شكراً لـــــ الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID من طوارئ مستشىفى البشير
بقلم: المستشار محمد الملكاوي – رئيس التحرير
أصابتني غمامة وكآبة وسوداوية عندما قيل لي بأنه يجب علي أن أرافق مريضاً بعد منتصف الليل في سيارة إسعاف الدفاع المدني إلى طوارئ مستشفى البشير، لأن لدي صورة نمطية مظلمة بأن طوارئ مستشفى البشير هي أول محطة أرضية للإنسان قبل أن يذهب إلى القبر في عالم البرزخ، بسبب الضغط الهائل على الكوادر الطبية والصحية في الطوارئ لأنه المستشفى الحكومي الوحيد في العاصمة عمّان التي يزيد عدد سكانها على (3) ملايين إنسان، بعد أن تم تخصيص مستشفى الأمير حمزة لعلاج مرضى كورونا، وبسبب نقص الأجهزة والمعدات الطبية في طوارئ البشير.
ولأني لم أر الطريق إلى طوارئ البشير بشكل جيد بسبب مرافقتي للمريض في الخلف بسيارة الإسعاف، فقد اعتقدت بأن سائق الدفاع المدني والمسعفين قد أخطأؤا الطريق، أو نقلونا بالخطأ إلى مستشفى خاص ومرموق، عندما وجدت نفسي ليلاً أقف أمام صرح طوارئ طبي كأي مستشفى خاص مميز في عمّان.
فكان سؤالي العاجل باستغراب: هذا مستشفى البشير!!!؟؟؟
فجاءتني الإجابة ثلاثية الأصوات: نعم.
وبدأت تتبدد غمامة الكآبة والسوداوية رويداً رويداً وأنا أسير مشدوهاً بطوارئ البشير خلف سرير المريض الذي كان يوجهه النشامى رجال الدفاع المدني بثقة نحو قسم الباطني.
وما هي إلا لحظات حتى جاء الطبيب المناوب وقرر نقل المريض إلى قسم الحالات الحرجة، وهناك بدأ يتولى فريق أطباء وممرضين عملهم للعناية بالمريض الذي كان يعاني من جلطة دماغية.
وبرفق طلب مني رجل أمن خاص، أن أغادر القسم حتى لا أتسبب مع غيري بفوضى، ودعا الله أن يشافي المرضى، وأغلق خلفي الباب.
لهذا جلست على مقعد مقابل قسم الحالات الحرجة، فشاهدت بأنها مقاعد أنيقة ومصفوفة بشكل مريح وصحي وتتناسب مع بروتوكول الوقاية من فيروس كرورونا، والتباعد بيني وبين الذين ينتظرون مثلي للاطمئنان على مرضاهم ... فاستغربت، لأنه لا يوجد مقاعد أنيقة ومريحة في المستشفيات الحكومية للانتظار، أو أنه يوجد مقاعد معظمها مكسور ومعطل، مما يستدعي من مرافقي المرضى افتراش جانبي الممرات.
وبعد أن مللت من الجلوس وإلقاء نظرة خاطفة على المريض على سريره عدة مرات، بدأت أتمشى في الممر الطويل في الطابق الأرضي، فإذا بي أجد بأن كل الأجهزة الطبية والكمبيوترات وأسرة المرضى وخزانات الأدوية وغيرها مختومة بختم (USAID)، ثم قادني فضولي كإعلامي أن أصعد للطابق الأول لأرى حقيقة الوضع في مكان آخر، وإذا بي أشاهد من على قرب أيضاً نفس المشهد المميز، وأن عبارة (USAID) ممهورة على كل الأجهزة.
ساد الصمت في دماغي وأركاني كإنسان وإعلامي، لأن طوارئ مستشفى البشير لم يعد المحطة الأولى للحياة الآخرة، بل أصبح محطة مهمة قبل العودة للحياة بصحة وسلامة وعافية، بفضل هذا الإنجاز الذي ما كان ليتحقق لولا (العلاقات الأردنية – الأمريكية) التي يرسخها جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله من جهة، وحرص الحكومة ووزارة الصحة على الاستفادة من المعونات الأمريكية للأردن من جهة ثانية، إضافة إلى تعاون الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) لخدمة القطاع الصحي في المملكة خاصة في ظل جائحة كورونا من جهة ثالثة.
قد لا يعجب كلامي هذا البعض، ولكننا مثلما تعودنا كأردنيين أن نقول للمخطئ أنت مخطئ، فعلينا أن نقول للمحسن أحسنت وشكراً لك.
لهذا أحببت أن أقول لفريق المنظمة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) في الأردن شكراً لكم من طوارئ مستشفى البشير، لأن لكم بصمة إنسانية في شفاء المرضى الأردنيين، وفي أعرافنا كمسلمين وأردنيين بأن الذي لا يشكر الناس لا يشكر الله، لهذا فإن أردنيتي الحقة والصادقة كمواطن وإعلامي وابن عشيرة أردنية تحتم علي أن أشكر كل من يقدم أي دعم ومساعدة للأردن لمواجهة الأخطار والتحديات، وتطوير قطاعاتنا المختلفة وفي مقدمتها القطاع الصحي. فشكري لكم (USAID) من أرض الأمن والسلام والاستقرار في الأردن.
بقي أن أٌقول للحكومة ولوزارة الصحة بأن طوارئ البشير يحتاج إلى كوادر طبية وصحية وإدارية إضافية حتى يؤدي دوره كصرح طبي بإتقان على مدى (24) ساعة يومياً. كما أقول لذوي المرضى والمرافقين والزوار بأن استمرار هذا الصرح الأردني هو رهن بحفاظكم عليه، وعدم اعتدائكم على هذه الكوادر الطبية والصحية التي تجاهد لإنقاذ حياة المرضى، أو تخريب الأجهزة التي تعتبر من أحدث الأجهزة في العالم لمعالجة المرضى ... ودائماً الإنجازات هي للوطن والمواطن.