رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

لقاء خاص مع الأدیبة د. سناء الشّعلان حول أدبھا للأطفال

لقاء خاص مع الأدیبة د. سناء الشّعلان حول أدبھا  للأطفال
الشعلان : أدب الطّفل قضیة وأولویة حیویة، فالمستقبل مرھون بالطّفل العربيّ لاسیما في ضوء واقع مأزوم بالتّحدیات والعقبات. 

جوهرة العرب 
 أجرى اللّقاء في عمان: الأدیب العراقيّ عباس داخل حسن
* أدب ومسرح الأطفال عند الدكتورة سناء الشعلان وھج إبداعيّ آخر. أجوبة تختصر الواقع الحقیقيّ والمشكلة الحقیقیّة التي یعاني منھا أدب الأطفال في الوطن العربيّ. 
* كما لھا الكثیر من الإسھامات في أدب الطّفل العربيّ؛ فقد صدر لھا كلّ من: "زریاب: معلّم الناس والمروءة:، و" ھارون الرّشید: الخلیفة العابد المجاھد"، و"الخلیل بن أحمد الفراھیديّ: أبو العروض والنّحو العربيّ"، "اللیث بن سعد: الإمام المتصدّق"، و"العزِّ بن عبد السّلام: سلطان العلماء وبائع الملوك"، و"عباس بن فرناس: حكیم الأندلس"، و"زریاب: معلّم الناس والمروءة"، و"صاحب القلب الذھبي"، و"زینب تحبّ شعرھا"، وروایة "بیت دیمة"، وعدد كبیر من المسرحیّات والقصص المنشورة في المجلات المتخصّصة. 
* وللدكتورة سناء الشعلان إسھامات جلیلة في مسرح الطّفل والمسرح التّعلیميّ وللحدیث عن تجربتھا الغنیة بھذا المجال كان لي ھذا اللّقاء معھا في أثناء مجاورتي الثّقافیّة لھا في عمان، وھو الحلقة الأولى من سلسلة حلقات معھا تسلّط الضّوء على تجربة حفرت اسمھا عمیقاً في المشھد الإبداعيّ والأدبيّ بحروف ماسیّة، وتوّجت بألقاب لا تُعدّ ولا تُحصى، منھا: سیدة القصّة العربیّة، سیدة أدب العشق وشمس شموس الأدب العربيّ وأمیرتھ. 
 وللوقوف على إسھامات الأدیبة المبدعة الدكتورة سناء الشعلان في مجال أدب ومسرح الطّفل كان لنا ھذا اللّقاء لتسلیط الضّوء على أدب الأطفال والیافعین لما یشكّلھ من أھمیّة استثنائیّة في بناء المجتمع؛ لأنّ الطّفل ھو حجر الأساس لمستقبل أيّ أمّة ترید النّھوض وبناء مجتمع تنویريّ وثقافيّ یعتمد على تنشیط الخیال العلميّ والإبداعيّ والقیميّ.  

 * كیف ترین أھمیّة أدب الأطفال؟

أدب الأطفال قضیة أولویات حیویة، فالمستقبل مرھون بالطّفل العربيّ لاسیما في ضوء واقع مأزوم بالتحدیات والعقبات، وأمتنا تتعرّض لتحدّیات مصیریّة، وعلینا أن نحسن إعداد رھان المستقبل، وھو رھان الإنسان، ثم أنّ الطّفل العربيّ لھ خصوصیّتھ شأنھ شأن أيّ طفل في العالم، ومن الواجب أخذ ھذه الخصوصیّة بعین الاعتبار عندما نكون في معرض تقدیم أدب لھ. 

* ما ھي أسباب فشل أدب الطّفل العربيّ في استلھام الموروث الثرّ للحكایات ذات المعاني العمیقة التي وردت في التّراث العربيّ الضّخم على سبیل المثال "كلیلة ودمنة" وتناول شخصیات مكررة من قبل كتاب آخرین في أقطار الوطن العربيّ؟ 

 أعتقد أنّ انقطاع الكاتب العربيّ عن اتّصالھ بلغتھ وتاریخھ، وتصدّي الكثیر من خاملي الموھبة أو معدومیھا للكتابة في حقل أدب الأطفال ھو المسؤول الأساسيّ عن ھذا الحال المزري. 

