رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

متحف الفن الإماراتي ينظم ندوة حول "التسامح وفكرة قبول الآخر"

متحف الفن الإماراتي ينظم ندوة حول التسامح وفكرة قبول الآخر

جوهرة العرب


الإمارات، الفجيرة، 13 سبتمبر 2020 ـ نظم المتحف الرقمي للفن التشكيلي الإماراتي التابع لجمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، مساء أمس، ندوة حوارية بعنوان "التسامح وفكرة قبول الآخر في الفنون البصرية"، بحضور خالد الظنحاني رئيس الجمعية ونخبة من الفنانين والمثقفين والإعلاميين.

استضافت الندوة، التي عقدت عبر تطبيق زووم، النحات والناقد الفني السوري الدكتور محمود شاهين، والناقدة والفنانة التشكيلية المصرية الدكتورة أمل نصر، والفنان والناقد الفني الإماراتي علي العبدان وأدارت الحوار الفنانة المهندسة مريم البلوشي.

وتمحور النقاش حول محاور عديدة، أبرزها، الفن صناعة حقيقية للحياة ولغة عالمية، والفنون البصرية مظلة حقيقية لسيادة التسامح وانتشاره، وأهمية ترسيخ الفن التشكيلي لدى الناشئة لتعميق أثر التسامح في النفوس، والبشرية أسرة واحدة تتشارك الفنون نفسها.

وأوضحت مريم البلوشي في مستهل الندوة أن الفن هو الصورة الحضارية لأي مجتمع، واللغة الصامتة التي تنقل الأفكار والرسائل دون مترجم، باعتبارها التجربة المتجردة في لحظتها المتوشحة بروح المشاعر التي تنتقل بصدق من روح الفنان للمجتمع الصغير، ومن ثم للمجتمع الكبير، فهي الدبلوماسية التي لا تحتاج سوى أن يكون صاحبها ذا وعي وإدراك لهوية مجتمعه وثقافته ومن ثم مجتمعه الداخلي الذي يبدأ برسم صورة خاصة لفكره واسلوبه وقصته التي يترجمها من خلال أعماله الفنية للعالم.

وأكد الدكتور محمود شاهين، في مداخلته، أن للفنون التشكيليّة مهمة عظيمة، عليها تأديتها في الحياة وللحياة، مضيفاً أن "هذه المهمة تبدو مطلوبة بإلحاح شديد في وقتنا الحالي الطافح بالتوترات والمشاكل والخلافات، بين الأمم والشعوب، ذلك لأن هذه الفنون لم تكن يوماً عنصر ترف في التجربة الإنسانيّة، ولا عاشت على هامشها، وإنما كانت وستبقى في محرق، مُشكّلةً بذلك أهم أوعية الحضارة، وأبرز عناوين التقدم والرقي، وهي نتاج مشترك ساهمت فيه البشريّة جمعاء، وراكمته من خلال التعاون والتسامح والتواصل".

وأشار شاهين إلى ضرورة مد جسور المحبة والاحترام بين الشعوب والأمم، وتحطيم جدران الانعزال والتطرف والعداء، لأن البشريّة أسرة واحدة، تتأكد كينونتها وتتسامى بالحوار المتكافئ، والمحبة المتبادلة، والسعي الجاد، لتطوير الحياة وصونها، والـتأسيس الصحيح والسليم لمستقبل أجيالها. وهو الدور الرئيس للفنون، من خلال البحث الدائم عن أسباب جديدة للحياة وحب الحياة، مؤكداً أن الحداثة التي شهدها الفن العالمي مطالع القرن الماضي، ما كانت لتتم، لولا قيام الفنان الأوروبي، بإخراج رأسه من الأرشيف البارد للإرث الإغريقي ـ الروماني، وتمزيق (أوروبيته الضيقة) والتواصل مع الأمم.

بدورها، أوضحت الدكتورة أمل نصر أن العالم يعيش الآن في حالة من التقارب والاتصال والمشكلات المشتركة، ونستطيع من خلال التقارب الحادث فى العالم أن نسعى لإقامة صيغة حضارية جديدة تأخذ فى اعتبارها هذا التنوع الإنسانى الخلاق وتسعى إلى التركيز على القواسم المشتركة بين حضارات العالم جميعاً، وتبني ثقافة التسامح وقبول الأخر لرسم خرائط عقلية جديدة للإنسانية، تتأسس بها علاقات التفاعل المتبادل والقبول السمح للأخر.

وأشارت نصر أن "إعادة قراءة فنون هذه الحضارات وإدراك الاتجاهات الدفينة لمراحل الخلق فى الماضى كان بمثابة مواصلة أصيلة للهدف الأساسى الممتد عبر آلاف السنين فى كل العهود، وكل الحضارات، وهو تجاوز اللوحة الوصفية الزخرفية لخلق عالم مختلف عن عالم الطبيعة. مضيفةً: "بشكل عام فإن هذا التواصل ما بين الفنان الحديث والفنون البدائية وفنون الحضارات القديمة والحضارات الشرقية قد وضع الفنون الغربية على مسارها الجديد بروح تعتمد على فكرة قبول الأخر بعيداً عن تقصي النموذج الغربي وحده".

ومن جهته، استعرض علي العبدان في مداخلته قيمة التصالح والتسامح في الفنون البصرية أنثروبولوجياً عبر تقسيم المعرفة الإنسانية إلى ثلاث مراحل، المرحلة البدائية حيث كانت المعارف والفنون تعتمد على التعامل مع السحر والوثنية لخلق التصالح مع الكون، ثم مرحلة الديانات السماوية حيث كانت المعرفة تستقى من الوحي أو الدين، ثم المرحلة الأخيرة التي تأتي في التقسيم الأنثروبولوجي وهي مرحلة العلم الحديث حيث تتسم بالنزعة الموضوعية في المعرفة، الأمر الذي يعني حجب أية نوازع شخصية قد تتسم بالعنصرية وعدم التسامح في العلاقة مع الآخَر.

وأوضح العبدان، في معرض حديثه عن الساحة الفنية في الإمارات، "إن الفنون البصرية كانت محل جدل كبير في الأوساط الفنية والثقافية في المجتمع، وذلك لأن الفن في الإمارات كان منذ البدايات قابلاً للاختلاف والتنوع في الإنتاج الفني، وهذا ما أثار الكثير من ردود الفعل التي وصلت إلى حد الاعتراض على عرض بعض الأعمال أحياناً، إلا أن اهتمام قيادات الدولة بنشر الثقافة الفنية، وتشجيع الفنون البصرية، وتنظيم المعارض، وإصدار المؤلفات النقدية جيدة المحتوى، أدى إلى تجاوز مرحلة تصادم المجتمع أو بعضه مع الفنانين إلى مرحلة جديدة من التفهم والتسامح".