رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

سكر محلي محطوط على كريمة .. بقلم الأستاذة رنا حداد

سكر محلي محطوط على كريمة .. بقلم الأستاذة رنا حداد
جوهرة العرب - رنا حداد
 



جذبتني ابنتي الى عالم «أغاني أشكالية» بطريقة صادمة حينما طلبت مني تغيير الاغنية التي كنت اصغي اليها للراحل العندليب الاسمر « حاول تفتكرني»!!!  ، اذ بعصبية قالت : «ماما بعدين مع أغاني الحزن»... واضافت « يجعل ما حد افتكر»..!!
تفاجأت لحظة بالمصطلح الذي اطلقته ابنتي توا على نوع الاغاني التي أحب وأفضل، بل ايضا وجهة نظرها و ردة فعلها من طلب وجداني من الحبيب ان يتذكر محبوبه ولو حتى على سبيل المحاولة.. !!
ومن مبدأ «ساير العيار لباب الدار»، طلبت منها ان نستمع سويا لأغنية على ذوقها الخاص، وبالفعل اختارت ابنتي وبتقنية «البلوتوث» من هاتفها الخلوي- اداة التغيير الأشمل في الاذواق والمحتوى وحتى العاطفة - اغنية «سكر محلي محطوط على كريمة».. نعم واسم المطرب «حسن شاكوش» للعلم .. اسم لم يرن في عالم الفن قبلا لكنه يفعل اليوم بمشاهدات تفوق الملايين لاغنيته.
ادركت ان انحياز ابنتي للاغنية .. كما هو حال الكثير ممن احبوها وقبلوها من مختلف الاعمار، ما هو الا حالة رفض لما نريد من ابنائنا ان يفعلوا، كأن يحبوا على طريقتنا مثلا، وان يحلموا كما فعلنا ذات عمر ، وان يشتاقوا في زمن «غيّر» حتى روائح الذاكرة والورد والقضية التي قد نتبناها في قلوبنا.
متى سندرك ان القلوب الصغيرة التي عاشت بين ايدينا كبرت واصبحت تحلق في سماء الكون ، الذي لم نعرف منه نحن شيئا غير ان نحب وان نكتوي بنار الشوق والانتظار واللوعة ، وان نحلم ويتحطم الحلم، ونكره بعدها ونحزن.
لماذا اطالب صغيرتي وحتى هذا الجيل،  ان تعتبر مثلي المفضل من اغاني الهجر والعذاب والحرمان هو زمن الغناء الجميل؟
نعم، انت على صواب يا صغيرتي ..
التهموا «السكر» المحلي .. ولا تخضعوا للمرار ..
بل انتم معشر الشباب يا من تحبون «سكر محلي محطوط على كريمة».. لا نريد ان تحزنوا كما فعلنا ، لا نريد ان تنظروا للحب من المستقبل، لتبدأ بعدها عندكم الكراهية، فإن الذين ارتكبوا الجرائم الكبرى فى تاريخ البشر أناس كرهوا كل شيء بعد ان احبوا وصدموا ،وتعلقوا بحبال الوهم والانتظار.
لا نريد لابنائنا ان يكرهوا الحلم ، ولا ان يرفضوا الواقع ، لن نفرض عليهم «زمن جميل» لنتركهم يعيشوا الواقع بشرا واحلاما، ثم يختاروا الافضل ، بدون تدخلنا.
دعونا لا نقول ولا نكرر مقولتنا الاشهر «انها محنة اجيال لم تعرف الحب» هم يحبون، ويدركون ان الكراهية اقصر طريق للجريمة.
ولنعد لقول سقراط ، ولفظه : « لا تكرهوا أولادكم على آثاركم ، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم «.