الشيخة انتصار سالم العلي: "مؤسسة انتصار” تهدف الى دعم النساء المتضررات من الحرب وزيادة وعيهن للتغلب على مشاكلهن
جوهرة العرب
بقدر ما تشعر الشيخة انتصار سالم العلي الصباح بالرضا من نتائج مبادراتها الإنسانية ذات الطابع الدولي و الانساني، و المتخصصة بتأهيل النساء اللواتي عانين من الحروب، بقدر ما تستشعر الحاجة لمزيد من الجهد الريادي والمبدع في جعل المرأة العربية نصفاً حقيقياً للمجتمع، تتقاسم مسؤوليات التنمية والاستقرار مع الرجل بدون غبن متوارث أو مستجدّ.
أثناء وجودها في العاصمة الأردنية للمراجعة الدورية لنتائج برنامج "مؤسسة انتصار” التي تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة باستخدام التوعية الثقافية عن طريق استخدام علم النفس الدرامي، من أجل إعادة تأهيل النساء المتضررات من الحروب، كان للشيخة انتصار استراحة قصيرة بين لقاءاتها مع المتدربات، تحدثت فيها عن الرؤية الإنسانية التي تستهدفها مجموعة المبادرات التي أطلقتها خلال السنوات القليلة الماضية وألزمت نفسها بأن تجعل مقراتها في عواصم ومدن عالمية لها قواعدها الصارمة في مراقبة الأداء وتقييمه.
وكانت مصادفة أن اللقاء تزامن مع اليوم العالمي للمرأة، وذلك من أجل الوقوف على تقييم موضوعي يقرأ في الراهن بقدر ما يستشرف المستقبل لوضع المراة العربية.
الشيخة، انتصار سالم العلي الصباح، قالت أن وضع المرأة العربية ولله الحمد ومنذ بعض سنوات بدأ بالتحسن، فهي نصف المجتمع، لكن لسنوات سابقة عديدة مضت، كان وضعها أقل من نصف المجمتع، وهي الآن تصل مكانها الطبيعي، ولها قرارات انعكست بصورة إيجابية تمثل بتحسين وضعها المفترض لنصف المجتمع.
وانطلاقا من فكرة تعزيز وضع المراة ورفع مكانتها في المجتمع العربي ومساعدة النساء لتجاوز محنتهم في ظل تزايد النزاعات و الحروب رأت الشيخة انتصار تقديم الدعم لهؤلاء النسوة لزيادة وعيهن و التغلب على مشاكلهن .. فجاء الحديث معها على النحو التالي:
*الشيخة انتصار سالم العلي من عائلة حاكمة بدولة الكويت الشقيقة وهي دولة مسالمة وخيرة، كيف جاءتك فكرة إنشاء مؤسسات انتصار الخيرية التي تعنى بالنساء المتضررات من الحروب؟
– فكرة "مؤسسة انتصار” أتت عندما طُلب مني من قبل "اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي” بعقد حلقة نقاشية بالكويت لزيادة الوعي لدى المرأة العربية المتأثرة بالحرب وخاصة نجد تزايد الحروب في الدول العربية أكثر من أي وقت مضى.
حيث عقدت الحلقة النقاشية التي صاحبها معرض فني، وكانت واحدة من التوصيات التي خرجت بها هذه الحلقة النقاشية زيادة المساندة النفسية والصحية للمرأة العربية والطفل. وعندما اطلعت على ما يُقدّم للمرأة العربية من مساندة لم أجد أي تركيز على مساندة المرأة العربية صحياً ولا جسدياً ولا نفسياً مما دفعني الى البحث في المعضلات والأسباب التي تجعل العزوف عن هذا الشيء، ووجدت أن آخر شيء يفكر فيه المجتمع الإنساني في وضع المراة أنها دائماً تضع أطفالها وأسرتها قبلها هي نفسها، والشيء فضلاً عما نعتبره في مجتمعاتنا بالعيب والعار، لاي شخص يسعى للتأهيل النفسي.
*كيف يمكن للمرأة ان تتخطى هذا العيب و ان تستقل بنفسها للتاهل نفسياً؟
عندما أُجري استبيان عن السبب الذي يوقف التأهيل النفسي، اتضح أنه يوجد العديد من الفئات يجدونه عيباً وعاراً من طرف الأهالي،حتى وإن كانت لدى هذه الفئات الرغبة في التأهيل النفسي، الا ان تدخل الأهل بمنعهم من ذلك، مبررين ذلك بالقول أنه يوجد لدينا جيران ويخشون نظرة المجتمع. وانا اعتبرها وصمة عار ومطلوب منا العمل على تخطيها. وما نقوم به في مؤسسة انتصار من علاج نفسي للنساء المتضررات من الحروب يختلف عن التأهيل النفسي الاعتيادي.
*فيما يكمن الاختلاف؟
نحن لا نريد إرسال النساء المتضررات من الحروب الى الطبيب النفسي المعالج، فنحن نطبق ما يسمى بالتأهيل النفسي بالدراما، يخلق نوع من المرح، ويساعد في عملية التأهيل نفسي، وانا لا اصفه بانه علاج طبي، بل هو المعالجة النفسية عن طريق الدراما، حيث تخضع النساء الى مايقارب من 800 ساعة من التدريب، عدا الرسم وأشياء بسيطة. ووجدنا خلال تجربتنا هذه أن هذا المزيج الجميل ما بين علم النفس والفن والسعادة البهجة، يساعد على تجاوز النساء محنتهن و يعدن الى حياتهن الطبيعية ، فالفن يساعد المرأة أن تتخلص من أعبائها النفسية بشكل أفضل وأسهل واجمل.
* لماذا اخترت تسجيل المؤسسة الخيرية في بريطانيا تحديدا، رغم انها مؤسسة تعنى بالنساء العربيات؟
مؤسسة انتصار الخيرية مُسجلة رسمياً في العاصمة البريطانية لندن، لكونها مؤسسة عالمية، حيث انها تخضع لأحكام وشروط صارمة جداً هناك ، أفضل بكثير من تسجيلها أحد البلاد العربية.
لهذا قمت باختيار بريطانيا، لأجل رفع سقف أعمال المؤسسة، وتهدف بالدرجة الأولى إلى المحافظة على المرأة، حتى لا أقول منحها قوة.
هذا الأمر منحنا العمل بطريقة أكبر وأفضل من لو كانت المؤسسة مسجلة في مكان قواعده اقل صرامة، لأنه كلما زادت القواعد والشروط والتعليمات صرامة، كلما ارتفع سقف العمل في لاستيفاء القواعد والشروط الموضوعة من قبل الجهة التي تم إشهار المؤسسة منها .
*تحدثنا عن تأهيل المرأة نفسيا وهو هدف المؤسسة ، هل لنا ان نعرف الى ما ترمون إليه من خلال ما قتوم به مؤسسة انتصار؟
الأهداف التي تأسست عليها مؤسسة انتصار هي العمل على تأهيل المرأة العربية لكي تمكنها من أن تكون أداة للسلام في عالمنا العربي. فلقد وجدنا أن المساندة النفسية للمرأة تصنع تغييرا في نفسيتها بطريقة فاقت توقعاتنا، ووجدنا أنها تعمل على تغيير شخصية أطفالها وعائلتها والمجتمع المحيط بها، فعملنا عليها حتى تصبح أداة من أدوات صنع السلام في عالمنا العربي.
*ذكرت ان المتدربات تخضعن الى 800 ساعة تدريب فكم عدد الخريجات من المؤسسة حتى الآن؟
فيما يخص الخريجات اللواتي تخرجن من مؤسسة "انتصار” وصل عددهن الى 150 خريجة، بعد مرور أكثر من سنة تقريباً على بدا العمل، حيث تم تخريج 18 امراة في مدينة السلط، غرب العاصمة الأردنية، عمّان، اردنيات، فلسطينيات وسوريات. وكان العامل المشترك مع أغلب المشتركات أنهن تلقين دورات سابقة للتمكين والتوعية، ودون استثناء جميعهن أكدن أن الدورات التي تلقينها من مؤسسة انتصار ساهمت على تغييرهن بشكل أكثر فاعلية من عشرات المرات من أي دورة تدريبية أخرى، استخدام العلاج النفسي بالدراما نقوم بمساعدة النساء لرفع قوة ثقتهن بأنفسهن ولأجل ارتفاع صوت المرأة بالمطالبة بحقوقها الأصيلة حتى تعرف أيضاً متى تقول نعم ومتى تقول لا. وتمكينها أن تقول "هذا لا يعجبني” عندما يقتضي الأمر، حتى تتجاوز ضغوطات الحياة بشكل اوتوماتيكي ولا تعمل على نقل هذا ضغط لاولادها وعائلتها.
فعندما تشعر المرأة بالراحة يصبح هناك هدوء في البيت وتصل رسالتها بشكل اوضح لانها بدات تحب نفسها أكثر، وعندما تحب نفسها تلقائياً ستحب عائلتها وتكون رسالتها أن تقبل نفسها والآخرين على حد سواء.
*هل لاحظتم ان هناك من النساء اللاتي لم يستجبن للعلاج؟
حتى الآن لا.. فلا توجد إمرأة طبق عليها العلاج النفسي بالدراما ولم يطرأ تغيير على حياتها، بنسبة لا تقل عن 90 درجة إن لم تكن 180 درجة. لان هذا الجانب من العلاج النفسي يعمل على تغيير الشخصيات للأحسن و الى ان تكون اكثر هدوءا والى الأكثر تكون لديها محبة وتسامح، وبالتالي هذا ينعكس على عائلات هذه النسوة وعلى محيطهن و على المجتمع أيضاً.
