رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

سلوك الإنسان في الأزمات: كفانا جلد للذات! .. بقلم المهندس علي ابوصعيليك

سلوك الإنسان في الأزمات: كفانا جلد للذات! .. بقلم المهندس علي ابوصعيليك
جوهرة العرب -  المهندس علي ابوصعيليك

اعتدنا في بلاد العرب عامه والأردن خاصة على مظاهر التهافت على شراء المواد التموينية ومن أبرزها الخبز وبكميات مبالغ فيها وتخزينها كخطوة أولى لمواجهة أي أزمة طارئة مثل أزمة فايروس كورونا الحاليه أو حدث موسمي مثل بداية شهر رمضان أو عاصفة جوية متوقعه قد تتطلب منا الجلوس في المنازل والترقب لفترة غير معلومة مع أن الحكومات تطل دائما بتطمينات تصل لتحديد الفترة الزمنية الطويلة لتوفر المخزون الغذائي ومع ذلك لا حياة لمن تنادي!
من المؤكد وجود دوافع نفسيه لسلوك المواطن أساسها إنساني بحت لا يتعلق بأزمة الثقة مع الحكومات بقدر ما يتعلق بمفهوم الخوف والقلق من المجهول القادم وللتأكيد على ذلك فإن وسائل الإعلام كشفت عن سلوكيات مشابهه في أسواق اقوى اقتصادات العالم وتحديدا أمريكا وبريطانيا وفرنسا وظهرت تقارير كشفت عن فوضوية شديده في أسواقهم رغم وجود ثقه وقوانين نافذه في تلك البلاد إلا أن طبيعة الإنسان ونزعة الخوف والقلق هي التي تحكم العقل الباطني مهما ارتفع مستوى الأمان!
وطالما أن تطمينات الحكومات لا تؤتي ثمارها ويعود الإنسان مع بداية كل أزمة إلى إتباع نفس السلوكيات فإن الحكومات مطالبة أيضأ بتغيير نمط تعاملها مع الحدث بحيث تتم استشاره خبراء ومنهم علماء النفس لأنه من المؤكد أن هنالك طرق قد تؤدي إلى تغيير أي سلوك سيء أو فوضوي والحديث هنا ليس عن عقوبات أو تهديدات ولا حتى تطمينات تقليديه بل الحديث هنا عن الاقتراب أكثر من عقل المواطن وفهمه ومن ثم العمل على التعامل معه.
والسؤال هنا لماذا نستمر بجلد ذاتنا في أغلب الأزمات مع أن السلوك الخاطئ لا يستمر أكثر من أيام قليله ما يلبث بعدها الغاليية في العودة إلى طبيعته العقلانية بل أن المواطن هنا في بلاد العرب ما يلبث أن يظهر الجانب الإيجابي في شخصيته من خلال إقدامه على تقديم الدعم بأشكاله المادي والمعنوي لمجتمعه من خلال أشكال عديدة بعضها مبادرات بسيطة أو حتى بكلمة طيبه، والحديث هنا عن الأغلبية وطبعا لكل قاعدة شواذ.
لقد عشت أكثر من عقدين من الزمن من عمري خارج الأردن وتزاملت في عملي مع أشخاص من حضارات مختلفة غالبيتهم من أوروبا وأمتلك قدرة جيدة في تقييم الأمور بل هي أصلا جزء من مسؤولياتي في عملي ولذلك أجد نفسي ملزما هنا للتأكيد على أن الإنسان العربي (في غالبيته) فيه ميزات عديده جدا تستحق أن تبنى عليها ويستحق من الحكومات أن تعطيه مساحة أفضل من التشاركية والحقوق وأن تعمل جاهدة معه لخلق فرص أفضل لحياته بدلا من قمعه فكريا ونفسيا وعمليا.
لابد من جلد الذات بين الحين والآخر إذا ما كان ذلك من أجل التطوير وبدون مبالغات وأيضا لابد لنا من تخفيف سلوكياتنا الفوضوية التي نرفضها أصلا عندما نعود إلى استخدام عقولنا لاحقنا (بعد أن غيبناها إراديا) ولكن الأهم هو أن نثق بأن في داخلنا إنسان جيد يمتلك الكثير من القدرات وقد ساهم هذا الإنسان العربي في بناء اقتصادات الكثير من الدول الغربية المتقدمة ويستطيع أن يبني اقتصادات دول العرب ولكن ضمن إطار نظام قانوني يساعده ويحترم قدراته لا أن يقصيه ويعامله معاملة العبيد أو كما يقال: مواطن من الدرجة الثالثة!
aliabusaleek@yahoo.com