رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

الجلسات الموازية الثالثة.. عن التقارير الوطنيّة والدوليّة وما الذي غيّرته ومنصة بلينكس والإعلام في خدمة المجتمع المدني

الجلسات الموازية الثالثة.. عن التقارير الوطنيّة والدوليّة وما الذي غيّرته ومنصة بلينكس والإعلام في خدمة المجتمع المدني
جوهرة العرب 
مراسلون بلا حدود: المملون يضغطون على الصحفيين لتمرير أجندتهم
منصة "بلينكس" : نمنح الشباب فرصة تجريب أفكارهم وفق أسس الصحافة
الإعلام والمجتمع المدني ... شراكة ضرورية يقيّدها ضعف الاحترافية والقيود


شهد اليوم تنظيم عددٍ من الجلسات الموازية التي تناولت قضايا محوريّة تعكس تنوّع المشهد الإعلامي وتقاطعه مع قضايا المجتمع. فقد بحثت إحدى الجلسات دور الإعلام في خدمة المجتمع المدني كأداة للتمكين والتغيير، فيما ناقشت جلسة أخرى أهمية التقارير الوطنيّة والدوليّة وما الذي غيّرت، كما خصصت جلسة لبحث آفاق صناعة المحتوى والمشاهير ودورهم في تشكيل الرأي العام وإعادة تعريف العلاقة بين الإعلام والجمهور.

ماذا غيّرت التقارير الوطنية والدولية ؟ 

عُقدت جلسة بعنوان " التقارير الوطنية والدولية ماذا غيرت وماذا فعلت؟" شارك فيها الإعلامي وخبير حقوق الإنسان والمجتمع المدني فادي القاضي، والأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود مارتن فاسيرمير، وأدارتها الإعلاميّة ميس النوباني.
وتناول القاضي الحديث عن المؤشرات وأدوات التحسين في حرية الصحافة، قائلًا إن هذه الدراسات تهدف لتكون أداةً للتغيير، فهي ليست قضية صحفية فحسب بل قضية مجتمعية ويجب لفت انتباه الري العام لها، بالإضافة إلى أنها تعتمد على منهجية واضحة للقياس. 
وأشار إلى الانطباع السائد في الدول العربيّة عن مثاليّة حريّة الصحافة في الغرب وانهيارها كمعيارٍ هناك، خاصةً مع صعود اليمين المتطرّف في أوروبا، موضحًا وجود تلاعبٍ منهجيٍّ في التقارير الصادرة منهم، مستشهدًا بالحالة الإسرائيليّة كمثالٍ على ذلك.
وعن دور المؤسسات الحقوقية الدوليّة في وقف استهداف وقتل الصحفيين خاصة في غزة واليمن لفت إلى أنَّ هناكَ دعمًا يُقدَّمُ لهم وحواراتٍ تجري حول وضع الإعلام في هذه المناطق. 
وبدوره أشار فاسيرمير إلى أنَّ التقارير يجب أن تتوخى المصداقية والحياد، لافتًا إلى أنَّ هناك جهاتٍ غير الحكومات تمارس الضغط على الصحفيين مثل؛ الممولين لتمرير أجندتهم من خلالها.
وقال إن المؤسسات المعنية بحرية الصحفيين، مثل مراسلون بلا حدود، تستند في مراقبتها إلى مؤشراتٍ واضحة، من بينها آراء الخبراء والأكاديميين، وبيانات المؤسسات الإعلامية، ومنظمات المجتمع المدني. كما تخضع هذه المؤشرات لتحليل معمّق ضمن سياقات متعدّدة؛ سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية، تأخذ بعين الاعتبار دور الصحافة في المساءلة، والإطار التشريعي الناظم للعمل الإعلامي، إضافة إلى معايير السلامة وحماية الصحفيين.
وفي مداخلةٍ لها، تحدثت سفيرة النمسا في الأردن ماريكيه تسيمبورغ عن حرية الإعلام وواقعه الذي وصفته بالصعب وما يتعرض له من ضغطٍ وتوجيهٍ سياسيٍّ أحيانًا، مطالبة بوجود إعلامٍ "ذي جودة".

