افتتحت في ندوة الثقافة والعلوم مساء أمس ندوة مكتبات الإمارات – الدورة الخامسة – بعنوان "التسامح المعلوماتي وتطبيقاته في مكتبات ومؤسسات المعلومات، بحضور سعادة علي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس الإدارة وأعضاء مجلس الإدارة ووشيخة المطير ونخبة من المهتمين والمتخصصين.
ركز الهاملي على ما توليه دولة الإمارات للمعرفة والمعلومات من أهمية، وما حصده هذا الاهتمام من نتائج آخرها صعود أول رائد فضاء إماراتي وعربي (هزاع المنصوري)، ما يؤكد توجه الدولة واهتمامها بالعلوم والتي أساسها العلوم والمعرفة.
وذكر الهاملي تجربته مع أول كتاب من خلال المكتبة المنزلية والتي كانت تضم كنوز معرفية قرأها في مرحلة متقدمة من العمر، وما أضافته المكتبات المتخصصة مثل المكتبة الأهلية ومكتبة النهضة اللتان كانتا في منطقة ديرة في إمارة دبي، ثم جاء افتتاح مكتبة دبي العامة عام 1963 والذي بلور وأسس حب المعرفة والقراءة والنهم الشديد للعلم منذ صغره، فشكلت نقطة بارزة في حياته.
وأكد الهاملي أن دولة الإمارات خصصت عاماً للقراءة ضمن استراتيجيتها، بالإضافة لتخصيصها شهر للقراءة في كل عام تحتفل به كل إمارات الدولة بالبرامج والأنشطة التي تسهم في تنمية الوعي بالقراءة وأهميتها.
وأضاف الهاملي أن رؤية دبي الثقافية التي اعتمدها صاحب السمو الشيخ محمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خصصت للمكتبات والمعلومات مكانة رفيعة، وهذا ما تحتذي به كل إمارات الدولة لإحداث نقلة نوعيه في المعرفة والقراءة والبحث.
وأدار الجلسة الأولى محمد الحبسي مدير إدارة الآداب بالإنابة في هيئة الثقافة والفنون في دبي، وتحدث عن أهمية دور المكتبات في تطبيق مبادئ التسامح من المجتمع ومحيطه، وبكل ما له صلة بأنشطة المكتبات وبرامجها وصولاً لخدمة جميع شرائح المجتمع لا سيما أصحاب الهمم، إضافة إلى إبراز قيمة التسامح في مبادرات المكتبات، وحرية المعلومات.
وأدار الجلسة الثانية ديفيد هيرش مستشار الخدمات المكتبية في مكتبة محمد بن راشد.
وتحدث عماد محمد أبوعيد رئيس شعبة المكتبات العامة في دائرة التخطيط العمراني والبلديات في أبوظبي عن التسامح المعلوماتي (المفهوم والمبادئ والتطبيقات في المكتبات ومؤسسات المعلومات) عن مفهوم التسامح بأنه "مهارة تتطلّب عدم التعصُّب، أو العنصريّة، واحترام الاختلاف مع الآخرين، والتركيز على القواسم المشتركة بدلاً من التركيز على الاختلاف، بل والدفاع عن الآخرين إذا ما تعرّضوا لمُضايقات؛ بسبب اختلافهم”، كذلك "الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا، ولأشكال التعبير، وللصفات الإنسانية لدينا".
وأضاف أبوعيد أن التسامح المعلوماتي أحد المبادئ التي توجه عمل المكتبات على أسس من الاحترام والتنوع والقبول لكل ما تعمله المكتبة وتقدمه، وتحكم سلوك المكتبات والمكتبيين في تطبيق السياسات والعمليات والخدمات المكتبة، وتوجه طريقة تصرف المكتبة مع المجتمع والبيئة والمستفيدين باعتبارها فضاء للتسامح، وأن للتسامح عدة مستويات أولها المستوى الفردي، والمستوى الخارجي (بيئة العمل – تقديم الخدمات) والمستوى الخارجي (المجتمع – البيئة – المستفيدون).
ورأى أبو عيد أن نشر قيم التسامح بين العاملين لتكون بيئة عمل آمنة وجاذبة ومحفزة يجب أن يكون من خلال: الاحترام المتبادل، قبول الآخر، الاحتفاء بالتنوع، تقدير الاختلاف، التعاون، عدم التحيز، وخلق الفرص المتساوية.
وركز الدكتور خالد عبدالفتاح مدير مكتبة دبي الرقمية والحلول المعرفية في مؤسسة دبي للمعرفة في ورقته بعنوان "الإتاحة الحرة: بين التسامح والاستغلال"، على دور الاتاحة الحرة في دعم التسامح في مجالات تداول المعلومات وكيف تقوم دور النشر باستغلال المبادرات التي تقضى على حواجز الوصول إلى المعلومات للحصول على أكبر قدر من المكاسب المادية والمعنوية. ويركز العرض على العلاقة بين الاتاحة الحرة كنموذج للتسامح المعلوماتي من جانب المؤلفين والمؤسسات الاكاديمية واستغلاله كوسيلة للضغط على المؤلفين ومؤسسات التمويل من جانب دور النشر التجارية.