*كيف ترين ردود أفعال المتدربات مما عايشت تجاربهن؟
قابلت خلال زيارتي الى الاردن مجموعة من الخريجات و حتى الآن لا يوجد أي واحدة منهن تركت التدريب طواعية، فمن الخريجات مثلاً عُدن الى سوريا، و لكن لا يوجد أي من الخريجات غادرت الدورة من غير التأثير عليه، بل لاحظنا ال تأثير كبيرا ولذلك تستمر الدورة من 11 حتى 16 أسبوع دون أي ان تكون هناك فائدة مادية.
المشاركات في الدورة يتركن بيوتهن وأولادهن لمدة 3 ساعات كل أسبوع لحضور التدريب، وان لم تستفدن لما حضرنا لهذه الدورات
*كذلك قرأنا عن انك اطلقت كتاب "دائرة الحب” ضمن الافكار التي تساند النساء حديثنا عن الكتاب وعن محتواه؟
وكتاب دائرة الحب الذي يتضمن تجارب 87 امرأة ناجحة وملهمة في العالم هدفه إعطاء بعد ثاني لعمل المؤسسة. فاخترنا سيدات ملهمات عظيمات تم تصويرهن من قبل مصور عالمي بالابيض و الاسود وكل المشاركات او معظمهن ارتديهن مجوهرات انتصار التي يهب نصف ريع مبيعاتها الى دعم مؤسسة انتصار الخيرية وهذه المجوهرات تحتوي على كلمات ملهمة تزيد من قوة المرأة، و أسميناها بكلمات القوة.
ففي تشكيلها الفني يأخذ ستايل مجوهرات انتصار خصوصيته من أنه يوجد عليه نقوش وآخرى عليه كلمة قوة. فكل النساء المشاركات في الكتاب أبدن سعادتهن وهن يرتدين المجوهرات والتصوير بها، في نفس الوقت أعطى التشكيل قوة للنساء اللواتي استفدن من ريع الكتاب.
الكتاب فني، يوجد به قصص عن نساء ملهمات إضافة لصور و بورتريهات فنية لنساء ملهمات، حيث أن ريع بيع الكتاب ذهب لمؤسسة انتصار الخيرية. حيث ان الكتاب أخذ بعدا اخر في كيفية مساندة المؤسسة الخيرية مادياً إضافة لتعريف العالم بالمؤسسة وما الذي نفعله مع النساء المتضررات من الحرب في المنطقة العربية.
والحمد لله لاقى هذا العمل اعجاب الجميع حيث ان دائرة الحب انطقلت من نساء ملهمات لتصل الى نساء تحتاج الى الدعم بعد معناة مع الاحداث الصعبة التي عايشنها.
*إذا أردنا استشراف المستقبل كيف هي رؤية الشيخة انتصار المستقبلية للمراة ؟
رؤيتي المستقبلية للمرأة هي تحسين وضعها في ظل العولمة والسوشيال ميديا حيث اذا نظرنا الى الكتب التي تصدر عن النساء اللواتي يسردن قصصهن.. نجد ان هناك قصص نجاح وإخفاق وقصص تحمل أشياء سيئة حدثت للمرأة وكيف ساهمت في تغييرها. كل هذا يلهم باقي النساء في كيفية تحسين ظروفهم وهذا ما هدفنا إليه من خلال إصدار كتاب دائرة الحب.
فامنيتي ان اجد عدد كبير من النساء العربيات ملهمات في كل المجالات، منها الثقافية و مجال حقوق المرأة و حقوق الإنسان، وحقوق الطفل، أو في السياسة والقانون أو في الفن. فهذا الأمر يساعد في زيادة تمكين المرأة و يعزز من نجاهن و تصبح لدى المرأة نظرة أكبر لنفسها لتصبح مثل كرة الثلج عندما تبدأ بالتدحرج وتكبر شيئاً فشيئاً.
فواجبنا جميعاً تسليط الضوء على قصص نجاحات سيدات عربيات حتى نلهم النساء الأخريات حتى تكون بأفضل حالاتها.
*سؤال أخير تقليدي للشيخة انتصار: من هي انتصار سالم العلي الصباح؟
هي إمرأة أدركت أنه بيدها أن تساند الكثير من الناس، بداية من نفسها وعائلتها، والآن واجبها العمل على مساندة أكبر قدر من الاشخاص سواء كانوا محيطين بها أو أشخاص يعانون مثل ماهو معمول به في مؤسسة انتصار التي تعنى بالنساء المتضررات من الحرب .
فالأسر العربية بطبيعتها تنعم بالتلاحم والمحبة… وعندما تكون عربيا فإنك لا تخاف من إملاق، الفرق بين العربي والأوروبي، هو أن الأخير يخاف أن يجوع، إذا تقدم به السن. أما نحن فلا نخاف من الجوع، وعلى الدوام نجد أحدا يهتم بنا، سواء من الأهل والأقارب. وهي ميزة تجعلنا في آمان. ما ينقصنا هو أن نحب نفسنا أكثر لأجل أن نقدر على محبة الآخرين… نعطي نفسنا أكثر حتى نعطي أكثر وانا اطمح الى مساعدة مليون امراة عربية وتاهيلها عن طريق علم النفس الدرامي.