* ما ھي أسباب عدم مواكبة أدب الطّفل في الوطن العربيّ للتّقنیات الحدیثة وابتكار شخصیات كارتونیّة مختلفة تستنبط البیئة والثّقافة العربیّة؟ 

 كیف یمكن للمبدع العربيّ أن یواكب التّقدم العلميّ وھو ابن بلدان لا تنتج الحضارة في الوقت الحاضر؟! من ینتج الحضارة ھو من یكتب عنھا، ونحن الآن على ذمة التّاریخ لم نقم بثورة معرفیّة تعیدنا إلى مكان الصّدارة في الحضارة، وتحوّلنا من منتجي الحضارة، بدل واقع حالنا بوصفنا مستھلكین للمنتج الحضاريّ بأشكالھ جمیعھا. 

* ما ھو دور المؤسّسات المعنیة بثقافة الطّفل في الدّول العربیّة؟
 
 تلكم المؤسّسات في الغالب متعثّرة،ولا یقوم بالدّور المؤمل لھا إلاّ القلیل منھا، ومعظمھا غارق في إرباكات الشللیّة والعصابات واحتكارات تجّار المناصب،أو تعاني من نقص المیزانیات.
والنتیجة النّھائیّة المحزنة ھي التّقصیر في عملھا،وفیما تقدّمھ من خدمھ لأدب الطّفل. 

* ما ھو دور المناھج التّعلیمیّة والتربویة الجافة في نشوء تخلف القراءة عند الطّفل والتجھیل بأھمیة الثقافة بسبب عدم اعتماد المختصین في ھذا المجال ورسم خطط استراتیجیة مرافقة للمناھج ؟ 
 جمیعھا مسؤولة عن التّقصیر، وھناك حاجة وطنیّة حضاریّة لأجل تغیر سیاسة المناھج العربیّة كافّة لتقدیم إبداع عربيّ ضمن مناھج حضاریّة ترفع من كفاءة الطّفل وإبداعھ، وتحرّضھ على التفكیر،لا مجرد مناھج مثقلة بالملل والحفظ والاستلاب.

* هل غدا الطّفل العربيّ أسیر أدب الآخر؟ وما السّبیل للخروج بھ من ھذا الأسر؟ 

 في ظلّ غیاب أدب الأطفال الجاذب للطّفل العربيّ، بات الطّفل العربيّ یتّجھ إلى أدب الآخر الذي یسمّمھ فكره بأفكار غریبة عنّا وعن حضارتنا وعن مجتمعنا وقیمنا ودیننا، بل إنّھ یقدّم لھ النّموذج الھابط لیكون بطلھ وقدوتھ في الحیاة.
 ولا سبیل للخروج بأبنائنا من ھذا الأسر المأساويّ الذي یھدّد مستقبلنا سوى بتقدیم ترسانة أدبیّة عربیّة بدیلة قادرة على أن تسرق الطّفل العربيّ نحو منظومتھا، وذلك لا یكون إلاّ بتقدیم أدب عریق ناضج مقنع. 

* ما مدى تقصیر دور النّشر المتخصصة في توظیف التّقنیات على صعید التّصمیم والطباعة ودعم الرّسامین وتطویر المنتج الإبداعيّ الخاصّ بالأطفال من خلال الأقراص المدمجة والمواقع الإلكترونیّة؟ 

 تقصیرھا كبیر وواضح الأثر السّيء؛ وذلك سببھ أنّ معظم ھذه الدّور ھي تنطلق وتُدار من قبل سمسارة وتجّار من العیّار المتكالب على المادّة والرّبح السّریع، لا من قبل مفكرین أو مثقفین أو مبدعین .وھؤلاء یسعون في الغالب إلى الرّبح الكبیر بأيّ شكل من الأشكال دون أن ینطلقوا من ھدف تربويّ أخلاقيّ وطنيّ. 

* ما سبب تراجع المجلاّت المتّخصصة بأدب الطّفل؟ فمنذ عقود كانت ھناك تجارب رائدة تراجعت لسبب أو لأخر في العراق مثلاً. ولكن ھذه المجلاّت انحسرتْ، وكثیراً منھا توقّف عن الصّدور.  

 أعتقد أنّ الأوضاع السّیاسیّة القلقة في المشھد العربيّ قد حطّمت الكثیر من المنجزات الإبداعیّة العربیّة، لاسیما في مجال أدب الأطفال؛ ولذلك لابدّ من تدخل حكوميّ وطنيّ داعم بشكل حقیقيّ وكامل لأجل أن تقف ھذه المؤسّسات على أرجلھا من جدید. 

