رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

الإشاعة بين الجد والهزل .. بقلم الدكتورة انتصار الزيود

الإشاعة بين الجد والهزل .. بقلم الدكتورة انتصار الزيود
جوهرة العرب - د. انتصار الزيود

ترديد الأخبار وتأويلها على عدة أوجه هي سمة غالبة عند الكثير من البشر، وخاصةً أولئك الذين لديهم وقت فراغ كبير وتاهت لديهم بوصلة التفكير واستثمار الوقت لشيء مفيد، حيث يتناولون أي حدث ويحللونه ويخرجونه عن مساره ويلصقون به تهم لا تمت للخبر الأصلي بصلة. 
تنعكس عن الإشاعة عدة أبعاد سلبية وتأثيرات جانبية على الأفراد أكبر مما يتصوره البعض عند تداول الأخبار والاستمتاع بالتسابق لترويجها والحصول على سبق في إيصالها، اوجزها هنا باختصار من عدة وجهات نظر خاصةً  الطبية والنفسية وغيرها من التكاليف التي تدفعها المجتمعات كنتيجة للشائعة. فعند نقل أخبار كاذبة وقولبتها بصورة مغايرة للحدث الأصلي ، يتلقاها المتلقي بردة فعل قوية لم يحسب من أشاعها مضاعفات هذا الخبر الذي لونه بكل الألوان ما عدا لونه الأصلي، فترتفع وتيرة التوتر والخوف، ويزيد إفراز هرمون الادرينالين في الجسم، وهو بالمناسبة أحد هرمونات الغضب والتوتر، مما يزيد  من سرعة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، وزيادة إفراز الجلوكوز بالدم، مما يحدث ضرراَ على المدى البعيد من أمراض عصبية ونفسية، وباطنية مثل: القولون العصبي وألالام في المعدة وغيرها، وبالتالي تنتقل الطاقة السلبية من شخص إلى آخر، وتزيد وتيرة الخطر على الأفراد، ويزيد التعطش لهذا الخبر الذي تم نقله لأسباب عديدة، إما بهدف التشكيك، أو إثارة بلبلة، أو ترديده بقالب هزلي وساخر ونقله دون تدقيق، ودون أن يعرف من يردد الإشاعة كل هذه التبعات التي ذكرت. 
في هذا الظرف النادر الذي يمر به سكان الكرة الأرضية من تبعات إنتشار وباء فيروس كورونا، يكمن الخطر في ترديد الشائعات على المجتمعات والأفراد دون تقصي مصدر الخبر، وخاصةً أن الدول وضعت البرامج الطارئة والخطط التي تهدف إلى التقليل من إنتشار الوباء، وتوجيه الشعوب من خلال البرامج الإرشادية وإجراءات السلامة العامة التي تعزز من نجاح تلك الخطط وحصر الوباء، إلا أن وباء الشائعات لا يقل فتكاَ من وباء الفيروس، بسبب تشكل أنماط سلوك جديدة في المجتمعات تؤدي بالأشخاص إلى التهور والخروج عن الصواب في التعاطي مع الحدث، من خلال مشاهدات واقعية عديدة من حالات، إرباك، فوضى، انتحار، عنف، والكثير من السلوكات التي تتركها الإشاعة خلفها على أي مجتمع بسبب كبسة زر أو هذربات لسان. 
لا للإشاعة، ولا لترديدها، ونعم لدفنها في نفس المكان، فالنار تبدأ من شرارة، ولا تنتهي إلا بأكل الأخضر واليابس، فكن على حجم المسؤولية وانقل الطاقة الإيجابية لمن حولك ولا تشارك في تصفير المعنويات ودب الرعب، فالكلمة الطيبة صدقة.