ألقى المستشار في مجال التنمية صادق الخواجا محاضرة في منتدى الفكر العربي، عن مفهوم التنمية الواقعية، بتجلياتها الثلاثة إنساناً ومجتمعاً ودولة.
وبين أن الغاية العليا للتنمية الواقعية تتمثل بزيادة قدرة المجتمع على تعظيم مصلحته، وأن الأحداث التي شهدناها في المنطقة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين أثبتت مدى هشاشة واقع المجتمع العربي، وكانت الجهود العظيمة والموارد الهائلة التي سخرت في سبيل تحقيق النهضة في الدول العربية إبان القرن الماضي نتيجتها العودة إلى المربع الأول.
وقال: ان هذه الأحداث اتسمت بالعنف والفجاجة واللامعقولية، ما يعني أن تطوير مفهوم أكثر واقعية لتنمية المجتمع العربي مسألة أصبحت حاسمة لمستقبلنا جميعاً.
واضاف أن العالم اليوم تنتشر من مشرقه إلى مغربه حالات تطرف أدت إلى تفشي ظواهر من الفردانية والتعصب، كالتطرف الديني والقومي والعرقي، ما يعني أن تطوير مفهوم أكثر واقعية للتنمية على المستوى الإنساني العام قد بات أيضاً مسألة حاسمة لمستقبلنا كبشر ولا بد لنا من المشاركة الفاعلة في ذلك على المستويين الفكري والتطبيقي.
وأوضح أن المجتمع العربي عموماً يعاني من ضعف في هذه النقاط، وهو ما أثبتته لنا الأحداث خلال العقدين الماضيين، ما يدعو إلى التركيز على أهداف التنمية الواقعية لتقوية النسيج الاجتماعي من خلال تعظيم الاعتماد المتبادل بين حلقاته؛ وزيادة تماسك حلقات المجتمع مع بعضها البعض.
وعقب نائب رئيس الوزراء السابق العين الدكتور جواد العناني، بالقول: من دون فهم لجدلية العلاقات الداخلية في كل وطن عربي، وجدلية العلاقة بين الدول أنفسها، سنبقى أسرى للتنمية الإحصائية أو الكمية التي حققنا منها الكثير، لكن المجتمعات بقيت هشة غير قابلة للاستمرار ما لم ننظر إلى المكونات الداخلية ونرسم لها حدوداً وقواعد نلتزم بها لتحقيق التنمية الواقعية الصحيحة القابلة للاستمرار.
وأوضح أن المجتمع العربي الذي يُظهر تنوع الحضارات والثقافات فيه عبر الآثار المرسومة على أديم الأرض العربية لا يرقى إلى مستوى دليل ذلك التنوع الماثل في الاثنيات المختلفة والطوائف والمذاهب المختلفة، التي استمرت وصارت جزءاً من طبيعة المجتمع، لكن مع فقدان التناغم والتفاعل بدأت مرحلة الشرذمة والتراجع والارتداد إلى الهويات الفرعية.
وقال أمين عام المنتدى الدكتور محمد أبوحمور: إن غياب الرؤية المشتركة الشاملة يحول دون تطوير الهوية والثقافة من خلال حيوية التفاعل الخلاق بين مكونات المجتمع والدولة، ما ينعكس ذلك سلباً على الكفاءة التنموية للمجتمعات، وأن الهوية الجامعة في تطورها الطبيعي تشكل التقاءً لكل المكونات اللازمة لتنمية واقعية قائمة على الانفتاح، ومبنية على الاعتراف بمكونات المجتمعات وفهم خصوصياتها.