جوهرة العرب - رنا حداد / مدير دائرة المنوعات والفن (ملحق دروب) - جريدة الدستور
«أحب الأردن».. لو وضعتها ضمن حالة، يتساءل فيها الفراغ الذي يقابلك، بمجرد دخولك إلى صفحتك الشخصية على (الفيسبوك)، ستقابل بكمٍّ من تعليقات الاستهجان ولربما السخرية والتهكم من قبل البعض!
الأبشع، ما سيكيله البعض لك من تهم تصب في خانة التسحيج و.. و.. و..، وقد تحصل من بضعة متابعين وأصدقاء على قلوب محبة أجزم أنها ستكون قليلة جدا.
بالمقابل، لو وضعت في ذات الفراغ ورداً على نفس السؤال (احب الأردن.. هههههههههه)، والـ(ههههههه) هنا، ستحصد تفاعلا أكبر وتعليقات، ولربما مشاركات!
السؤال: لماذا أصبح الشعور الوطني عند البعض سبباً للسخرية؟!
ردود الأفعال على عبارات حب الوطن وتبجيله، أصبحت -دعونا نعترف- ساذجة للتعبير عن حبك وانتمائك لبلدك! بينما تقابل السخرية والتهكم وجلد الوطن تفاعلاً جاداً أكتر والعديد من رموز (اللاڤ) والمحبة، رغم سلبيتها.
ما الذي، أو من الذي أوصل الشعور الوطني وتوابعه من شعارات وطنية وحتى أغانٍ وطنية تحصد هذا الكم من الإنكار؟
بعيداً عن السياسيين، بالعودة إلى التاريخ، وأقصد هنا تاريخ مثقفينا والمؤثرين الفعليين في ذاك الوقت بأذواق وردود فعل الناس تجاه أوطانهم والدور الحقيقي لزرع ورعاية نمو الانتماء للوطن، حتى عند المعارضين منهم، كان الحس والشعور الوطني هاجسهم، يظهر في أعمالهم وحديثهم المتجسد بنتاجهم الثقافي والأدبي والفني للناس.
اليوم، تتوارى مشاعر الحس الوطني عن (حالاتنا)، بل عن كتاباتنا، وكأننا صرنا نخاف أن نخبر (الحبيب) الوطن عن حبنا، خشية سخرية الآخرين الذين ربطوا التراب بشخوص مرّوا، بل عبروا فوقه، ولم تجذبهم، أو حتى تستوقفهم رائحة وطن..!
في الذاكرة، أجمل من كتبوا للأوطان، كانوا لربما معتقلين بسبب رأي أو بيان، لكنهم لم ينكروا ولم يكفروا بالوطن.
هؤلاء، عبر التاريخ، لم تُثنِهِم الكراهية السياسية عن الكتابة، بل عن الحب العابق؛ فأشبعوا أقلامهم دماً نابضاً، عوضاً عن الحبر، وكتبوا الوطن.
بالمجمل، كلام الحب هو المنطق عموماً، وكتابة حب الوطن، هي الأكثر عقلانية.
عن نفسي، سأبقى أحب هذا الوطن بترابه وسُمرته، وبدون الـ(هههههه) مطلقاً.