وعرف الاتاحة الحرة للمعلومات على انها "اتاحة المحتوى العلمي والمعرفي بدون قيود أو محددات هوية من خلال الشبكات المفتوحة (خاصة الانترنت) بغرض الوصول إلى مفهوم العلم المفتوح Open Science وديمقراطية المعرفة، مما يساعد بشكل كبير على سرعة انتقال المعرفة وملاحقة التطورات في مختلف مناحي الحياة "
وأكد عبدالفتاح على أن التسامح في الإمارات، هو تجسيد حي، لتعاليم الإسلام الحنيف، وتعبير طبيعي، عن الاعتزاز بعظمة التراث العربي والإسلامي، وهو بذلك، تسامح من الجميع مع الجميع، دونما تفرقة أو تمييز، بين بني البشر، على أساس النوع، أو الجنسية، أو المعتقد، أو الثقافة، أو اللغة، أو القدرة، أو المكانة – وهذا التسامح يؤدي، إلى التآلف والتراحم، والحوار بين الجميع، من أجل منفعة الجميع، هو الحياة في سلامٍ مع الآخرين، واحترام معتقداتهم وثقافاتهم، وهو الإدراك الواعي، بأن التعددية والتنوع، في خصائص السكان، هما مصدر قوة للمجتمعات البشرية.
كذلك التسامح في الإمارات، يؤكد على أهمية تنمية المعرفة بالبشر أجمعين، والانفتاح عليهم بإيجابية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتخلص من الصور النمطية السلبية عن الآخرين، وهو بذلك، دعوة إلى الجميع، إلى تفهم العلاقات الإيجابية، بين جميع الثقافات والمعتقدات، وإلى ما يؤدي إليه ذلك، من اعتزاز بالثقافة، والهوية الوطنية. والتسامح تعبير قوي، من القيادة والشعب، عن الحرص الكامل، على توفير الحياة الكريمة لجميع السكان – القادة والشعب، في الإمارات، ملتزمون تماماً، بالقيم النبيلة، التي يشترك فيها جميع بنو الإنسان، وبتحقيق العدل، وسيادة القانون، والتعايش السلمي، بين الجميع – التسامح في الإمارات، هو أسلوب ناجح للتعامل مع: النزاعات، ونشر المحبة، والسلام. وهو ليس فقط واجباً أخلاقياً، بل هو كذلك، أداةً أساسية، لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، والتقدم الاجتماعي والاقتصادي المنشود، وكذلك تأكيد الاحترام، لمكانة الدولة في العالم – التسامح في الإمارات، هو الطريق إلى بناء علاقات دولية إيجابية، في عالم يتسم: بالتنوع والتعددية في السكان.
وعن مبادرات الاتاحة الحرة حددها في عدة مبادرات منها: مبادرة بودابست – 2001، بيان بيتسادا – 2003، إعلان بيرلين – 2003، مبادرة الأرشيفات المفتوحة والتي شكلتها شكلت مؤسسات المكتبات « مبادرة الارشيفات الحرة »، ومبادرة مجموعة أوميكس، ومبادرة المكتبة العامة للعلوم، ووثيقة مبادئ العاصمة واشنطن، وغيرها من المبادرات
وحول أنواع الإتاحة الحرة للمعلومات عرفها بنوعين: الاتاحة الخضراء وتشير إلى الاتاحة المباشرة من خلال المؤلفين أنفسهم عند قيامهم بنشر اعمالهم من خلال منتدياتهم الخاصة Bolgs واستخدام المستودعات المفتوحة (المتخصصة والمؤسسية). والاتاحة المفتوحة الذهبية وهى الإتاحة المفتوحة النشر فى دوريات الاتاحة المفتوحة Open Access Journal التى توفر الإتاحة الآنية المجانية للمقالات من خلال موقع ناشر الدورية على الانترنت. وهناك بعض ناشرى دوريات الاتاحة المفتوحة يتيحوا فقط المقالات التى قام مؤلفها أو مؤلفيها بدفع مقابل للإتاحة المفتوحة.
وحول التسامح المعلوماتي وتطبيقاته في الخدمات المكتبية لأصحاب الهمم "مكتبات الشارقة أنموذجاً" عرفتا إيمان ماجد بوشليبي مديرة مكتبة الشارقة العامة وبسمى المشوح أخصائي مكتبات ومصنف مفهرس في هيئة الشارقة للكتاب التسامح بأنه حاجة مجتمعية، واحترام حقوق الآخرين وحياتهم، واعتراف وقبول الاختلافات الفردية، كذلك تعلّم كيفية الإصغاء إلى الاخرين والتواصل معهم، وتقدير التنوع والاختلاف الثقافي، والانفتاح على أفكار الآخرين.
