رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات يكتب : مصطلح إسرائيل الكبرى من منظور القانون الدولي

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات يكتب : مصطلح إسرائيل الكبرى من منظور القانون الدولي
جوهرة العرب - المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

       أن مصطلح إسرائيل الكبرى أو مشروع إسرائيل الكبرى الذي نادى به المجرم النتن ياهو مؤخراً لا يعود حتى إلى ما بعد حرب عام 1967 مباشرة كما يعتقد البعض، على إعتبار أن المشروع يسعى إلى جانب ضم فلسطين بكاملها، وإلى ضم أجزاء من سوريا والأردن ومصر، بل إن المشروع يسبق حتى بروز الصهيونية مع تيودور هرتزل نهاية القرن الـ19 ومطلع القرن الـ20، فهناك كتابات كثيرة تتحدث عن هذا المشروع الأستعماري في الأدبيات الصهيونية من قبل بما في ذلك إستعادة ما يسمى ممر الملك داوود الطريق من حيفا عبر الأردن وسوريا إلى شمال العراق، ولا يرجع ذلك إلى حال الحرب والعداء بينها وبين جيرانها وإنما لأنها تواصل عمليات توسيع حدودها بالإحتلال والضم، كما أن أهمية الجغرافيا تتجاوز مساحة الدولة اليهودية الكبرى في المشروع الصهيوني إلى شبكة طرق تعيد تشكيل خطوط سلاسل الإمداد فيما بعد العولمة، ويتم المزج بين التراث الأسطوري والديني والأطماع الإقتصادية الحديثة ضمن هذا المشروع الإسرائيلي التوسعي، ومطلع هذا العام في أواخر كانون الثاني/ جانيوري2025، كانت قد نشرت صحيفة ذي تايمز أوف إسرائيل على جزئين مطولين دراسة حول مشروع إسرائيل الكبرى، أو ما سماه كاتبها الصهيونية مفاهيم ومقترحات، وأعد الدراسة المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة تايب وان إنتربرايز إنك والشركات التابعة لها المنخرطة في إستشارات التكنولوجيا أدريان شتاين، الذي يعد من مفكري الصهيونية المشهورين وله نشاط واسع في المجالات العلمية والطبية وغيرها، وخصص الجزء الأول من الدراسة للمفاهيم المتعلقة بمشروع الصهيونية الجديدة، إسرائيل الكبرى ليس فقط استناداً للميثولوجيا اليهودية وإنما أيضاً لخطط وأفكار الصهاينة المؤسسين، أما في الجزء الثاني من الدراسة فيركز شتاين على تطورين مهمين عالمياً يمكن أن يكونا الأساس لكيان إسرائيل الكبرى ضمن مشروع الصهيونية من وجهة نظره هما العملات المشفرة والذكاء الأصطناعي، ويعزو الباحثين إلى تطور هذين القطاعين ضمناً لما يسمونه الذكاء اليهودي والنفوذ المالي من دون تصريح واضح، لكن ذلك لم يمنعهم من الخلاصة بأن رجال المال اليهود كانوا وراء عولمة النظام المالي العالمي، إذ يقولون في الجزء الثاني من الدارسة، عبر طاولات صرافة العملة لعائلة روتشيلد في حواري فرانكفورت إلى مراكز المال في وسط وغرب أوروبا تمكن اليهود من إنشاء سوق السندات المدعومة بالذهب عالمياً، وهو إطار سمح بأكبر حركة وتصدير لرأس المال في تاريخ البشرية، وهي الحركة ألتي كانت أساس العولمة الإقتصادية، وبالنسبة إلى بناء إقتصاد تريليونات الدولارات" فالأساس برأي الكثير هو أن تستثمر إسرائيل الكبرى ذلك الإرث التاريخي في تحويل تل أبيب إلى مركز عالمي للعملات المشفرة والذكاء الأصطناعي، إضافة إلى ما يرتبط بذلك من صناعات متقدمة ومبادرات فضائية وعلمية في الطب وغيره، ويتفق الجميع على أن إقتصاد إسرائيل الكبرى يعتمد على سكانها اليهود، الذين يوصفون بالذكاء والمهارة