المحتوى والمشاهير

وانعقدت جلسةٌ بعنوان "صناعة المحتوى والمشاهير" تناولت حوارًا مع منصة بلينكس شاركت فيها الصحفية المتخصصة في مجال الترفيه والإعلام الرقمي هبة زينو، والصحفي ومنتج الأخبار اليومية إياد شعشاعة.
 ووضح كلٌ من زينو شعشاعة أن المنصة تعتمد في نهجها التحريري على خلطة خاصة مكوّنة من خمس نقاط أساسية، تُعد بمثابة الـ(DNA ) الذي يميز عملها ويشكّل هويتها الإعلامية، وهو ما يحافظ على استمراريتها، ومن ضمنها؛ المزج بين القضايا العامة والأخبار، وتحديث المعلومات، وتقديم جرعة من الترفيه. وقال شعشاعة إنَّ المنصة احتفلت قبل فترةٍ قريبة بمرور عامين على انطلاقها، بعد وصلولها إلى مليارات المشاهدات .
 وأوضحت زينو اعتمادهم مبدأ رواية القصة وتقديم المحتوى بشكل مبسط وقريب لجيل "زد"، الذي يفضّل الاختصار والمرئيات السريعة. مشددةً على أنَّ كل القصص مهمة رغم اختلاف أنواعها. وقالت "لكننا نحرص دائمًا على استخدام (Visual Hook) لجذب المتابع منذ اللحظة الأولى.
وأكدت أن فلسفة بلينكس تقوم على فكرة الصحفي الشامل؛ إذ يكون الصحفي مسؤولًا من الألف إلى الياء عن إنتاج مادته، ابتداءً من البحث وحتى النشر. وردًا على تساؤلات بعض الحضور بأن هذا النموذج قد يلغي أدوار الصحفيين الآخرين، قالت "نحن لا نلغي أي دور، بل نؤمن بضرورة توفر أدوات متنوعة، وهذا ما حرصنا على تطبيقه".
ومن جانبه ، وخلال رده على الجمهور أشار شعشاعة إلى أن المنصة تمنح مساحة واسعة للشباب لتجريب أفكارهم الإبداعية وفق أسس الصحافة المهنية، موضحًا أن المحتوى السياسي أو القصص الحساسة مثل؛ قصص الضحايا لها مرجعية خاصة ولا تخضع بالضرورة لنفس أسلوب المعالجة الخفيف أو الترفيهي الجاذب.



