جوهرة العرب : لبنان / كارين م. العاشق
أزمة لبنان 2020
يعاني لبنان حاليا" من أسوأ أزمة إقتصادية, مالية في تاريخه. أزمة ليست وليدة الساعة, بل نمت و تفاقمت خلال السنوات الماضية. و السبب في عدم ملاحظتنا لهذه الأزمة هو الأموال الطائلة المحولة من خارج لبنان.
في الواقع يعاني لبنان من عدة مشاكل إقتصادية, مالية, بنيوية و إجتماعية أدت على مر السنين إلى إستنزاف إحتياطي العملات الصعبة في لبنان و إنهيار شبه تام لمؤسسات القطاعين العام و الخاص على حد سواء.
و يمكن تلخيص المشكلات بما يلي:
قطاع عام مترهل و غير منتج: يعد القطاع العام اللبناني أكبر قطاع عام على مستوى العالم نسبة للدخل الوطني العام حيث يشكل القطاع العام في لبنان ما يفوق 30% من الدخل الوطني ( تأتي بعده فرنسا بنسبة 23%). يشكل هذا القطاع ثقل كبير على مالية الدولة و يؤدي إلى إستنزاف الموارد دون أي قيمة مضافة.
فساد إداري على كافة مستويات الدولة و غياب المحاسبة إذ يحتل لبنان مرتبة متقدمة جدا" على لائحة مؤشر الدول الأكثر فسادا" في العالم.
على مستوى الدخل القومي تحتل السياحة و الخدمات المركز الأول في موارد الدخل و لا يعتمد على الموارد ذات القيمة المضافة مثل الزراعة و الصناعة, مما يعرض الدخل الوطني اللبناني لتحديات جيوسياسية ,كحظر السفر إلى لبنان الذي يؤثر بشكل مباشر على القطاع السياحي و القطاع المصرفي بسبب تعثر القدرة على إستقطاب الرساميل الأجنبية.
عجز متنامي في الموازنة نتيجة عوامل عدة أبرزها حجم القطاع العام و خدمة الدين العام بحيث يشكلان ما يفوق 90% من إيرادات الدولة. التهرب الضريبي الذي يكلف الدولة ما بفوق ال4 مليار دولارسنويا".
و نضيف ملف الكهرباء, و الترف اللامنطقي الذي يعيشه الشعب اللبناني, فشل في إنتاج طبقة سياسية جديدة نزيهة و حجم العمالة الأجنبية المكلفة جدا" و التي تلا مس 1.6 مليار دولار كلها مشكلات عانى منها لبنان منذ زمن بعيد و بحسب المعطيات المتوفرة لن يتخلص منها قريبا".
منذ عام 2016 بدأت الأمور تنذر بالأسوأ, إذ خرج في العام 2019 (15 مليار $) من المصارف اللبنانية و يرجح بأن الرقم الحقيقي يتجاوز الرقم المذكور ليصل لحدود 22 مليار دولار.
بالإضافة إلى أن ديون لبنان بالليرة اللبنانية تمثل 100% من الناتج المحلي و الديون بالعملات الأجنبية تمثل 60% من حجم الناتج المحلي.
و قد عانى لبنان من أزمات متتالية أبرزها إنهيار سعر صرف الليرة و التضخم المنفلت بين عامي 1982 و 1992. فهل الأزمة الحالية هي الأكبر و الأصعب؟ و ماهي الحلول اللازمة للتخفيف من تبعاتها؟
بصدد الإجابة على هذه الأسئلة سوف نستطلع رأي الخبراء و نسأل د. فادي غصن الخبير في الإقتصاد و الأسواق المالية عن الحلول و العلاجات اللازمة, وبعد الحوار معه إستخلصنا الآتي:
إن أزمة 2020 ليست الأصعب بل الأكبر و تحتاج إلى مجموعة من الإصلاحات السريعة و البديهية نقسمها في التالي.
في ما خص المعالجة الإقتصادية :
إعادة هيكلة القطاع العام و تخفيض عدد موظفي الدولة.
إعادة النظر في نظام التقاعد و توفير نظام ضمان الشيخوخة.
تلزيم قطاع الكهرباء عبر آلية BOT.
البدء بمناقصة خط سكة الحديد الناقورة-عمار-بيروت- البقاع عبر آلية BOT.
صناعيا":
توفير البنى التحتية الملائمة لعمل المصانع من شبكة صرف صحي و فلاتر خاصة" في البقاع.
إعفاء المصانع من الضرائب و الرسوم لفترة زمنية محددة بالإضافة إلى التخفيضات الجمركية.
زراعيا":
دعم الزراعات و المزارعين عبر توفير مياه الري و دعم الأسمدة اللازمة و البذور و حماية المنتجات المحلية عبر ضبط الإستيراد و التهريب.
و أخيرأ" على الصعيد المصرفي, يجب إعادة هيكلة القطاع لتخفيض عدد المصارف و بالتالي تخفيض الكلفة التشغيلية للمصارف بحيث تخف خسائرها.
حماية الودائع عبر قانون كابيتال كونترول يسمح للمودعين بسحب جزء من ودائعهم بعملة الوديعة مما يساهم بضبط سعر الصرف و إعادة ثقة المودعين بمصارفهم.
إعادة هيكلة مصرف لبنان و شطب خسائره, شطب جزء من اليوروبوندز و إعادة هيكلتها بالإتفاق مع حاملي السندات.
ضبط آلية طبع الليرة اللبنانية و ضخها في الأسواق.
و يختم الدكتور فادي غصن مشيدا" بأهمية هذه الإصلاحات التي من شانها أن تحفز المجتمع الدولي من صندوق نقد و دول صديقة على إقراض لبنان.
شكر خاص للدكتور فادي غصن
كارين م. العاشق
16/7/2020