جوهرة العرب
نظم صالون القراءة في ندوة الثقافة والعلوم جلسة نقاشية افتراضية لرواية "ألف شمس مشرقة" للكاتب الأفغاني خالد الحسيني، وشارك في الجلسة علي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس إدارة الندوة، ود. محمود الضبع أستاذ النقد الأدبي الحديث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة قناة السويس، ود. شكري المبخوت ود. مريم الهاشمي والكاتبة فتحية النمر وزينة الشامي والشاعرة رنوة العصمي من البحرين ونخبة من المثقفين والمهتمين مما أضاف ثراء وزخم على النقاش.
وأدارت الجلسة الكاتبة عائشة سلطان رئيس اللجنة الثقافية عضو مجلس الإدارة وعرفت بالرواية ورصدها لتطور وضع المرأة في أفغانستان منذ الملكية حتى طالبان، وكيف اثرت الأحدث المختلفة والأطماع السياسية في أفغانستان في وضع المرأة الأفغانية وهذا ما جسدته بطلات الرواية ضمن الأحداث. وأكدت أن الرواية واحدة من الروايات المهمة سواء على مستوى الموضوع أو الحرفة الأدبية. فهي رواية حرب وصراع بدء من الغزو السوفيتي، والصراعات الداخلية، والأمراء المجاهدين وغيرهم من القوى السياسية والدينية.
وأكد د. محمود الضبع أن الحكم على أي مبدع لا يكون من عمل واحد ولكن من إجمالي قراءة مشروعه الأدبي حتى تتكون صورة كاملة عن القضايا التي يناقشها الكاتب، وأضاف أن الكاتب من أصحاب المشروعات الكبرى، وفي الرواية نجد أن الشخصية الرئيسية تنتقل من مدينة إلى أخرى لترصد بعينها عبر تجربتها التحولات التي طرأت على المجتمع الأفغاني فبعد أن كان مجتمعا ليبرايا منفتحاً متسامحاً تتعايش فيه أطياف الشعب، دخلت عليه التيارات الإسلامية المتشددة ومحاولات الاحتلال لتعصف بالمجتمع ليصبح نموذجا للعنف. وأن صعوبة الرواية تكمن في التفاصيل الصغيرة التي يرسمها فتترك في النفس مشاعر حزينة. ورغم أنها ترصد الحرب إلا أنها تستخدم الحرب كخط موازي للحبكة الروائية وهذا جزء من احترافية الكاتب من خلال التقاط القضايا الساخنة للكتابة عنها.
وعرفت زينة الشامي بالكاتب خالد حسيني فهو طبيب أفغاني أمريكي ولد في كابول في أفغانستان. روايته الأولى عداء الطائرة الورقية تصدرت قائمة الكتب الأكثر مبيعاً. أما روايته الثانية ألف شمس ساطعة تصدرت قائمة صحيفة نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعاً وأفضل غلاف فني. وأتاح له عمل والده الدبلوماسي أن يزور بلدان عديدة والتعرف على مختلف الثقافات والتحدث بعدة لغات.
وأضافت فتحية النمر أن الرواية رغم أنها ملحمة تنز بالعذاب إلا أنها كتبت بلغة هادئة لا أثر فيها للصخب أو ضجيج الكتابة، وقد نجح الكاتب في رسم بورتريهات قوية لشخصياته بعلاماتها الفارقة، كما رسم لوحة تشكيلية لطبيعة بلاده حفزت القارئة على الرغبة للذهاب والتمتع بتلك الطبيعة. وأكدت النمر أن القفزات الكثيرة في أزمنة الرواية وأحداثها دليل ذكاء من الكاتب.
وعلقت د. مريم الهاشمي أن الرواية تؤكد أن الكاتب يستشعر المسؤولية تجاه وطنه حتى وإن كان يعيش بعيداً عنه، والتحيز في الكتابة الأدبية للمكان منتج ثقافي ومعرفي مهم وثري ويربط القارئ بالخصائص المميزة لتلك الثقافة، كذلك قضية الهيمنة والسلطوية وهو ما يفرضه المجتمع بأحداثه السياسية والحربية، فأي موضع تفرضه أفغانستان سوى الحرب والبؤس والمشكلات الأيدولوجية المعقدة، وأن السمات الأساسية للكاتب تناوله للمجتمع الأفغاني بكل ما يحتويه من مشكلات وهموم لذا نجد كتاباته دائما متأصلة الجذور.
وركزت رنوة العصمي على حضور أفغانستان القوي في الرواية رغم أن الكاتب لم يعش فيها إلا سنوات قليلة في بداية عمره، إلا أنه حاضرة في ذهنه وحنينه واستفز وأجج ذلك الغياب الحضور القوى للحياة في افغانستان وخصوصا ما تعانيه المرأة من قمع واضطهاد. وعن الإشارة لفيلم تيتانك في الرواية أكدت رنوة أنه يشير إلى نوع من الظمأ الإنساني للمشاعر والعاطفة.
وأضاف علي عبيد الهاملي أن الكاتب أورد في روايته المساعدات الإنسانية للشعب الأفغاني والحياة في افغانستان وتلك الحالة شبهت لي برواية داغستان بلدي لرسول حمزاتوف والحديث عن الشواهد التاريخية. وأن الحرب موجودة في خلفية الرواية بواقع 80% من حرب وصراع على النفوذ والسلطة ما أفسح المجال لمجيء طالبان التي حولت أفغانستان إلى سجن كبير وتحول المجاهدين إلى لوردات حرب.
وأكد د. شكري المبخوت أن الكاتب محترف وتبرز حرفيته في الحبكة الروائية من خلال الخط الأساسي للعمل وهو العنف تجاه المرأة الأفغانية، ورصده لتحولات الأنظمة السياسية حتى وصول طالبان، وقد استطاع الكاتب بناء حكاية مشوقة، فهو لم يختار تجسير الزمن، وإنما تحكم ثقافته الروائية حبكة تبدو تقليدية وهي تطورات الزمن.
وأضاف المبخوت أن جمهور الرواية ليس أفغانستان ولكنها لكل العالم لأنه يكتب حديث الخارج الذي يرى بعمق وروح الحنين، فالرواية متماسكة من الناحية الفنية.
وذكرت هالة عادل أن القاسم المشترك بين أعمال خالد الحسيني في مشروعه الأدبي هو حبه لافغانستان وكأن لديه رسالة واضحة وهي الوطن، ورغبته في أن يضع العالم أمام مشهد ما يحدث في أفغانستان.
ورأى أحمد على أن ارتباط الشعب الأفغاني في الرواية بفيلم تيتانك يؤكد رغبة الشعب في التحرر من السفينة الغارقة، وقد ركزت الرواية على النظرة الدونية للمرأة الأفغانية وغياب مفهوم النسوية وحقوقها.