الشارقة، 18 فبرایر 2020 - صدر مؤخراً عن معھد الشارقة للتراث العدد الجدید من مجلة "مراود" محتفیاً بالحرف التراثیة الإماراتیة تزامناً مع انطلاقة الدورة الثانیة عشرة من ملتقى الشارقة للحرف التقلیدیة، وقد حوى العدد العدید من الموضوعات الغنیة والمھمة، كما تابع الفعالیات والأنشطة التي نظمھا المعھد خلال الفترة الماضیة، والتي أسھمت في تعزیز الوعي بالتراث، والتعریف بھ، والاعتزاز بقیمھ ورموزه.
وقال سعادة الدكتور عبدالعزیز المسلّم، رئیس المعھد، رئیس تحریر المجلة: "تُعدّ الحِرف من الركائز الأساسیة التي تقوم علیھا حیاة المجتمعات الإنسانیة، ومنھا تتكوّن كثیر من الرموز والمصطلحات والألفاظ، والعادات والتقالید التي تدور في فلَك الحِرف والمھن الشعبیة، وقد وعى معھد الشارقة للتراث تلك الأھمیة مبكّراً؛ فأولى الحِرف عنایة خاصة، وخصَّص لھا ملتقىً سنویاً ینظمھ منذ عام 2007،بتوجیھات سامیة من صاحب السموّ الشیخ الدكتور سلطان بن محمّد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إذ وضع مسألة صون الحِرف التراثیة وإحیائھا ونقلھا وحمایة مبدعیھا، على رأس أولویات العمل الثقافي والتنموي في الإمارة، كما یضطلع مركز الحرف الإماراتیة، التابع للمعھد، بجھود كبیرة ومضنیة في سبیل حمایة الحرف والمحافظة علیھا من الضیاع والاندثار، وتقدیر الجھود الفردیة والمؤسسیة المبذولة في ھذا المجال".
وأكد أن العدد یأتي احتفاء بالدورة الجدیدة للملتقى بالتزامن مع إدراج الشارقة ضمن شبكة المدن المبدعة في مجال الحرف والفنون الشعبیة، تحت عنوان «حرف شارقیة» إسھاماً من المعھد بإبراز منجز الشارقة الكبیر في المحافظة على الحرف وصونھا، ودعم القائمین علیھا، وذلك من خلال برنامج ثقافي متكامل، یبرز جمالیات الحرف الشارقیة، وأھمیتھا وعراقتھا وتنوّعھا، موزّعاً على بیئات تراثیة
بحرفھا التقلیدیة، ومنھا الجلافة، وصناعة المالح، وفلق المحار، وصناعة القراقیر، وصناعة اللیخ في البیئة الساحلیة، وحرفة السدو، وغزل الصوف، وصناعة الزربول، والسقى، والصقار، والمقھوي في البيئة الصحراوية.
وأوضح أن العدد یحتفي بالشارقة، بوصفھا مدینة مبدعة في الحرف والفنون الشعبیة، من خلال إفراد ملف خاص، شامل، یتماشى مع شعار الدورة الجدیدة من الملتقى، وھو «حرف شارقیة»، وأھمیة الملتقى بعیون الكتّاب والباحثین، ودور المعھد في حمایة التراث الحرفي وصونھ، وتوثیق دورات الملتقى السابقة، وحكایة حرفة، بالإضافة إلى الأبواب الثابتة التي استحضرت كنھ التراث وعمقھ، مثل أعلام وأبیات عن الشاعر بن ثعیلب العامري، وحرف وعزف «البص یوم یمرّ مشحون»، ورموز من التراث عن الوالد عبید بن صندل، مستشار التراث الوطني بالمعھد، والتراث الثقافي غیر المادي في الصین، وحصون فلي، وموضوعات تراثیة وثقافیة تلامس مختلف الجوانب.
وتحدث الدكتور منّي بونعامھ، مدیر المحتوى والنشر، مدیر تحریر المجلة، عن الشارقة مدینة الحِرف، مشیرا إلى أنھ لیس من قبیل المصادفة أن تكون الشارقة مدینة مبدعة في مجال الحِرف والفنون الشعبیة، بل ھي تتویج لجھودٍ ومساعٍ امتدت لعقود في المحافظة على الحرف التقلیدیة، وصونھا من الضیاع والاندثار.
وإذا كان ھذا اللقب أو التتویج قد وضع الشارقة في المكانة التي تلیق بھا، في مصاف شبكة المدن المبدعة عند «الیونسكو»، فإنھ یحدونا إلى استحضار أھمیة ھذا الاستحقاق، انطلاقاً مما راكمتھ الإمارة الباسمة، بفعالیاتھا وبرامجھا، من إنجازات مبھرة وملھمة للعالم، عدَّلت الصورة النمطیة التي انتشرت وترسخت لدى الكثیرین عن التراث الشعبي، والتراث الحرفي على وجھ الخصوص، في عصر العولمة والتقنیات المتطورة والابتكارات المتلاحقة، وأبانت الشارقة من خلال ذلك كلھ أن الحرف التقلیدیة ھي المرتكز الأساس الذي تقوم علیھ حیاة المجتمعات الإنسانیة، والمرآة العاكسة لنمط حیاتھا وأسلوب عیشھا وعاداتھا وتقالیدھا.
وأشار إلى أنھ اتساقاً مع المشروع الثقافي التراثي الإحیائي لصاحب السموّ الشیخ الدكتور سلطان بن محمّد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أطلق معھد الشارقة للتراث ملتقى الشارقة للحرف التقلیدیة لیضطلع بتلك الغایة المنشودة، ویسھم إسھاماً معتبراً في حمایة الحرف التقلیدیة وصونھا، ووضع التدابیر اللازمة لذلك، عبر دوراتھ السابقة، التي مضى علیھا أكثر من عقد من الزمان، كما یقوم مركز الحرف الإماراتیة بجھد كبیر في المحافظة على الحرف التقلیدیة، بشقیھا النسائي والرجالي، وإبرازھا وتوثیقھا،
فرص عمل جدیدة، وصقل مھارات الحرفیین الإماراتیین التسویقیة، وتدریب الشباب الإماراتي؛ لإیجاد حرفیین جدد، ونشر الوعي بأھمیة المنتجات الحرفیة، وتوثیق الحرف والمھن التراثیة الإماراتیة، والترویج للمنتجات الحرفیة وتسویقھا، واستحداث الوسائل الكفیلة بزیادة إنتاج الحرفي.
وأكد أن الجھود القیّمة، والإسھامات الكبیرة التي تقدمھا الشارقة للعالم، ھي التي جعلتھا تتبوأ تلك المكانة عن جدارة واستحقاق، وھي امتداد طبیعي، وحصاد ثري لسنوات طویلة من الزرع والبذل والعطاء، فأثمر ذلك كلھ خیراً كثیراً ووفیراً، ومكانة لا تسامیھا مكانة، فأینما ذكرت الشارقة لازمھا ذلك الإشراق البھي، والعمل السخي، والموقف الأبي، والكف الندي.. فھي الشارقة الأیقونة، والشعلة والمشعل، والأمل الذي یحیلنا إلى الأفق المشرق.