شاركت فرقة المسرح الحر الأردنية في فعاليات الدورة التاسعة من مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، من خلال عرضها المسرحي «يا زين»، الذي قدّم تجربة فنية استلهمت روح الصحراء ومخزونها الثقافي والوجداني.
وتتناول مسرحية «يا زين» حكاية عشق بدوية تتشكل ملامحها بين غضب الصحراء واتساعها، حيث تنسج سرديتها عبر صراع جدلي يعكس تصادم الطموحات والانفعالات، ليؤول في نهايته إلى انتصار الحب بوصفه القيمة الأسمى القادرة على تجاوز القسوة والتحولات. واعتمد العرض على الشعر والغناء والموال البدوي، بوصفها عناصر أساسية في بنائه الدرامي والبصري، ضمن تجربة مسرحية تستحضر روح المكان والذاكرة الصحراوية.
وشارك في بطولة العمل كل من: هاني الخالدي، كرم الزواهرة، نغم بطارسة، رسمية عبده، نجم الزواهرة، رهف الرحبي، وروان ثلجي، إلى جانب مشاركة خاصة كضيوف شرف للفنان علي عليان والفنانة غادة عباسي.
المسرحية من تأليف أحمد الفاعوري، وإخراج إياد شطناوي، وتصميم السينوغرافيا لمحمد المراشدة، فيما تولّى محمد أبو دية مهام مساعد المخرج، وسجّل الموسيقى مراد دمرجيان، وأشرف على هندسة الصوت أحمد الفالح، بينما كانت إدارة الإنتاج لزاهي الحمامرة.
ويأتي عرض «يا زين»، وهو من إنتاج عام 2025، ضمن توجه فرقة المسرح الحر إلى تقديم تجارب مسرحية تنطلق من الموروث الثقافي والبيئي العربي، مع إعادة صياغته برؤية فنية معاصرة تواكب طبيعة مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي ودوره في الاحتفاء بالمسرح المرتبط بالفضاء الصحراوي.
ويشهد المهرجان خلال الأيام المقبلة تقديم عدد من العروض العربية، من بينها مسرحية «الزير سالم» من مصر، تأليف وإخراج جمال ياقوت، وتقدمها فرقة «كريشين جروب»، إضافة إلى أول مشاركة ليبية في المهرجان من خلال مسرحية «الكنز» من تأليف ميلاد منصور وإخراج محمد الصادق، وتقدمها فرقة «زاويا للفنون والمسرح». كما تشارك قطر للمرة الأولى عبر مسرحية «ليلى ومئة ليلة» تأليف أحمد الدوس وإخراج فالح الفايز، وتقدمها فرقة السعيد للإنتاج الفني.
ويتميّز مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي بفضاء خاص وفريد، إذ تُقام فعالياته في منطقة الكهيف ضمن قرية صحراوية متكاملة، جُهزت بمنصة عروض تحيط بها الكثبان والوديان والخيام، مع توفير جميع المتطلبات الصوتية والضوئية اللازمة لتقديم العروض المسرحية.
وتُختتم فعاليات المهرجان في 17 ديسمبر بعرض المسرحية الإماراتية «جمر الغضى» تأليف فيصل جواد وإخراج عبدالرحمن الملا، وتقدمها جمعية كلباء للفنون الشعبية والمسرح.
ويتضمن البرنامج الفكري للمهرجان سلسلة من الندوات والجلسات النقدية اليومية، التي تناقش وتحلل مضامين وأساليب العروض المشاركة، بمشاركة باحثين ونقاد ومبدعين مسرحيين من عدد من الدول العربية. كما تُنظم ندوة فكرية بعنوان «المسرح الصحراوي وجماليات السير الشعبية العربية»، تبحث في التأثيرات الجمالية والدرامية والسمات الملحمية للسير الشعبية ضمن تقنيات الأداء والإخراج في المسرح الصحراوي، بمشاركة نخبة من الباحثين من الإمارات وتونس ومصر والمغرب وسلطنة عُمان.
إلى جانب ذلك، يشهد موقع المهرجان عروضًا أدائية يومية، وحفلات عشاء، ومسابقات تفاعلية مستوحاة من البيئات البدوية، تعكس تنوع الموروثات الشعبية للدول المشاركة. كما تتواصل مبادرة «الخيم الفندقية» التي يوفرها المهرجان مجانًا للعائلات، بهدف إتاحة الفرصة لمتابعة العروض وتعزيز انتشار الثقافة المسرحية، حيث تضم الخيم ستة مجالس تحمل أسماء مسرحيات كتبها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وتعرض تسجيلات لأبرز الأعمال المسرحية التي نظمتها دائرة الثقافة بالشارقة منذ مطلع العام، إلى جانب لقاءات مباشرة مع فنانين من داخل الدولة وخارجها، وتوزيع مؤلفات سموه المسرحية كإهداء للعائلات.
ويُذكر أن مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي تأسس عام 2015 استجابة لتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ليكون منصة للتفكير والنقاش والتجريب حول سبل استعادة التراث العربي وسيره الشعبية، وتقديمها برؤى معاصرة توظف تقنيات ووسائط المسرح الحديثة