صباح الخير و خيرات هذا البلد ، صباح الأزمات و المحن ، صباح الفقد و الألق ...
أردن الخير عذراً لك عن جميع المواقف ، عذراً على شتائم الصباح بسبب الأزدحام، عذراً عن إهمال شوارعك فالآن تغيرت الأولويات كنتُ أظن أن الدفاع عن الوطن و الأهل و الأحباء هو بالخروج و مواجهة العدو ، لكن لم يتخيل لي يوماً بأن جلوسي في المنزل هو مشاركة في الدفاع ، فنحن الذين كتبنا و انتقدنا بك كثيراً الآن أكثرُ الناس وجعاً فما كان حديثنا إلا خوفاً عليك و على ضياعكَ ، حب الوطنُ لا يحتاج لمساومة، ولا يحتاج لمزايدة، ولا يحتاج لمجادلة، ولا يحتاج لشعارات رنانة، ولا يحتاج لآلاف الكلمات، أفعالنا تشير إلى حبنا، حركاتنا تدل عليها حروفنا، و كلماتنا تنساب إليها، أصواتنا تنطق به، وآمالنا تتجه إليه، طموحاتنا ترتبط به، فلن تهن على قلوبنا ..
فعن نفسي الآن أعيش تجربتي وأرتدي معطفًا لمبادئ أخرى أكثر قوةً ومتانة ، تنبع مني فألتزمها بقناعةٍ لا بوصاية ، بحبٍ لا بخوف ، بإدراكٍ لا بتقليد ، أكتب الدورَ ولا يكتبني، وأُخرِج المشهدَ ولا يُخرجني ، فجميعنا اشتقنا لك حقاً ، اشتقنا لأشجارك ، لأرضك ، لسماءك ، اشتاقُ لطفولتي المتناثرة ، اشتاقُ لبساطتك رغم قسوات الظروف ، اشتاق لاحلامي التي خلقت على ثراه ، تقتلني الذكريات ، وتغتال واقعي كل تلك اللحظات ، اشتقت لازدحام شوارعك ، اشتقتُ لرؤية طلاب مدارسك و جامعاتك في الصباح الباكر ، أصبح يتولد لدي يوماً بعد يوم الحنين إليك ، رغم اني لم أفارقك و لكن هناك فجوه بيننا ، هذه الأزمة جعلتنا نشتاق لتفاصيل لم نكن نلتفت لها يوماً ، اشعرتنا حقاً بأن حياتنا اليومية التي أعتدنا ان نراها شيء عادي و بسيط بأنها كانت نعمة من نعم الله ، فمجرد استيقاظنا من النوم مرة أخرى هذه نعمة ، مجرد خروجنا من منازلنا بصحة و أمان هي نعمة ، مجرد وجود عمل نذهب عليه أيضاً نعمة من الله ، فكيف لم ننتبه يوماً لكل هذه التفاصيل ؟
ربما هي أزمة اقتصادية و لكن لاشك أبداً بأن هناك عبر و رسائل ربانية لنا فعلينا أن لا نتجاهل تفاصيل هذه الأزمة أبداً ، فهذه حادثة لا تنسى في التاريخ لم اتحدث عن الازمة وحدها بل عن اثارها ، لكن لا محالة لن يتبخر الحلم ، ولم تشرق شموس الغد على أحلام تبددت، ولكن حلمي سيصبح حقيقة ذات يوم، وكم تمنيت لو كان الأمر بيدي ، كل شيء أهون على قلبي من نار الشوق وانتظار العودة إلى الحياة الطبيعية واستنشاق عبق الحرية.
إن الجميع ينظر إلى هذا الحلم برؤية مستقبلية واعدة ، يتنفسون من خلالها نسيم الحرية العليل .
الوعد الصادق الذي حتماً سيجمعنا تحت ظل الوطن الحنون، مهما طال الانتظار، نتوق إليه ونحن نتلظى بنار ملتهبة من كثر الاشتياق و الخوف عليك .
وقانوننا هو الحرية، لا ينقصنا إلّا الثورة في قلوبنا
فحمى الله هذا الوطن ، أرضه ومليكه و أبناءه ، حماه الله من الفساد و الوباء و الرخاء