وركزتا في ورقتهما على اهتمام مكتبة الشارقة العامة بأصحاب الهمم من ذوي الإعاقة البصرية وضعاف البصر فخصصت لهم قاعة تضم عدد من الأجهزة والمعّدات منها أجهزة برايل (ElBraille) والأجهزة اللوحية: الكلمة المقروءة، الكلمة المسموعة. وأنظمة التكبير الإلكترونية: أنظمة الدوائر التليفزيونية المغلقة (CCTV)، القارئة والمكبّرة. والجهاز الحراري: إبراز الصورة التعرّف الحسي. وغيرها من الأجهزة. كما تضم 2.000 كتاب من مختلف الموضوعات بطريقة برايل. كذلك إتاحة المحتوى السمعي (الأقراص الممغنطة والمكتبات الإلكترونية المسموعة والمقروءة ليتم تحويلها).
بالإضافة إلى ما تحتويه المكتبة من أجهزة حديثة من أجهزة إرجاع ذاتي أو عضوية ذكية، وما تتضمنه خطة المكتبة من مشاريع مستقبلية منها مشروع النفاذ إلى محتوى الموقع الإلكتروني لمكتبات الشارقة، وتوفير بنية تحتية تتيح النفاذ والوصول، وبرامج موجهة، كذلك إنشاء مطبعة برايل لتوظف مهارات أصحاب الهمم في الكتابة الإبداعية.
وأوصت بوشليبي بضرورة وجود مكتبة متكاملة بكافة الخدمات والتجهيزات لأصحاب الهمم من ذوي الاحتياجات الخاصة منها مكتبة ناطقة للمعاقين بصريا في إمارة الشارقة. وأهمية عمل دورات تدريبية لبعض من موظفي مكتبات الشارقة بكافة فروعها على كيفية التعامل مع الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة. كذلك عقد لقاء دوري مع أصحاب الهمم تنظمه مكتبات الشارقة بالتعاون مع جمعية الامارات للمعاقين للاستماع إلى احتياجاتهم لتقديم خدمات أفضل.
وعن تيسير الوصول الحر في مكتبات أبوظبي ذكرت شيخة المهيري مديرة المكتبات بدار الكتب الوطنية في دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، بأن المكتبة تهدف إلى إتاحة المعلومات والخدمات لأوسع شريحة ممكنة من الجمهور في إمارة أبوظبي. وإزالة كافة المعوقات أمام المعلومات والخدمات وإتاحتها للجميع. وأن تكون المعلومات والخدمات التي نقدمها ذات صلة مباشرة باحتياجات الجمهور.
وأنه تتوفر ست مكتبات متوزعة على الإمارة. ومكتبة تتبع إدارة المجمع الثقافي. وتوفر المكتبات الخدمات في مواقعها وتمدها الى مواقع أخرى حسب الحاجة والإمكانيات. كذلك تهدي دار الكتب من منشوراتها للمؤسسات المختلفة عبر دولة الإمارات والعالم، كما توفر المكتبات خدمة المكتبة الرقمية مجانا لكافة المقيمين بدون الحاجة لعضوية المكتبة. كما تتيح خدمة تدوير الكتب بين كافة الأفرع لتيسير وصولها للجمهور.
وعن الخدمات التي تقدمها المكتبة هناك خدمات المكتبات التقليدية، خدمة المكتبة الرقمية، البرامج الدائمة، البرامج الموسمية والاحتفالات، المسابقات، البرنامج المهني والثقافي، برامج الشراكات المؤسسية والمجتمعية، الإهداء والتبادل، الاستشارة والمساندة في الخدمات الفنية للمكتبات. كما تقوم المكتبة بزيارة لمراكز ذوي الهمم ومؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية، وتقدم الخدمات لهم وتستضيفهم بشكل دوري في المكتبات. كما تقدم برنامج خاص للمكفوفين وتوفر كتباً متخصصة لهم. وتشارك ذوي الهمم في مسابقات المكتبات: مسابقة الكاتب الصغير ومسابقة القارئ المبدع ومسابقة العرض المسرحي.
وقدمت د. ميلاني وود أمينة مكتبة في جامعة زايد ورقة حول المكتبة الحية المفتوحة في مختلف الأماكن وحرية المعلومات التي يمكن أن توفرها، كذلك تحدثت ليندا أوستلوند مديرة المكتبة الطبية الوطنية في جامعة الإمارات العربية المتحدة عن المجلات المفترسة: مشكلة متنامية داخل نموذج الوصول الحر، ويقصد بالمجلات المفترسة تلك المجلات المقرصنة أو المقلدة لغيرها من المطبوعات بالاسم نفسه.