بعد ان هزت مشاعر الأردنيين جريمة "قاتل ابنته" في منطقة صافوط قبل أيام معدودة ، ها نحن اليوم نواجه "كارثة" إن صح التعبير ، تمثلت ببعض الشعارات التي طرحت خلال وقفة احتجاجية أمام مجلس النواب ، ظاهرها رفض تعنيف المرأة ، وباطنها المطالبة بالانسلاخ عن مبادئ وقيم المجتمع الأردني وتفكيك الرابط الأسري.
لا أعلم بشكل دقيق من هي الجهة الداعية والمنظمة لهذه الوقفة ، ومن هم مخترعي شعاراتها ، ولكني ومع تأكيدي على رفض ما تتعرض له بعض النساء من ظلم وتعنيف فإنني على يقين بأن بعض الجهات استغلت تلك الجريمة النكراء التي تعرضت لها "أحلام" لتخرج هذه الجهات برسائل بعيدة كل البعد عن قضية تعنيف المرأة وعن المطالبة بحقوقها المشروعة ، بل ان الهتافات اتجهت إلى المطالبة بتفكيك الروابط المجتمعية وزعزعة العلاقة بين الآباء وبناتهم وكأننا نعيش حالة صراع وإثبات وجود بين الرجل والمرأة ، حيث تضمنت الوقفة شعارات مثل "ثورة ثورة نسوية ، عالانظمة الابوية" ، في محاولة خلق كراهية دائمة بين الذكور والإناث ، إضافة لهتاف "حرية حرية ، غصبن عن الذكورية" .
وللصدفة ، وبعيدا عن مخالفة تلك الوقفة لقوانين التباعد الاجتماعي ، تزامن توقيت مشاهدتي لهتافات هذه الوقفة الاحتجاجية ، مع ذات التوقيت الذي أقامت فيه جمعية معهد تضامن النساء الاردني "تضامن" أمسية تحت عنوان "الضمانات الدستورية ، للعدالة وحقوق الإنسان" ، التي ادارتها الاستاذة اسمى خضر ، وشاركت بها النائب وفاء بني مصطفى ، وكنت احد المهتمين بحضورها .
اثناء المقارنة بين نقاش أمسية "تضامن" ، الذي أقيم على أساس توضيح حقوق المرأة المشروعة بالاستناد إلى القوانين الظاهرة علنا ، وبيان الحقوق التي تسعى المرأة للحصول عليها وفقا للمنطق العقلاني ، وبين هتافات الوقفة الاحتجاجية ، ايقنت ان تلك الوقفة أرادت فقط "التسلق" على اسم قضية التعنيف ضد النساء ، للوصول إلى غايات ومآرب أخرى ، فلم تتطرق الهتافات التي تم تداولها وإطلاقها في تلك الوقفة الاحتجاجية لتعديل قوانين او المطالبة بمحاسبة مذنبين ، فقط سلطت كل الكراهية ضد "الذكور" بطريقة عنصرية ، وطالبت بالانسلاخ عن القيم الأسرية من خلال تحريض الفتيات على الآباء .
نعم نحن مع مزيد من الحماية للنساء المعنفات لكن تلك الهتافات يجب على الدولة الأردنية ان تتوقف عندها وقفة جدية ، لمعرفة من ساهم في بثها حتى تعالت اليوم أمام مبنى مجلس النواب ، وما هي الغايات التي تقف خلف هذه الهتافات ، وخلف محاولة زعزعة المجتمع وخلق نقاط تباعد، بدلا من محاولة توطيد العلاقات وتوثيقها بين الذكور والإناث في الأسرة الواحدة فالرجل هو الأب والأخ والإبن ولن تشوه صورته بعض الممارسات الشاذة من بعض مرضى النفوس.
ثم من جهة أخرى ، أود لو يتم توضيح المستند الذي استندت عليه تلك الهتافات وكيف تتحدث من تطلقها بإسم المرأة الأردنية، ومدى إمكانية تقبل المجتمع الأردني برجاله ونساءه وشبابه وشابته واباءه وبناته لهذه الهتافات ، وما تحمله من غايات هادفة لتدمير روابط المجتمع .
لا شك ان قضية تعنيف النساء والأطفال تتطلب من الجميع اهتماما كبيرا ، وتحتاج لحلول جذرية تساهم في وأد هذه الظاهرة بغية الخروج بمجتمع مثالي مبني على الاحترام المتبادل بين جميع مكوناته وتعزيز الروابط الأسرية ، على ان يقوم الجميع بالواجبات المناطة به ، ويحصل على الحقوق التي تجعل منه "إنسانا" بغض النظر عن جنسه ، ولكن لا يجب السماح لمثل هذه الحوادث الفردية ، ان تكون فرصة للبعض ووسيلة لإطلاق الهتافات الغير مشروعة ، والمرفوضة رفضا قاطعاً والتي يتعرض بعضها للتعاليم الإسلامية التي تمثل أكثر التعاليم احتراما لحقوق المرأة وتكريما لها ولمكانتها.