رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

مقامات لسان حال الزمان .. بقلم المغفور له سليمان المشّيني

مقامات لسان حال الزمان .. بقلم المغفور له سليمان المشّيني
جوهرة العرب - سليمان المشّيني

قال لسان حال الزمان.. 
سرت في شوارع عمان 
مدينة الرواء والحسن والافتتان 
أطالع الروعة في كل مكان 
والقلب بالنشوة والصبابة صنو سنان 
وتبدو عمان القرن العشرين 
كخود تختال بالورد والنسرين 
أو عروس في حلاها الرائعة تبين 
فأسرني هذا السحر الحلال
وصرت أمضي في طرقاتها مختالا أيما اختيال 
ولقد أصبح الوقت قريباً من الظهر 
والنفس مفعمة بالأمل والبشر... 
وبينما أنا على هذا الحال 
أحظى بلقاء مدينة الجمال. 
إذا برائحة شواء مع الأنسام تطوف 
وتتحدى بطيبها الأنوف 
ودونما تردد يدب إلى القلب 
مددت يدي إلى آخر الجيب
فطالعني نصف دينار بهي 
كأنه الجوهر المكنون النقي 
فإذا أنا في نشوة وكبرياء 
وإذا بمعنوياتي تطاول الجوزاء
فاقتحمت اقتحام الليث الهصور 
أول مطعم واجهني أثناء المرور 
وتوقفت قليلاً لدى الاقتراب 
واجتلى طلعة الشواء الجذاب 
وبادرت الجرسون الذي بأدب وقف 
... أعطني ربع كيلو من كباب وشقف وبعض المقبلات 
والألبان التي تصح بها الأبدان 
فهذا معدل وجبتي 
ومقوم جسمي وصحتي 
وقد شاء لي حسن الطالع 
أن أسأل بأدب بارع 
كم ثمن هذه الوجبة من الطعام؟ 
فأجابني الجرسون برقة واحتشام 
أنَّ ثمنها ثلاثة دنانير 
فاطلب ما تشاء أيها الأمير 
فلبثت برهة لا أنطق 
وقلبي بعنف يخفق 
وعدت أسال بلطف واتزان وروية 
كم يكون الثمن... لو طلبنا نصف الكمية 
فأجاب ديناران يا قمر الفرسان 
فقلت له إنَّ أسعاركم زهيدة 
وأفعالكم.. بإذن الله حميدة 
سأعود إليك يا زين الشبان 
فلي صاحبان ينتظران!
وما صدقت أن خرجت 
ومن ضيق الأسر نجوت 
فكيف تكون الأحوال 
لو طلبت وجبتي في الحال.... 
ولم أكد أغادر الميدان 
حتى ضجَّ في الجسم حرب عوان 
والوضع أصبح في عنفوان 
ولم يعد ثمة قدرة على الانتظار ثوان!
فطرقت باب التفكير 
ألتمس حَلَّ الأمر العسير 
فأشار علي إشارة ذكيهْ 
فيها بعد نظر وعبقريهْ 
فبادرت إلى شراء ما لذَّ من الخبز المفيد
وأنا في فرح ما عليه من مزيد 
وصرت أتغذى على مقربة من الدخان 
وأنا من المتعة نشوان 
حتى اكتفيت وغدوت شبعان. 
ومسحت فمي بالأردان 
ثم اشتريت فيما تبقى معي...نكاشة أسنان!
وأنا أحمد الرحيم الرحمن 
وأدرك لسان حال الزمان الصباح - فسَكَتَ عن الكلام 
المباح
* * *