذا المجال لأنه الأقرب إلى الإنسان، وهو مساحة تعبيرية لا حدود لها، تعكس ثقافة المجتمع وتُسهم في وعيه وتطوره.
⸻
كيف ترى واقع الدراما العُمانية اليوم؟ وهل نعيش مرحلة تطور حقيقية؟
الدراما العُمانية قطعت أشواطًا جيدة، ولكن لا تزال في بداية الطريق نحو الاحترافية الشاملة. هناك جهود كبيرة تُبذل، لكننا بحاجة إلى دعم إنتاجي، وتوسيع نطاق المشاركات الخليجية والعربية، وخلق بيئة جاذبة للمواهب الشابة، سواء أمام الكاميرا أو خلفها.
⸻
شاركت في أعمال تلفزيونية وسينمائية، هل هناك فرق بين المجالين من حيث الأداء والتحضير؟
بالتأكيد، لكل مجال خصوصيته. التلفزيون يحتاج سرعة في الإيقاع، بينما السينما تتيح تعمقًا أكبر في الشخصية، وتفاصيل أدق في الإخراج والصورة. شخصيًا أجد متعة في كلا الجانبين، لكن للسينما سحر خاص، فهي تمنحك وقتًا للتفكير في كل مشهد وكلمة.
⸻
ما هو الدور الأقرب إلى قلبك حتى الآن؟ ولماذا؟
قدّمت العديد من الأدوار، لكن هناك شخصية جسدتها في أحد الأعمال الوطنية، وكانت تعكس صراع الإنسان مع قناعاته في ظل تحولات المجتمع. هذا الدور لمسني على المستوى الشخصي والإنساني، لأنه خرج من القلب ووصل للناس بصدق.
⸻
بصفتك دكتورًا وفنانًا، كيف توفّق بين الجانب الأكاديمي والعملي؟
التوفيق بين الاثنين صعب لكنه ممكن. الدراسة والبحث الأكاديمي يمنحان الفنان وعيًا أعمق بأدواته، ويضيفان بعدًا فلسفيًا وفكريًا لأعماله. وأنا أحرص دائمًا على أن تكون معرفتي الأكاديمية في خدمة الفن، وليس العكس.
⸻
ما هي التحديات التي تواجه الفنان العُماني اليوم؟
التحدي الأكبر هو غياب الإنتاج المستدام والدعم المؤسسي. كما أن قلة فرص التدريب العملي، وانحصار التجارب داخل الإطار المحلي، يضعف من الاحتكاك والتطور. نحتاج إلى مؤسسات إنتاجية تؤمن بالفن كقيمة ثقافية واقتصادية.
⸻
هل تطمح لتجارب تمثيلية خارج سلطنة عمان؟
بكل تأكيد. الانفتاح على التجارب العربية والخليجية يُثري الفنان ويمنحه آفاقًا جديدة. وأتمنى أن أمثّل سلطنة عمان في أعمال عربية أو دولية، وأن أقدّم صورة واقعية وجميلة عن الإنسان العُماني وهويته الأصيلة.
⸻
أخيرًا.. ما الكلمة التي تود أن توجّهها لجمهورك ومحبيك؟
أقول لهم: شكرًا من القلب على محبتكم وثقتكم. أنتم الدافع الحقيقي وراء كل خطوة أقدم عليها. وأدعو كل شاب يملك الموهبة أن يؤمن بنفسه، وأن يثابر، فالفن ليس فقط شهرة، بل هو مسؤولية ورسالة تحتاج إلى صبر وشغف دائم