الإعلام والمجتمع المدني 

انطلقت جلسة حوارية بعنوان "الإعلام في خدمة المجتمع المدني .. كيف يوظف في التمكين والتغيير؟ "، بمشاركة المديرة التنفيذية لمؤسسة تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان ليندا كلش، والمدير العام لمركز الفنيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، وأدارتها الصحفية نادين النمري. 
وقال عوض إن العلاقة بين الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني لا يمكن أن تقوم على أسس صلبة ما لم تُبنى على الاحترافية والتكامل، وأن كلا الطرفين بحاجة للآخر؛ فأي قطيعة بينهما ستنعكس سلبًا على قضايا المجتمع، مضيفًا أن المجتمع المدني يعمل على ملفات معقدة تتعلق بحقوق الإنسان والتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية وهو ما يتطلب صحافة متخصصة قادرة على التعامل مع هذه القضايا بعمق بعيدًا عن المعالجات السطحية أو السريعة. 
وأوضح أن "ضعف التخصص الصحفي في الأردن" يجعل تغطية هذه القضايا بحاجة إلى مزيد من التدريب والاحتراف، لافتًا إلى أن هناك صحفيين استطاعوا عبر خبرتهم أن يسلطوا الضوء على قضايا حقوقية وإنسانية بشكل فعال، ما أسهم في تمكين المجتمع المدني من إيصال رسائله، مشيرا الى أن العلاقة بين الإعلام والمجتمع المدني شهدت تحولات مرتبطة بالمساحة السياسية المتاحة وأن حرية الإعلام ما تزال محدودة ولا تسمح بتغطية كافة القضايا الحساسة التي تطرحها منظمات المجتمع المدني مثل؛ قانون حقوق الطفل أو قضايا التوقيف الإداري. 
ولفت عوض إلى أن التفاوت في مستويات التغطية بين وسائل الإعلام جعل بعض القضايا تمر من دون متابعة، بينما وجدت منظمات المجتمع المدني في الإعلام الرقمي مساحة أوسع للتعبير وتجاوز الرقابة، مؤكدا أن المنصات الجديدة أصبحت أداة رئيسية لإيصال الرسائل للناس في وقت يتراجع فيه تأثير الإعلام التقليدي.
وشرح أن مستقبل العلاقة بين الإعلام والمجتمع المدني يجب أن ينتقل من التعاون الفردي مع الصحفيين إلى شراكات مؤسسية، تضمن استمرارية العلاقة وتكامل الأدوار، مشددا على أن الإعلام الجديد سيفرض نفسه خلال السنوات المقبلة وعلى مؤسسات المجتمع المدني أن تتكيف مع هذا الواقع وتوظفه في خدمة قضاياها. 
وردًا على أسئلة الحضور، بيّن عوض أن ضعف الإعلام والمجتمع المدني في المنطقة العربية يرتبط بالقيود المفروضة عليهما سواء في تأسيس المنظمات أو الحصول على الموارد أو العمل بحرية، وهو ما يفسر تراجع ترتيب المنطقة عالميًا في مؤشرات "المجتمع المدني المفتوح"، مقارنة بدول تتيح بيئة أوسع للنشاط الحقوقي مثل بعض الدول الأوروبية. 

ومن جانبها، أكدت كلش أن العلاقة بين الإعلام والمجتمع المدني علاقة تكاملية، فهو يَعُدُ الإعلام شريكًا رئيسيًا في تسليط الضوء على قضايا حقوقية واجتماعية ساعدت في تعديل تشريعات مهمة، مثل المادة 388 من قانون العقوبات وقضايا عمالية، موضحة أن أبرز التحديات التي تواجه هذا الدور تتمثل في القيود السياسية والقانونية وضعف التمويل.
وأشارت إلى أن إعداد تقارير استقصائية معمقة يتطلب موارد ضخمة لا تتوافر لدى المؤسسات الإعلامية أو الحقوقية في الأردن. محذرةً من خطورة "شيطنة" العمل الحقوقي وخطاب الكراهية الذي يواجهه الصحفيون عند تغطية قضايا حساسة، مؤكدة أن جزءا من المسؤولية يقع على المسؤولين الذين يلجؤون إلى تبرير مشكلات البطالة مثلا بتحميلها للعمال المهاجرين أو اللاجئين الأمر الذي يعزز خطاب الكراهية. 

ولفتت إلى أن استخدام الصحفيين لمصطلحات غير دقيقة أو نمطية، مثل ذكر جنسية العامل عند وقوع جريمة أو وصف عاملات المنازل بـ"الخادمات"، يكرّس الصورة السلبية ويغذي التمييز، مشيدة بجهود التدريب والمسابقات الصحفية التي ساهمت منذ عام 2013 في خلق جيل جديد من الصحفيين الشباب المتخصصين في الصحافة الحقوقية، مشيرة الى أن الحاجة الملحّة للعمل على مستوى المؤسسات الإعلامية وليس فقط مع الصحفيين الأفراد لضمان ترسيخ إعلام حقوقي متخصص قادر على إحداث أثر مستدام. 

وانطلقت أمس السبت في العاصمة عمّان أعمال ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال في دورته الثالثة على مدار يومين تحت شعار الإعلام من الحرية والحماية إلى التمكين والتغيير. ويشارك فيه أكثر من 750 إعلاميًا وإعلامية وناشطًا وصانع محتوى وخبيرًا، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات دولية من مختلف أنحاء العالم.