جامعة عمار ثلیجي/ الجزائر: ناقشت الباحثة الجزائریّة فضیلة قریب رسالة الماستر الخاصّة بھا في الأدب العربيّ الحدیث في قسم كلیة اللغة العربیة والأدب العربيّ في جامع عمّار ثلیجيّ في الجزائر، وھي بعنوان "الرّؤیة والتّشكیل
السّرديّ في روایة أدركھا النّسیان لسناء الشعلان أنموذجاً".
وتكوّنت لجنة مناقشة رسالة الماستر من كلّ من: د. علي الخضاري رئیساً، ود. بولرباح عثماني مشرفاً ومقرّراً، ود. عطاء الله كریبع مناقشاً.
تناولت الرّسالة مناحي الرّؤیة والتّشكیل السّرديّ في روایة أدركھا النّسیان، مبرزة المكان والزّمان فیھا عبر تقسیم الدّراسة إلى فصلین ومدخل وخاتمة، تضمّن المدخل دراسة للعتبات الدّاخلیّة والخارجیة في الرّوایة، وقد درست الباحثة في الفصل الأوّل من الرّسالة الرؤیة السردیة في الروایة، وتوقّفت عند أنواعھا: رؤیة مع ورؤیة خلف، ورؤیة من الخارج،)، فضلاً عن دراسة الزّمن بأنواعھ: الاستشرافيّ والاستذكاريّ، ودراسة الأماكن المغلقة، والأماكن المفتوحة.
أمّا الفصل الثّاني من الرّساة فقد خصّصتھ الباحثة للشّخصیات وأنواعھا، وللحدث وأنواعھ وطرق بناءه. إلى أن انتھت الدّراسة إلى خاتمة فیھا بطائفة من النّتائج، وملحق حول حیاة الأدیبة سناء الشّعلان وإبداعھا.
ومن النّتائج التي توصّلت الباحثة إلیھا في خلاصة رسالتھا:
1 -توصلنا إلى أنّ الكاتبة اختارت ھذه العتبات النصیة الخارجیة منھا والداخلیة، لتشیر بھا إلى مضنون الروایة، فمثلا العنوان السردي الذي اختارتھ الروائیة لم یكن عشوائیا بل متعمدة في ذلك، فالمعنى الأول للفعل "أدركھا" یعني أصابھا النسیان ولكن بمجرد أن ندخل إلى الصفحة الداخلیة من الغلاف نتیقن بوجود مستوى آخر من المعنى، أي معنى الإنقاذ لا معنى الإصابة بالمرض، والھاء ضمیر یدل على أنھا امرأة أنقذھا النسیان من ألم التذكر لماضیھا المؤلم.
2 -أمّا بخصوص الرؤیة أو التبئیر في الروایة نلاحظ أنھ ازدوج بین السارد الموضوعي والسارد الذاتي، أي أن ھناك رؤیتان تقومان بحمل لواء الروایة؛ تمثلت في الرؤیة من الخلف والتي مثلھا الراوي العالم بكل شيء باستعمالھ ضمیر الغائب، والرؤیة مع والتي مثلتھا كل من شخصیة "بھاء" البطلة، و"الضحاك" البطل في الروایة، حیث كانت البطلة والبطل یصفوا لنا معاناتھم وحالتھم طوال سنوات الفراق؛ ووصفھم لبعض الشخصیات.
3 -أمّا الزمن فلم تفصح عنھ الأدیبة في ھذه الروایة، فقد تركت للمتلقي الحصیف أن یدرك تلك الأزمان التي تعنیھا من خلال معاناة البطلین، كما لاحظنا أن زمن الروایة ھو زمن دائري لا ینتھي، وقد اتضح في الروایة حینما نھت الروائیة روایتھا بكلمة "البدایة" بمعنى أن الزمن قد بدأ من جدید، كما نلاحظ أن الكاتبة قد كسرت خطیة الزمن المعتادة وتجاوزتھا؛ من خلال تلاعبھا بالزمن فوظفت تقنیات سردیة متفاوتة كتقنیة الاسترجاع بالرجوع بالذاكرة للوراء والرجوع للحاضر من جدید كما استعملت تقنیة التلخیص والحذف وغیرھا من التقنیات.
4 -ونلاحظ من خلال دراستنا للمكان أن الروائیة لم تحدد المكان الذي جرت فیھ أغلب الأحداث؛ فقد وقعت ھذه الأخیرة بدون زمن معین ومكان غیر محدد، ومن المعتقد أنھا قد قامت بحصره في مدینة ثلجیة باردة حیث یوجد بیت "الضحاك"، مشیرة لذلك بانتقال "بھاء" إلى ذلك المكان، وقبل ذلك قد أشارت لبعض الأحداث التي حدثت في الشرق حیث یتكلم الناس اللغة العربیة، حیث عاشت البطلة في المیتم الذي أحسّت فیھ بالظلم والوحشیة فلم تحدد أین ھذا المیتم وأي زمن عاشت فیھ ھذه الأحداث، فمثلا نلاحظ أیضاً أن معاناة البطلة دامت سبعین عاما، فھل یكون لذلك رؤیا أخرى للكاتبة، نعم ھذا ما تأكدنا منھ من خلال فھمنا للروایة؛ فھي تقصد بھا معاناة الشعب الفلسطیني إزاء الاستعمار الصھیوني.
5 -كما أنّنا تطرّقنا إلى دراسة الشخصیات الرئیسیة والثانویة، ولاحظنا أن الروائیة قد اختارت أسماء لشخصیاتھا بعنایة كبیرة، ولاحظنا أن كل اسم قد حمل دلالتھ لشخصیتھ الموجودة في الروایة وعبر عنھا بجدارة، كما قمنا برصد الأحداث المھمة في الروایة من ثانویة ورئیسیة، وتعرفنا أیضا على طرق بناء الحدث تمثلت في الطریقة القدیمة والحدیثة، ومن خلال فھمنا للحدث في الروایة اتضح أنھا استعملت الطریقة الثانیة، بحیث یبدأ من حیث یجب أن ینتھي.
6 -كما لاحظنا أن الكاتبة في نھایة روایتھا قد أعطت عدة نھایات مفترضة لھذه الروایة، فاسحة المجال للمتلقي أو القارئ بأن یختار النھایة التي یرید، وھذا ما نسمیھ الفراغات النصیة التي من واجب القارئ ملئھا حسب فھمھ للعمل الروائي الذي بین یدیھ متفاعلا ومشاركا في خلق نص جدید.