رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

إستراتجية ابن القيم 8 الشرح البَيِّنُ من كلام ابن القيم .. بقلم عيسى بن محمد المسكري

إستراتجية ابن القيم 8 الشرح البَيِّنُ من كلام ابن القيم .. بقلم عيسى بن محمد المسكري
جوهرة العرب - عيسى بن محمد المسكري 

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: فإنَّ للصدقة تأثيرًا عجيبًا في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو من ظالم بل من كافر فإن الله تعالى يدفعُ بها عنهُ أنواعًا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم، وأهلُ الأرض كلُّهم مقرُّون به لأنَّهم جرَّبوه.

[الوابل الصيب 49-50] 

يمتد أثر الصدقة من أول وهلة يخرج فيها المتصدق ماله من جيبه، سخي النفس، طيب القلب، مطمئن الفؤاد. 

يمتد هذا الأثر إلى قلبه فيغمره بفرحة، ويبعث في النفس طمأنينة، وفي الصدر انشراحا، وفي البدن صحة، وفي المال بركة، وفي الأبناء صلاحا، وفي البيت سعة، وفي الحياة سعادة. 

ومن خلال التجارب الواقعية التي يقر بها أولهم وآخرهم، الكافر منهم والفاجر بأن الصدقة لها دور فعال في رفع مستوى الراحة النفسية، فما أنفق أحدهم مالا إلا وجد مشاعرا غريبة تدفع عنه الهموم، كسنة من سنن هذه الحياة التي لا تتبدل ولا تتغير. 

فالخير الذي يصنعه الإنسان يجد فرحة مقابل عمله، بينما الشر الذي يقوم به الإنسان يجد هما مقابل أخطائه. 

هذه المشاعر المتدفقة بالفرح والسرور والانشراح تأتي من الصدقة والتي بدورها تقوي جهاز المناعة ضد الأمراض، وتعمل كدواء للأمراض النفسية والعضوية، يجد أثر ذلك الفاجر والظالم والكافر. 

ولعل الصدقة من الأدوية النافعة الشافية التي لم يهتد إليها أشهر الأطباء، وأكبر الدكاترة، وأوسعهم علما، وأكثرهم تجاربا، وأفضلهم شهرة وخبرة ومعرفة. 

وقد تتغلغل الصدقة في موطن القلب فتزيل منه الشك والحزن، وقد تلج في النفس فتطهرها من الشح والبخل، وقد تدخل في الجسد فتخرج منه السم القاتل أو الداء  الهالك أو المرض العضال. 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أردت تليين قلبك، فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم".

[السلسلة الصحيحة 854] 

فالصدقة برهان للمؤمن على صدق الإيمان، وزاد للمسافر إلى المعاد، ودواء نافع يمده بالعافية، وشفاء للأبدان من عللها، وعلاج للنفوس من أسقامها. 

عن أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ.)صحيح الجامع للالباني : 3358( 

قال الصنعاني رحمه الله: "أن الصدقة تدفع البلاء واﻷمراض منها، فالصدقة دافعة لها وهي أنفع اﻷدوية".

[التنوير شرح الصغير 70/6 

وقد تدفعك نفسك من أجل الدواء أن تدفع أموالك كلها، فإن هممت بدفع القليل من أجل  الصدقة، منعك عن دفعها الشيطان لأنه يعلم بأن الصدقة من أعظم الدواء. 

فقد يأتي شخص ما فيقول لك ناصحا: عليك بالصدقة، عليك بالصدقة، فما تركت دواء ولا طبيبا من أجل ابني المريض فقد دفعت كل ما أملك، فما وجدت له دواء أفضل وأعظم من الصدقة. 

والأمر كما قال المنــــاوي: "وقد جُـــرِّب ذلك ـ أي التداوي بالصدقة ـ فوجدوا الأدوية الروحانية تفعل ما لا تفعله الأدوية الحسية، ولا ينكر ذلك إلا من كثف حجابه".[فيض القدير، للمناوي:3-515] 

وَسَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ المُبَارَكِ عَنْ قَرْحَةٍ خَرَجتْ فِي رُكبَتِهِ مُنْذُ سَبْعِ سِنِيْنَ، وَقَدْ عَالَجتُهَا بِأَنْوَاعِ العِلاَجِ، وَسَأَلْتُ الأَطِبَّاءَ، فَلَمْ أَنْتَفِعْ بِهِ. فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ، فَاحفِرْ بِئْراً فِي مَكَانِ حَاجَةٍ إِلَى المَاءِ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَنبُعَ هُنَاكَ عَيْنٌ، وَيُمْسِكَ عَنْكَ الدَّمَ.فَفَعَلَ الرَّجُلُ، فَبَرَأَ.سير أعلام النبلاء: 5533]

الصدقة لها فوائد عديدة، فهي تدفع عن صاحبها المصائب والكروب والشدائد، وتمنع عنه الازمات والصدمات والكوارث، وترفع عنه البلايا والآفات والمحن، وتقيه من مصارع السوء، وتحفظه من الموت المفاجئ، ومن أعظم فوائد الصدقة أنها تطفئ غضب الرب. 

يقول عــمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إن الأعمال تتباهى فتقول الصدقة: أنا أفضلكم".

صحيح ابن خزيمة: 4- 95 رقم: 2433، المستدرك، للحاكم: 1-416.

داووا مرضاكم ولو بالكلمة الطيبة فإنها صدقة، خذوا أفضل الدواء منها الابتسامة فإنها صدقة، عليكم بأعظم العلاج إماطة الأذى عن الطريق فإنها صدقة، فإن لم تجدوا ما تتصدقون به، فبذل المعروف صدقة، وكف الأذى صدقة.