هُناك شيءٌ إسمهُ " فن اللامُبالاة الذكي" , صحيح أنّ الفكرة قد تبدو سخيفة, إلّا أنّ ما أتحدث عنه هو من حيث الأساس, تعلُم كيفية تركيز الأفكار, وترتيب أولوياتها ترتيباً فعالاً.... كيفية انتقاء, أو اختيار ما يهُمك فعلاً, وتمييز ما لا يهُمك استناداً إلى قيمٍ شخصيةٍ موضوعةٍ بدقة. وهذا أمرٌ صعبٌ صعوبةً لا تُصدق , وقد يستغرق المرء وقتاً حتى يتمرن على التوصل إليه, وعلى الانضباط وفقاً له. وقد تفشل في هذا مراراً وتكراراً , لكن من المُحتمل أن يكون هذا أهمّ صراعٍ يستحق أن يخوضه المرء في حياته كلها. بل لعله الصراع الوحيد في حياة الانسان.
عندما يتخيل الناس حالة اللامبالاة وعدم الاهتمام الزائد بأي شيءٍ, مهما يكُن, فإنهم يتصورون حالةً وادعةً ساكنةً من عدم الاهتمام بكل شيء ....يتصورون حالة هدوء من شأنها إخماد كل العواصف. يتخيلون هذا ويطمحون إلى أن يكونوا أشخاصاً لا يهزهم شيء, أشخاصاً لا يتنازلون أمام أحد.
لا يولد الناس بحيث لا يهتمون بشيء. والواقع أننا مخلوقون على نحوٍ يجعلنا نولي اهتماماً لأشياء أكثر بكثير مما يجب, فصغير السن يبدو كل شيءٍ جديد, مُثيراً لهُ, ومُهتماً به إلى أقصى حد. ومع تقدم السن وتراكم الخبرات " ورؤيتنا أنّ زمناً كثيراً قد ضاع منا " نبدأ مُلاحظة أنّ القسم الاكبر من تلك الأشياء ليس له أثراً حقيقياً دائماً على حياتنا. ومن حيث الأساس, نُصبحُ أكثر انتقائية في ما يتعلق بالأشياء التي نحن على استعداد لإيلائها اهتماماً. هذا هو ما ندعوه ب " النضج". والنضج هو ما يحدث عندما يتعلم المرء ألّا يهتم إلّا بما يستحقه اهتمامه.
إن الكلمات السابقة تجعلك تفكر قليلاً بمزيدٍ من الوضوح في الأشياء التي تختار أن تعتبرها هامةً في الحياة, وفي الأشياء التي تختار أن تعتبرها غير ذات أهمية . أظن أننا نواجه اليوم نوعاً من (وباءٍ نفسيٍ) خُلاصته: " أنّ الناس ما عادوا يدركون أنّ ما من مشكلة في أن تسوء الأمور أحياناً". أعرف أن هذا يبدو كسلاً من الناحية الذهنية . لكن يبدو هكذا في الظاهر فحسب. وأنا اؤكد لكم أنّ هذه مسألة حياة أو موت. وعليه فتظل الطريقة الوحيدة للتغلب على الألم هي أن تتعلم أولاً: كيف تتحمل ذلك الألم. ثم كيف لك أن تحوِّل ألمك إلى أداة في يديك وأن تحول معاناتك إلى طاقة. وعليه من خلال هذه القراءات يمكن لك ما يلي:" كيف تكون حركتك خفيفة رغم ثقل أحمالك" . و " كيف تتعامل بسهولةٍ أكبر مع أسوأ مخاوفك" , و " كيف تضحك من دموعك وأنت تذرفها".
حفظ الله الأردن " ملكاً وحكومةً وشعباً" , وحمى الله الأعين الساهرة " أجهزتنا الأمنية بكافة أطيافها", وحمى الله " جميع الكوادر الطبية".