* هل ھناك خطّة للتغلب عن سوء التوزیع وانعدام التّكامل العربيّ في مجال كتب ومطبوعات الأطفال؟  
 خطّة بھذا الشّكل یجب أن تكون خطّة وطنیّة وقومیّة متكاملة، وحتى الآن لم نسمع عن خطّة بھذا الشّكل. كلّ ما نسمعھ في ھذا الشّأن ھو محض وعود تذھب أدراج الرّیح. 

* ھل أنتِ راضیة عن حصة الطّفل في السّینما والمسرح من مجمل الإنتاج الثّقافيّ والفنيّ في المشھد العربيّ؟ 

 بالتأكید أنا لست راضیة عن ذلك؛ فھي حصّة قلیلة وھزیلة إلى درجة كارثیّة تعكس مدى تقصیرنا في إعداد النّاشئة العربيّ. 

* ما ھي آخر إسھامات سناء الشعلان للنّاشئة العربیّة؟ وما موضوع ھذا العمل الإبداعيّ الجدید؟  

 ھو روایة للفتیان بعنوان "أصدقاء دیمة"، وھي روایة تطرح إشكالیّات الأطفال ذوي الاحتیاجات الخاصّة، وتضع خطة مفترضة لدمجھم في المجتمع بكلّ عادلة. وھي تطرح فكرة انتصار الإرادة والمحبّة والعمل والعلم والقدوة الحسنة على الإعاقة والعجز والحزن والیأس؛ فھي روایة البطولة المطلقة لأطفال جمیعھم یعانون من الإعاقات المختلفة.
 وھم یقرّرون أن یعیشوا السّعادة والحیاة بتفاصیلھا جمیعاً على الرّغم ممّا یعانون منھ من تجاھل المجتمع لھم، وإصراره الظّالم على تھمیشھم في ظلّ رفضھ لھم ولوجودھم المختلف عن وجود معظم أفراده ممّن لا یعانون من إعاقات. 
 فھذه الرّوایة تسعى إلى تقدیم تجربة أخلاقیّة نفسیّة اجتماعیّة جمالیّة للأطفال حول انتصار ذوي الإعاقات على إعاقاتھم، وھي تبرز ھذه التّجربة تحت وضعھا تحت مجھر الدّراسة والتّعامل معھا ومع تفاصیل حیاتھا ومعاشھا وظروف التّعامل معھا. 
 وأبطال ھذه الرّوایة، وعلى رأسھم (دیمة)، یدرسون معاً في مدرسة (بیت دیمة). والدّكتور(عبد الجبّار السّاري) وزوجتھ (عفاف) والمعلّمة (نعیمة) ھم من یقودون الأطفال في درب التّعلّم، والخروج من العزلة، واكتشاف مھاراتھم وقدراتھم، ویدفعونھم إلى التّفاؤل والعمل وحبّ الحیاة، إلى أن ینتصروا على إعاقاتھم، وأن یعیشوا الحیاة بكلّ سعادة ومحبّة، وأن یقدّموا العون لمن یحتاجھ، وأن ینخرطوا في مجتمعاتھم رافضین إقصاءھم وتھمیشھم. 
 فھذه الرّوایة تعلّم الطّفل من فئة ذوي الإعاقات أن یكون شجاعاً قویّاً متحدّیاً، كما تعطي درساً أخلاقیّاً وإنسانیّاً للمجتمع كلّھ لیعترف بأبنائھ من ذوي الإعاقات، وأن یولیھم اھتمامھ وافراً، وأن یعطیھم حقوقھم موفرة. 
 وقد استعارت الرّوایة بعضاً من استشرافات الخیال العلميّ والفنتازیا لتقدّم استدعاءات لنماذج من العباقرة والمبدعین والموھوبین والأبطال عبر التّاریخ الإنسانيّ كلّھ لتوظیف إرادتھم ونضالھم في تكوین حافز لأطفال الرّوایة من ذوي الإعاقات كي یستخلصوا منھم دروساً في العمل والمحبّة والإصرار على الحیاة.

