من منظور الضرورة الوطنية و من أجل متابعة مهام الإصلاح السياسي والذي غيب تماما عن أجندة الحكومة تحت يافطة الظروف الموضوعية والذاتية وأزدحام الملفات باشرت وزارة التنمية السياسية بعقد لقاءات مع الأحزاب السياسية بصحوة متأخرة توحي بأن هناك قرار مرجعي بأنعاش ودعم الأحزاب السياسيه من أجل رفع مستوى تمثيلها في البرلمان القادم إستكملا لمهام الإصلاح السياسي فرفع مستوى تمثيل الأحزاب يعتبر الركيزة الأساسية في الأستراتيجية الملكية للتمكين الديمقراطي لأنها تمهد للوصول الى حكومات برلمانية وهي سقف تلك الأستراتيجية.
مما يوحي بأن هناك قرار مرجعي بأنعاش وتحديث الأحزاب السياسية من أجل رفع مستوى التمثيل السياسي للأحزاب في البرلمان القادم .
من هذا المنطلق بدأت الحوارات مع القوى السياسية و من خلال شرعنة مشروعها لآليات الدعم المالي للأحزاب الأردنية انطلاقا" من محفزات بنيت على آلية معقدة بدءا من إعلان الأحزاب عن أسماء مرشحيها ،مرورا بحجم تمثيلها في البرلمان، وصولا الى محفزات مالية مغرية في حال الأندماج بين الأحزاب طبعا بغض النظر عن منطلقاتها الفكرية والنظرية وتوافقها وهذا ما أوحى به أمين عام وزارة التنمية السياسية (الدكتور التربوي) ! والذي قال أن العلاقة لم تنقطع مع الأحزاب والكتل السياسية ولكن دون ضجيج إعلامي. وان كل الخطوات تم التوافق عليها مع الأحزاب والكتل بتفرعاتها وتواجهاتها الأربع ولكن ذلك لم يكن دقيقا وهو ما لمسته من خلال الحوار الذي دار على قناة المملكة بينه وبين أمين عام حزب الشعب الديقراطي الأردني السيدة عبله أبو علبه الزميلة السابقة
هذا اللقاء ولد لدي إنطباع أن عطوفة الأمين ضد العمل الحزبي وغير مقتنع بدور الأحزاب مصرا خلال اللقاء مع قناة المملكة على أن الأحزاب السياسية غير قادره على التوسع التنظيمي او بلورة النشاطات او الفعاليات رغم الحجم الهائل من الدعم المادي الذي تقدمه الدولة من جيوب دافعي الضرائب مع أن ذلك الدعم لايغطي مصاريف المقرات على حد تعبير الأخت عبلة.
هذا الوعي المغترب تماما عن مفهوم العمل الحزبي يوضح السبب الحقيقي وراء العزوف عن العمل الحزبي والذي أنعكس مباشره بعد الأنفتاح الديمقراطي والسماح في العمل الحزبي تحت إدارة لا تمتلك خبرة حزبية أو في الحد الأدنى تحصيلا أكاديميا يتماهى و موقع حساس بهذا المستوى .
اذا وزارة التنمية السياسية جزء من المشكلة وعدم قناعة نخبة هذه الوزارة بأهميه العمل الحزبي وهذا ما قد لمسه كل من حضر اللقاء .
وما يؤكد ذلك عندما تطرق لموضوع الحوافز المالية في حال الأندماج بين الأحزاب و هذا يعبر عن قلة الخبرة وعن إغتراب كلي عن العمل الحزبي و عن وعي يرفض التحولات الديمقراطية وهو وعي يعشش و يسكن في ذهنية من لم يمارس العمل الحزبي .
لأن الاندماج هو آلية معقدة ترتكز بكل تفاصيلها على التوافق الأيدلوجي والنظري والفكري والبرامجي وفي كل المجالات يتبعه وحدة تنظيمية وإعادة هيكلة من أدنى الى أعلى وليس من خلال تواصلا بين الأمناء العامين يعلن من خلاله الأندماج حتى يمنحوا المكرمة المادية من الوزارة . وهذا يعبر عن عدم قناعة بكل منظور الإصلاح السياسي و جوهر الاستراتجية الملكية للتمكين الديمقراطي وان السماح لتعدد الأحزاب رغم كثرتها ارتكز على مبدأ ذكي وهو ( الكم الذي سيخرج كيف ) وأن الاستراتجية الملكية قائمه بسقوفها على الحكومات البرلمانيه المتشكله من الأحزاب وان تنمية العمل الحزبي تتطلب أولا القضاء تماما على قوى الشد العكسي فجلالة الملك في كل توجه له كان يستهدف تطوير الوعي الجمعي بالتدرج للوصول الى إزالة الخوف والعزوف عن المشاركة بكل اوجهها .
لهذا أنصح النخبة المهتمة بالإصلاح السياسي وخاصة الرسمية القراءة الدقيقة والعميقة للأوراق النقاشية لجلالة الملك وأن الهدف الإستراتيجي للدولة يجب ان يرتكز على حكومات برلمانية برامجيه يكون مكونها الأساسي إتلافات حزبية تقوم على أساس البرامج وليس إندماج على قاعدة جزرة المكارم الماديه وعصاة قانون الدفاع عندما يخرج عن المحددات الإستراتيجية في الحفاظ على الحريات السياسيه التي ارفقها بشكل صارم وواضح عندما وافق جلالة الملك على توصية الحكومة في إعتماد قانون الدفاع في ظل الجائحة.
وهنا تكمن الحلقة المركزية في إندثار ظاهرة العزوف وليس من خلال السعي الدؤوب لإثبات أن الإصلاح السياسي إسطورة وخيال لا يصلح في الأردن وأن الأفضل العودة الى الولاءات الثانوية على حساب الكل الوطني أين الجامع فأين نحن منك جلالة الملك .