التاريخية والوصول إلى رأس المال وحرفية الإستثمار، لكن لايتم التطرق مباشرة لأهمية التوسع الجغرافي كما جاء في كتابات هرتزل ومن قبله من الصهاينة ومن بعده من المسؤولين الإسرائيليين حتى أوديد ينون مستشار آرييل شارون، الذي طرح ما عرف بأسم خطة ينون، والشائع دوماً هو إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، لكن أحداً لا يشير مثلاً إلى أن جزيرة قبرص هي أيضاً ضمن مشروع إسرائيل الكبرى، ولم يكن الجدل حول تقسيم ثروات الغاز الطبيعي البحرية بين إسرائيل وقبرص سوى مرحلة في إستيلاء إسرائيل على حقوق ربما تقع ضمن خطوط المياه الدولية الأقرب لقبرص، وقد كان ذلك قبل أعوام محل جدل حتى مع مصر ألتى تتشارك أحتياطات الغاز التابعة لمياهها مع روافد ضمن مياه قبرصية، كما أن هناك أهمية كبيرة للتوسع الجغرافي سواء بالإحتلال والضم أو ترسيخ النفوذ عبر إتفاقات و إضعاف الدول المعنية" كما جاء في خطة ينون مطلع ثمانينيات القرن الماضي ودفعها نحو التقسيم لبسط النفوذ الإسرائيلي، ومن المزايا الإقتصادية للتوسع الجغرافي المفترضة، الأستيلاء على الأراضي الخصبة من حوض النيل إلى حوض الفرات والوصول إلى مصادر مواد أولية من طاقة ومعادن وغيرها وتحول في شبكة سلاسل التوريد والإمداد بعيداً من المضايق وقناة السويس، كل هذا يعد ضرورياً لكي تصبح إسرائيل الكبرى مركزاً لوجيستياً أساسياً بين الشرق والغرب، وبالطبع هناك تحديات يحملها مثل هذا التوسع الجغرافي بغض النظر عن التحديات العسكرية والأمنية والسياسية، من تلك التحديات عدم إتساق النشاط الإقتصادي ومعدلات النمو في مختلف المناطق ألتى سيضمها الكيان المفترض مما يشكل ضغطاً سلبياً في مشروع التوسع، كما أن التوسع الجغرافي سيؤدي إلى زيادة للمنافسة مع دول الجوار الجديد مع إحتمال تعقيدات تجارية ولوجيستية، فضلاً عن بروز الحاجة إلى تمويل تغييرات ديموغرافية هائلة في مناطق مختلفة لضمان يهودية الدولة بحسب القانون الأساسي الذي أقر عام 2018، ومن المشاريع غير المعلنة رسمياً ما يسمى طريق النبي داوود أو ممر داوود الذي يصل مينائي حيفا وأسدود على البحر الأبيض بكردستان العراق حتى الحدود العراقية الإيرانية، إذ يمر الطريق المقترح الذي يثار أمره بصورة غير رسمية كل فترة من مرتفعات الجولان المحتلة في الجنوب الغربي لسوريا ويمر بالمحافظات الجنوبية المحاذية لـإسرائيل والأردن، وهي القنيطرة ودرعا، ثم يتسع شرقاً عبر السويداء في جبل العرب ويدخل البادية السورية بإتجاه معبر التنف الإستراتيجي على الحدود السورية ــ العراقية ــ الأردنية، وتبدو التطورات الجيوسياسية الحالية ومحاولات إسرائيل التوسع في سوريا وتعزيز علاقتها بالدروز والأكراد إلى تهيئة الأرضية لإمكانية طرح هذا المشروع، ومن الفوائد المحتملة لهذا المشروع تسهيل التبادل التجاري مع الداخل العربي، وإمكانية الوصول إلى أسواق الخليج والعراق، مع فرص التحكم بمصادر الطاقة وتقليص الكلف اللوجيستية والنقل، ومن شأن مشروع الممر إستقطاب الإستثمارات والبنية التحتية ودعم الصناعات الدفاعية والتكنولوجيا، ومن الأهداف الإستراتيجية أيضاً على المدى البعيد تقويض أهمية قناة السويس وباب المندب ومواجهة النفوذ الإيراني، ذلك فضلاً عن تعزيز النفوذ الإسرائيلي شرقاً وتعميق التطبيع مع دول عربية بالربط الإستراتيجي بين إسرائيل ومحيطها العربي، إلا أن