* بعد أن فازتْ روایتك "أصدقاء دیمة" بجائزة كتارا لروایة الفتیان للعام 2018 ،قمتِ بتوقیعھا في حفل مشترك في الحي الثّقافيّ في الدّوحة. ماذا تقولین عن ھذه التّجربة؟
إنّ جائزة كتارا قد غدتْ مشروعاً عربیّاً روائیّاً عملاقاً لا یكرّم المبدعین فقط، بل ھو یصنع الرّوایة من باب أنّھا منتج إبداعيّ یحتاج إلى التّصنیع والتّقدیم والتّرویج والتّسویق، وھي تتحمّل نفقات كبیرة لأجل خدمة جمالیّة ھذا الفنّ، ودعمھا نحو القمّة الإبداعیّة في مشھد عربيّ یزخم بالتّجارب الإبداعیّة الممیّزة التي تحتاج إلى دعم واھتمام مؤسسيّ ذكي. 

* ماذا تقولین عن فوز روایتكِ "أصدقاء دیمة" بجائزة كتارا لروایة الفتیان للعام 2018؟ 

 لا یستطیع أيّ مبدع أن ینكر أنّ صناعة الروایة أصبح مركزھا جائزة كتارا للروایة العربیة، وأنّ المرور من ھذه الجائزة یشبھ الولادة الحقیقیة للمبدع العربيّ؛ فكلّ الذین انطلقوا أو مروا من ھنا أخذوا دفعات حقیقیة في المشھد الثّقافيّ، سواء من حیث البعد المعنوي أم الإبداعيّ؛ فالفرص التي تمنحھا جائزة كتارا للفائز من خلال النّشر والتّرجمة والتّوزیع والتّسویق، لا تتاح لأيّ أدیب آخر، لافتة إلى أنّ كتارا قد قدّمت صورة مشرقة ومشرفة من خلال إضفاء الحيادية على العمل الإبداعي .

* ھل ترین في إطلاق روایتكِ "أصدقاء دیمة" في التّطبیق الإلكترونيّ "مشوار وروایة" خطوة جدیدة في دعم منجزك الأدبيّ للأطفال؟ 

یأتي إطلاق روایتي "أصدقاء دیمة" بشكل صوتيّ ضمن مشروع أطلقھ الحي الثّقافيّ كتارا تحت اسم "مشوار وروایة"، وھو عبارة عن تطبیق على الجوال واللوحات الإلكترونیة بنظامي (أندروید وآبل)، ویتیح الاستماع إلى الروایات العربیة غیر المنشورة الفائزة بجائزة كتارا للروایة العربیة في دوراتھا الثلاث، أن تم تحویلھا من روایات مكتوبة إلى روایات صوتیة، بخصائص تكنولوجیة وإلكترونيات عالية .
ومن ممیزات التطبیق سھولة الاستخدام، حیث یمكن استخدامھ على جمیع الأجھزة واللوحات الإلكترونیة، كما یُمكن ھذا التطبیق المستخدم من معرفة عدد الكلمات المسموعة لكل كتاب إلى جانب معرفة المسافة التي قطعھا عند الاستماع (بالكیلومتر وبعدد الخطوات)، ویتیح أیضا معرفة عدد السعرات الحراریة التي تم حرقھا خلال المشوار.
 ویحتوي كل كتاب في ھذا التطبیق، على ملخص عن الروایة والسیرة الذاتیة للكاتب إلى جانب الملف الصوتي للروایة.
وتھدف ھذه المبادرة إلى الربط بین الروایة والریاضة، باعتبار أن قطر أول من دعا إلى تخصیص یوم ریاضي للدولة من كل عام، بھدف تشجیع الجمیع على ممارسة الریاضة.
 وتأتي ھذه المبادرة لتعزز سلسلة المشاریع والمبادرات التي أطلقتھا جائزة كتارا للروایة العربیة في الدورات الثلاث السابقة. 
 وأنا شخصیّاً سعیدة بإطلاق روایتي صوتیّاً ضمن مشروع "مشوار وروایة"، وأرى في ھذا البرنامج خطوة رائدة في تقدیم المنجز الرّوائيّ العربيّ بأحدث الأشكال التي تواكب روح العصر والتّطوّر. وأدعو من یحبّون قلمي لا سیما من الفتیان والفتیات إلى أن یسمعوا الرّوایة عبر التّطبیق الالكترونيّ الذي یمكن إنزالھ على أجھزة الاتّصال الذّكیة، وعلى الحواسیب بأنواعھا جمیعاً.