التقيا للمرة الأولى في مدرسة السلط الثانوية عام ١٩٤٥م ، حيث كان الشاعر سليمان إبراهيم المشّيني - رحمه الله- يتلقى تعليمه هناك، بينما كان الشهيد وصفي مصطفى وهبي التل رحمه الله يعمل حينها مدرسا في ذات المدرسة.
وصفي الذي نشأ وترعرع في بيت يعتبر من متاحف الشعر العربي، فهو بطبيعته يحب الشعر كما كان والده الشاعر مصطفى وهبي التل الملقب بـ "عرار" و "شاعر الأردن"، ولربما كان حب وصفي للشعر سببا رئيسا لعلاقة الصداقة المتينة التي جمعته بأحد تلاميذه "الشاعر المشّيني".
بعد علاقة المعلم بتلميذه، تقول ابنة الشاعر سليمان المشّيني الأستاذة الفاضلة نادرة المشّيني في حديث خاص لجوهرة العرب الإخباري : تحولت العلاقة من معلم وتلميذ إلى موظف ومدير، بعدما اجتمعا لمرة ثانية في مكان عمل واحد عام ١٩٥٩ ، وهو الإذاعة الأردنية التي كان يديرها وصفي التل، والتحق بها الشاعر المشّيني موظفا وبقيا زملاء في الإذاعة حتى عام ١٩٦٢م، ليغادر بعدها التل منصبه ويُكلّف بتشكيل حكومته الأولى.
تلك العلاقة كانت سببا وجيها لتطوير وتعظيم صداقة الاديبين الكبيرين، إذ يجمعهما أكثر بكثير مما يفرقهما، ويتشابهان بالكثير من الأفكار والتوجهات، تقول ابنة الشاعر المشّيني : زارنا وصفي في منزلنا بالسلط كثيرا، وكان يحب وجبة "الدوالي المطبوخ مع الفوارغ والمقادم"، تتابع السيدة نادرة : كان والدي يحبه كثيرا، وكان دائما يصفه بالفارس المغوار وبأن مثال الأردني الحر الأمين الغيور على وطنه وكانت خسارته تمثّل خسارة كبرى للوطن، إذ بكاه والدي بعد استشهاده بكاءً مرا .
تضيف الفاضلة نادرة : بعد تشكيل حكومة وصفي في الستينات من القرن الماضي ، اتّصل دولة الشهيد وصفي، بالشاعر والأديب المشّيني بعد منتصف الليل وسأله فيما إذا كان لا يزال مستيقظاً، ثم قال: "حَضَرَني مطلع بيت شعر هجيني (يا غزالٍ سارْحٍ ابْروضه نَدِيِّهْ)"، وطلب من المشّيني إكمال القصيدة وبنفس القافية .
تتابع الأستاذة نادرة : فَنَظَمَ والدي الشاعر سليمان المشّيني القصيدة الهجينية بعنوان "جيشنا جيش النّشامى"، وقد أحبّها دولة الرئيس وصفي الذي بدوره طلب من الملحّن توفيق النّمري تلحينها .. وكان ذلك في بداية السبعينيات .
تواصل ابنة المرحوم المشّيني : مع الأسف أن هذه الأهزوجة لم تعد تُبَث على أثير الإذاعة الأردنية .. وربما ضاعت من أرشيف الإذاعة، على الرغم من أنها كُتِبت بطلب من شهيد الأردن، واشرف بنفسه على تلحينها، إذ كان رحمه الله يشرف بذاته على تلحين الاهازيج والأغاني الوطنية.
وقد وردت هذه الأهزوجة في باب الأهازيج من ديوان الشاعر سليمان المشّيني "صَبا مِن الأردن" -الجزء الثالث-.