الكلفة الهائلة للمشروع بمليارات الدولارات وضعف وانعدام البنية التحتية في البادية السورية يجعلونه مشروعاً غير ذي جدوى اقتصادياً، في الأقل بالوقت الحالي، وقبل أكثر من أربعة أعوام وضمن ما عرف وقتها بما يسمى صفقة القرن ألتي تحمست لها الإدارة الأميركية في فترة حكم الرئيس دونالد ترمب الأولى أعلنت إسرائيل عن قناة تربط إيلات على خليج العقبة بموانئ إسرائيل على البحر الأبيض المتوسط، على أن تكون قناة بن غوريون عبارة عن قناتين منفصلتين تربطان البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، مما يجعلها ممراً ملاحياً أفضل من قناة السويس المصرية، وقدرت الخطط الإسرائيلية أن تكون القناة بعمق 50 متراً وعرض لا يقل عن 200 متر لكل قناة، أي زيادة عن قناة السويس 10 أمتار بالعمق، ذلك كي تتمكن سفينة بطول 300 متر وعرض 110 أمتار، وهي أكبر قياس السفن في العالم، من العبور في القناة الجديدة، وكان التوقع أن تبلغ مدة البناء خمسة أعوام وسيعمل في المشروع 300 ألف شخص من مهندسين وفنيين في جميع المجالات، يأتون من كوريا ومن دول آسيوية ومن دول عربية، على أن يبقى منهم عدد يتجاوز 30 ألفاً لتشغيل القناة، وقدرت كلفة القناة بنحو 16 مليار دولار قابل للزيادة بحسب ظروف المشروع، على أن توفر عائداً سنوياً بنحو 6 مليارات دولار، كما تضمن مشروع قناة بن غوريون أيضاً الأتفاق مع الأردن على سحب مياه من القناة إلى البحر الميت، الذي تتناقص مياهه سنوياً، وفي حال الأتفاق فإن أنابيب ضخمة ستصب من قناة بن غوريون إلى البحر الميت، مقابل أن يقدم للأردن تسهيلات لإقامة فنادق ومنتجعات أردنية على البحر الميت، ويشترك الأردن في سياحة إسرائيلية ـــ أردنية في منطقة البحر الميت، وبالفعل بحثت إسرائيل مع ثلاثة مصارف أستثمارية أميركية تمويل المشروع بقرض ميسر لا تزيد فائدته عن نسبة واحد في المئة يسدد على 30 عاماً، إلا أن مصير المشروع لا يبدو واضحاً في ظل تطورات المنطقة الحالية، إنما هو مكون أساس في رؤية إسرائيل الكبرى، الجغرافيا تلعب دوراً أساسياً في مشروع إسرائيل الكبرى بالأدبيات الصهيونية القديمة والحديثة، لذا تجد أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم ألتي ليست لها حدود ثابتة وتصرح جهاراً نهاراً أن صراعها في المنطقة هو وجود وليس حدود، وحين تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي النتن ياهو في مقابلة له قبل منتصف أب/ أوقست الماضي عن تمسكه الشديد بما سماه رؤية إسرائيل الكبرى لم يكن ذلك مجرد تصريح عابر، ومن المشاريع ألتى برزت مع توقيع إتفاقات أبراهام بين بعض دول الخليج العربي وإسرائيل عام 2020 ما أعلن عنه عام 2023 من ممر إستراتيجي من الخليج إلى البحر المتوسط يتضمن طرق نقل من موانئ على الخليج إلى موانئ إسرائيلية دون حاجة للملاحة البحرية عبر مضيق هرمز أو غيره، وحسب تقديرات المسؤولين الإسرائيليين كما نشرت وسائل الإعلام العبرية قبل عامين فإن الطريق البري يوفر ما يصل إلى 80 في المئة من كلفة الشحن البحري، ويعد ذلك ممراً للتجارة من جنوب شرقي آسيا إلى أوروبا عبر دول الخليج العربي والأردن وإسرائيل.
     حمى الله الأردن وطناً عزيزاً غالياً، وحمى الله قيادتنا الهاشمية الحكيمة ألتي نعتز ونفتخر بها، وحمى الله شعبنا العظيم وقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنيه.