رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

حين تتحدث الألقاب بدل الأشخاص: قراءة نفسية في هوس اللقب المهني بقلم الدكتورة إيمان الشطرات

حين تتحدث الألقاب بدل الأشخاص: قراءة نفسية في هوس اللقب المهني بقلم الدكتورة إيمان الشطرات
جوهرة العرب 

 الدكتورة إيمان الشطرات 

في كل مجلس هناك من يعرّف نفسه أكثر مما يتحدث عن فكره، وفي كل حوار من يكرّر لقبه المهني عشرات المرات وكأن وجوده لا يُثبت إلا به. يبدو الأمر في ظاهره فخرًا مشروعًا بالإنجاز، لكنه في عمقه يحمل رسالة خفية تبحث عن الاعتراف والتقدير. فحين يشعر الإنسان بأن مكانته أو قيمته غير مرئية كفاية، يبدأ بتأكيد هويته اللفظية كي يطمئن نفسه قبل أن يقنع الآخرين. إن تكرار الألقاب لا ينبع دائمًا من اعتزاز حقيقي، بل قد يكون محاولة غير واعية للتعويض عن شعور بالنقص أو لملء فراغ داخلي يتغذى على الإعجاب الخارجي. وقد يتحول اللقب هنا إلى درع نفسي يخبئ خلفه هشاشة الذات، حيث يبدو التفاخر ظاهريًا لكنه يخفي قلقًا داخليًا من أن تُهمّش قيمة الشخص إن لم تُعلن بصوت مرتفع. وعندما تختزل الذات كلها في مسمى وظيفي، تصبح الهوية المهنية هشة وسهلة الانكسار عند أول فقد أو تغيير، لأن قيمتها لم تُبنَ على أساس داخلي راسخ بل على نظرة الآخرين. الفخر بالمهنة جميل حين يكون امتدادًا طبيعيًا للذات، لكن حين يتحول إلى وسيلة لإثبات الوجود، يصبح علامة على حاجة داخلية غير مشبعة. فخلف ذلك الصوت الذي يكرر يقف في الغالب إنسان صغير يخشى أن يُنسى إن لم يذكّر العالم بلقبه