رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

مدن وقرى المملكة نحو بيئة مرورية آمنة... أرواح تزهق بفنجان قهوة وحق مشاة مصادر

مدن وقرى المملكة نحو بيئة مرورية آمنة... أرواح تزهق بفنجان قهوة وحق مشاة مصادر
جوهرة العرب 

كتب أ.د. محمد الفرجات

تشهد طرق المملكة بين الحين والآخر حوادث سير مؤسفة تحصدر الأرواح وتترك آثاراً اقتصادية ونفسية واجتماعية مؤلمة. وعلى الرغم من الجهود المبذولة في السنوات الماضية، فإن الواقع المروري ما يزال بحاجة إلى خطة شاملة تضمن سلامة المشاة والسائقين على حد سواء، وتعيد الثقة بالنظام المروري كأداة لحماية الإنسان وتنظيم الحركة.

هنالك تجاوزات وإستقواء وعنجهية وجنون ولامسؤولية لدى البعض في قيادة السيارات... وغالبا ما ينتهي المشهد بحوادث قاتلة تسبب الفقد والاعاقة والألم طول الحياة للجميع، والأردن للأسف من أعلى دول العالم بمعدلات الحوادث. 

دائرة السير بالأمن العام تبذل جهود طيبة ومشهودة، ولكن يجب أن ندعم جهودهم بمزيد من الحلول.

إن السبيل لجعل مدن وقرى المملكة آمنة مرورياً يتطلب تضافر البنية التحتية السليمة، والتوعية الشاملة، والرقابة الذكية، والحزم في تطبيق القانون.

أولاً: الشاخصات المرورية والسرعة المقررة:
وضع شاخصات واضحة وحديثة على جميع الطرق الداخلية والخارجية، بحيث لا يترك مجال للاجتهاد أو الغموض في معرفة السرعة المقررة، وهذا دور البلديات والهيئات المستقلة ووزارة الأشغال. 

تمييز السرعات في الطرق القروية والداخلية بما يتناسب مع الكثافة السكانية وحركة المشاة.

إلزام البلديات وأشغال المحافظات بالصيانة الدورية للشاخصات والدهانات الأرضية.

ثانياً: الأرصفة والممرات الآمنة للمشاة:
إنشاء أرصفة مفتوحة وواسعة وآمنة على جانبي الطرق في المدن والقرى.

تفعيل جسور وأنفاق المشاة في المناطق المكتظة بالعبور، مع إنارتها وصيانتها.

إلزام البلديات بإنشاء "ممرات مشاة" واضحة أمام المدارس والمستشفيات والمساجد والمراكز التجارية.

ثالثاً: التوعية الشاملة:
إدخال التوعية المرورية في المناهج الدراسية منذ الصفوف الأساسية، لترسيخ ثقافة الالتزام بالقانون.

حملات إعلامية مستمرة عبر التلفزيون والإذاعة ومنصات التواصل، تبرز قصصاً واقعية عن نتائج الاستهتار المروري.

إشراك مؤسسات المجتمع المدني والمساجد في حملات دورية لنشر الوعي.

رابعاً: الرقابة بالكاميرات الذكية:
نشر كاميرات مراقبة ذكية على الطرق الرئيسية والفرعية، ترصد السرعة الفعلية وتخطي الإشارات والمخالفات الأخرى.

ربط هذه الكاميرات مباشرة بمراكز التحكم المروري، بحيث تصل المخالفة فوراً إلى جهاز السائق عبر رسالة نصية.

الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحليل أنماط الحركة المرورية وتحديد النقاط السوداء.

خامساً: المتابعة والحزم في تطبيق القانون:
لا جدوى من وجود أنظمة وتشريعات إذا لم يتم تطبيقها بصرامة وعدالة على الجميع دون استثناء.

تشديد العقوبات على المخالفين المكررين، وصولاً إلى سحب الرخصة مؤقتاً أو دائماً، وببعض المخالفات الكبيرة المقصودة مصادرة السيارة. 

مراجعة الغرامات المرورية بحيث تكون رادعة وتتناسب مع نوع المخالفة وخطورتها.

تعزيز دور الشرطة المجتمعية للتواجد الميداني والمتابعة المباشرة.

إن جعل مدن وقرى المملكة آمنة مرورياً ليس حلماً بعيد المنال، بل هو مشروع وطني يمكن إنجازه إذا تكاملت البنية التحتية الحديثة، مع التوعية المجتمعية، والرقابة الذكية، والحزم في تطبيق القانون. عندها فقط سنشهد طرقاً تحفظ أرواح أبنائنا، وتمنح المواطن والمقيم شعوراً بالأمان والاحترام المتبادل بين السائق والمشاة.