يعتبر الفيلم الوثائقي "عاصم" ، للمخرجة الأردنية نسرين الصبيحي ، احد ابرز الأعمال الفنية في عالم الفن العربي والعالمي ، إذ يحمل الفيلم رسالة إنسانية ، تهدف إلى لفت النظر نحو مأساة الشعب اليمني ، ويكشف الستار عن الجماعات المتطرفة دينيا ، وما ترتكبه من جرائم بحق البشرية سواءا في اليمن ، أو في أي مكان يتعرض لذات الظروف التي يعيشها الشعب اليمني .
وحقق الفيلم عاصم نجاحا باهرا على المستوى العربي والعالمي ، اذا تم عرضه في المهرجان بحضور سفيرة اليمن لدى بولندا ، ومسؤول الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البولندية وعدد من المنظمات الانسانية وفي عدة مهرجانات حول العالم ، كما حاز على 7 جوائز عالمية ، وهي :
العلم والتعلم - بلجيكا
أفضل مخرج وثائقيات - بولندا
أفضل تصوير سينمائي - بولندا
افضل فيلم وثائقي - كندا
أفضل تصوير سينماىي - كندا
افضل فيلم وثائقي - مهرجان الاتحاد الاوروبي الدولي
افضل تصوير سينمائي - مهرجان الاتحاد الأروربي الدولي .
وفضلا عن ذلك ، فقد تم عرض الفيلم "عاصم" كنموذج في جامعتين امريكيتين ، إضافة إلى اعتماده كمرجع لطلبة الدراسات العليا في مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه .
ويحكي الفيلم مأساة سكان منطقة "أسلم" اليمنية النائية، والتي تتعرض لعملية تجويع ممنهجة من قبل "جماعات الحوثيين" ، وسط عجز وتواطؤ من قبل الجهات المعنية وسلطة الأمر الواقع.
وللتعرف اكثر على الفيلم الوثائقي "عاصم" ، موقع جوهرة العرب الإخباري أجرى هذا الحوار مع مخرجة الفيلم الاستاذة نسرين الصبيحي :
* س : بداية ، يسعدنا ان نرحب بأطلالتك عبر موقع جوهرة العرب ، وفي إطار التعريف بشكل اعمق ، نود ان نعرّف المتابعين على رسالة الفيلم ؟
- ج : شكرا لكم ، فيما يخص رسالة الفيلم : يهدف فيلم "أسلم"، إلى لفت نظر العالم إلى مأساة الإنسان اليمني" الواقع فريسة الجهل التخلف، والتجويع الممنهج، وكذا إعاقة عمل المنظمات الدولية الممارسة من قبل الحوثي.
وأسعى من خلال فيلم عاصم وباقي أفلامي إلى دفع العالم إلى إعادة النظر في رؤيته نحو الحوثيون وكل الجماعات المتطرفة دينيا ومن ثم نطمح إلى أن يكون هناك تحول أيضا في المواقف، بحيث يكون هناك تحرك دولي للتوصل إلى سلام يحمي الشعب اليمني، وكل الشعوب التي تتعرض لذات التطرف وينتصر له، لا للجماعات المسلحة.
*س : ما الصعوبات التي واجهتك لإنتاج الفيلم ، وكيف قمتِ بتجاوزها ؟
- ج : رحلة الوصول الى صنعاء حيث وصلت عدن قادمة من عمان جوا ثم الى صنعاء مرورا ب ٤٠ نقطة تفتيش امنية تتبع طرفي النزاع ..
ثم صعوبة التنقل بين المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين حيث الطرق البرية الوعرة تنعدم فيها أبسط وسائل خدمات للمسافر وكذا صعوبة الوصول لمواقع التصوير .
تعرضي لثلاث حالات تهديد منها تهديد بالقتل .
رفض تواجدي لمجرد اني امراة في بعض الاماكن التي يتواجد فيها متطرفين دينيين في محافظة صعدة .
بعض مواقع التصوير كقرية اسلم جعلت من سيارتي مسكنا مؤقتا لعدم وجود فندق او مكان للمبيت .
في محافظة صعدة اقمت في فندق بسيط جدا يفتقر لابسط الحاجيات بالاضافة لانقطاع الكهرباء .
صعوبة شحن بطاريات كاميرات التصوير بسبب انقطاع الكهرباء التام في اغلب مدن اليمن مما تعطلنا ايام وايام ..
