رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

ذكرى استشهاد بطل معركة القسطل الخالدة الشهيد عبد القادر الحسيني .. من كلمات المغفور له الشاعر سليمان المشّيني

ذكرى استشهاد بطل معركة القسطل الخالدة الشهيد عبد القادر الحسيني .. من كلمات المغفور له الشاعر سليمان المشّيني
جوهرة العرب - الشاعر سليمان المشّيني

أيُّ ذِكرى .. فَجَّرَتْ فيضَ قصيدي

أيُّ معنى .. هزَّ أعطاف الوجودِ

أيُّ صبحٍ .. لاحَ رفراف السّنى

إنه يومُ الفدى .. عيدُ الشّهيدِ

إنه يومُ الدمِ القاني الذي

عطّر القدسَ بنفحٍ من ورودِ

دم عبد القادرِ الحرّ الأبي

بُثَّ بالضادِ مَضاءً كالحديدِ

أَلْهِبِ الهِمّةَ في أجيالنا

أَضْرِمِ النارَ بأجفانِ الرقودِ

بئس هذا العمرُ إِنْ كُنّا على

أَرضنا نحيا بِذُلٍّ كالعبيدِ

لا نَعمنا بحياةٍ أو صَفا

أو نُسِبْنا للمثنى والرّشيدِ

إِنْ توانينا عن الإقدام في

حلباتِ الهول في كل صعيدِ

يا نجيعَ الليثِ قد ذكّرتنا

بصلاح الدين والفتحِ المجيدِ

كان في حِطّينَ سَحْقُ المعتدي

وسقيناها دماً أرض الجدودِ

وبجالوتَ هزمنا كَتْبُغا

وأَعَدْنا المجدَ خفّاقَ البُنودِ

حَدِّثينا يا رُبى القدسِ ويا

قسطلَ الخُلدِ، وقصّي واسْتَزيدي

حين عبدُ القادرِ الحُرُّ انتضى

مِدْفَعَ الثأرِ بإِقْدامٍ فريدِ

وانثنى في همّةٍ جبّارة

يتصدّى لقوى الغازي اللدودِ

هاتفاً فَلْتَكْتُبي يا أمّتي

أَسْطُرَ العِزّةِ في بَذْلِ الكُبودِ

ثمن الحرية الحمراءِ ما

كان مُذْ كانَ سوى قلبِ الشّهيد
ِ
يا رفاقَ الدّربِ سيروا قُدُماً

وَلْنُجَدِّدْ سؤددَ الماضي التّليدِ

وإلى القدسِ أَلا حُثّوا الخُطى

لا تُبالوا بسدودٍ وحدودِ

تاقت الأُمُّ لِلُقْيا وُلْدِها

إِنَّ لُقْياها لَعيدٌ أَيُّ عيدِ

* * *
أمّتي يا أمّةَ الأبطال من

كل حرٍّ رابطِ الجأشِ .. جَليدِ

أمّتي لن يبرحَ الغازي الحِمى

وعن الجُلّى بَنوكِ في هجودِ!

جَدِّدي العزمَ .. وسيري للعُلى

وأَعيدي عهدَ حِطّينَ .. أَعيدي

أُمّتي للرُّشْدِ عودي واحْذَري

هَوْلَ ما حَلَّ بِعادٍ وَثَمودِ

واحْذَري الغزو الرّهيبَ المنطوي

في ثنايا كلِّ بَرّاقٍ جديدِ

فلنا تاريخنا مبدأنا

وتراثٌ صيغَ مِن خُلْقٍ حَميدِ

إنه خيرُ سلاحٍ في الورى

وبه النصرُ يُرى زاهي البرودِ

فادْفَعي الأبطالَ للمجد ادفعي

حطّمي الخوفَ وبالأرواحِ جودي

ليس كالأرواحِ مهرٌ للعُلى

والدم القانيَ سبيلٌ للخلودِ

لا يُنالُ الحقُّ إلا بالفِدى

لا بِحُسْنِ النثرِ والشعر النّضيدِ

سَئِمَ الناسُ شَكاوانا فَلَمْ

تَعُد الشكوى علينا بمفيدِ

سألوا هل هؤلاءِ الضُّعَفا

هُمُ مِن أحفادِ عَمروٍ والوليدِ

فامْسَحوا بالبَذلِ عنّا وصمةً

ودعوا الشكوى لِرِعْديدٍ قَعيدِ

سُنَّةُ الكونِ جهادٌ فَثِبوا

للمعالي فَلَكُمْ حقُّ الوُجودِ

يَطْلُعُ الصُّبحُ بهياً ساطعاً

بعد ساعاتٍ من الظَّلماء سودِ

حَسْبُنا صبراً فما نحن به

يبعث الإحساسَ في الصخرِ الصَّلودِ

فمتى نُدمي جَبينَ المعتدي

مرة دونَ التفاتٍ لِوَعيدِ

فإلى ساحِ التّفاني قُدُما

جرِّدوا الأسياف من سجنِ الغُمودِ

كلُّ حلمٍ زادَ عن مقدارهِ

كانَ جُبْناً ما عليه مِن مزيدِ

فاضربوا لا عاش مَن لا يضربُ

المارقَ العادي بنارٍ وحديدِ

روحَ عبدِ القادرِ المِقدامِ مَنْ

بالدم القاني سقى خُضْرَ النُّجودِ

حَدِّثي الأجيالَ صِدقاً وانشري

صفحاتٍ من جهادٍ وجهودِ
ِ
قُصّي عن شعبِ فلسطينَ الذي

ضرب الأمثالَ بالبأسِ الشديدِ

لم يَلِنْ في وجهِ طاغٍ آثِمٍ

قاومَ استعمارَ جبّارٍ مَريدِ

قَسَماً لولا خداعُ الحُلَفا

إِذْ تخلَّوْا عن وفاءٍ بالعهودِ

لم تَضِعْ منا فلسطينُ وما

كبّل العادي حماها في القيودِ

يا فلسطينُ سلاماً خالداً

قِبلةَ الأنظارِ يا بيتَ القصيدِ

يا ربوعَ المهدِ والأقصى ويا

نفحةَ الخلدِ وجنات الورودِ

كيف حال الأهل في رام الله في

غزة الشّما ونابلس الصمودِ

وخليل النُّجبِ والبيرةِ في 

طولكرمٍ وجنين ومزيدِ

حَيِّهمْ عنا رجالاً ثبتوا

صخرة شمّاء في وجه اليهودِ

أَخْفِضوا الهامَ لهم إِنَّهُمُ

صاغةُ المستقبلِ الحرِّ السعيدِ

بذلوا الأرواح ذوداً عن حِمىً

قُدُسِيٍّ يرتدي بُرد الخلودِ

نحن لا عشنا إذا لم ننتفض

للعُلى نمضي ونهزا باللحودِ

يطرب الأسماعَ منا مدفعٌ

صوته الضخمُ يدوّي كالرّعودِ

وجموع الشُّهدا ألمحها

أقبلتْ تسعى من الأفق البعيدِ

خرجوا للزحف في أيديهِمُ

راية الله سَمَتْ فوقَ الحشودِ

فَعَلا التهليلُ والتكبيرُ في

ساحةِ القدس فَضَجَّتْ بالنّشيدِ

فارْفَعوا الأعلامَ وامْضوا قُدُماً

لِحِمى المهدِ وللأقصى المجيدِ

كي نفكّ القيدَ عن فردوسنا

ونفي بالعهدِ في يوم الشّهيدِ