بؤس حال الناس وفقرهم وجوعهم ومرضهم كان بالنسبة اشد الصعوبات .
*س : ما هي محاولات التهديد التي تعرضتي لها خلال تصوير الفيلم ؟
- ج : تعرضت خلال تصوير الفيلم لثلاث محاولات اعتداء مباشرة، كانت الأولى من شخص هددني بالقتل إن لم أوقف التصوير ، والثانية من شخص آخر هددني بحرق وجهي إن لم اغطيه، أما المحاولة الثالثة ، فكانت من شخص رفع السلاح بوجهي وطلب مغادرتي ، فقط لكوني إمرأة، لإن المرأة سبب البلاء في الدنيا من منظوره.
*س : كيف كان شعورك لحظة عرض الفيلم للمرة الأولى ، وفي لحظات الفوز بالجوائز ؟
- ج : عُرض الفيلم بحضور صناع افلام ومخرجين ومنتجين من العالم في مهرجان غرب اوروبا الدولي وبعض الاعلاميين والحقوقيين، اسعدني ردود افعالهم الموثقة عندي واحزنني واسعدني بكاءهم على فيلم عاصم في ذات الوقت وهذا يدل ان فكرة الفيلم قد وصلتهم ..
وكان اول فوز في مهرجان غرب اوروبا الدولي للافلام في بلجيكا وحصل على جائزة العلم والتعلم وكنت فخورة بهذا الفوز وسعيدة بكمية التصفيق التي ربما استمرت لاكثر من عشر دقائق وكثيرون حضروا لطاولتي لتهنئتي وايضا ذلك موثق .
*س : هل كنت تتوقعين نجاحا باهرا كالذي حدث واقعيا ؟
- ج : نعم كنت متوقعة ذلك لندرة الافلام الوثائقية الحيادية عن المدنيين في اليمن وكذا كنت بالاضافة لجودة الفيلم فنيا من ناحية الاخراج والمونتاج واختيار وتأليف موسيقى خاصة بالفيلم وكذا جودة التصوير والصوت والسيناريو وهذه جميعا آراء لجنة المهرجانات ..
* س : فيلم عاصم اصبح مرجعية لطلبة الماجستير والدكتوراه ، وهذا ترسيخ لدور الفن في خدمة التعليم ، ما هو تعليقك على هذا الجانب؟
- ج : يسرني ان الفيلم فاز بجائزة العلم والتعلم ولا شك هذا يجعله في متناول الباحثين في مضمونه وظروف تصويره وانتاجه وقد عرض كنموذج في جامعتين امريكيتين .
اما بالنسبة لدور الفن في خدمة التعليم فلا شك أن تسليط الضوء على بعض الظواهر السلبية من منظور اعلامي درامي او وثائقي او غيره من انواع الفنون فالفن ليس للمتعة والترفيه فقط .. وربما بعض المجتمعات المتقدمة بدأت تستعين بلعض الافلام الوثائقية والتاريخية لشرع بعض الموضوعات .
*س : ما هي رسالة المخرجة نسرين الصبيحي للمواهب الفنية في الاردن ؟
- ج : اولا يجب ان يكون مثقفا ومطلعا على ثقافات الاخرين ، وأن يتعرف على نفسه اكثر ويكتشف موهبته الحقيقية ، ومن ثم ينطلق نحو تكوين فكرة محددة ينطلق منها بحماس وقناعة وادراك لأهميتها .
*س : هل تعتقدين ان المواهب الفنية في الأردن تجد الدعم المناسب لتقديم الابداعات ؟
- ج : يؤسفني أن واقع الحال الفني في الاردن يدل على ضعف الدعم سواء صناعة الأفلام او دعم وصقل وتدريب المواهب الفنية .
* كلمة أخيرة ..
فيلم عاصم اختير من ضمن ١٢٠٠ -١٥٠٠ فيلم تقدموا للمهرجان التي شاركت فيها وفي بعض المهرجات كنت العربية الوحيدة وتم التصفيات ليصبح عدد المشاركين ٢٢٠ -٢٥٠فيلما ..
انا شديدة التطرف والتعصب نحو المدنيين الضحايا ، كلما كنت انسانيا في اعمالك الفنية وتجنبت التحيز سياسيا كلما تمكنت من ايصال الفكرة واظهار الحقيقة بشفافية ، احترام ذكاء المشاهد من اساسيات ومبادئ المخرج الناجح .