رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

عصفور تويتر يؤسس أصغر وحدة سردية في تاريخ الأدب بقلم مروة السنهوري

عصفور تويتر يؤسس أصغر وحدة سردية في تاريخ الأدب بقلم مروة السنهوري
جوهرة العرب /مروة السنهوري


إذا كانت أبحاث العالم المصري الدكتور أحمد زويل أدت إلى اكتشاف ما يعرف ب " الفيمتو ثانية " وحدة القياس التي أكدت أن للتفاعلات الكيميائية سرعات تفاعلية تحتاج إلى قياسات جديدة تقيس السرعة  في أقصى مدى تفاعلي .
كذلك للفنون والآداب حركاتها وتفاعلاتها وهو ما يقتضي حاجتها إلى قياسات جديدة يتم التوصل إليها من خلال التجارب الطامحة إلى إحداث قفزات جديدة.
" ماذا تراه رأى  ذلك الطفل ليبكي دون دموع " ... " تم إيداع الراتب في حسابك " ..."أهدتني الوسادة وسرقت مني النوم " ..." قطع وعوداً كثيرة أحداها أن يتركها حزينة "...  " استخدمها كمخدر فأدمنها " ... " لم ينجح قط إلا في إحداث علاقة وطيدة مع الفشل " ... " تقلم أظافرها بالمبرد وتطليهما باللون اللؤلئي ، لكن سرعان ما تطول فتخدش من يهديها قلبه " ..
أنها القصة القصيرة جداً نوع أدبي أهداني إياها عش العصفور الأزرق " تويتر " التي يلعب فيها القارئ دور المؤلف  ليكمل أضلاع الشكل الهندسي للقصة بمخيلته ،  فعبر اللغة المكثفة والبناء السردي المختصر تفتح هذه القصص احتمالات التخمين والحدس وكلما زاد إضمار الكاتب في تكثيف المعنى واللغة زاد رونق النص.
 
تختلف القصة القصيرة جداً عن الحكمة أو الأمثال في الجهد المبذول من قبل المبدع بتكييف النص على قواعد السرد من حيث الزمان والمكان والشخصية مع القبض على جمرة الإبداع وإيصالها مشتعلة بحمولاتها الدلالية بحسب عبده خال  .
القصة القصيرة جداً تؤكد لنا أن الزمن لم يعد هو الزمن الذي عاشت فيه الرواية كلحظة إبداعية ممتدة تحتاج إلى الوقت والاسترخاء بحسب الكاتب السعودي عبده خال الذي تبنى هذا النوع الأدبي الجديد عبر وسم " قصة قصيرة جداً " ، بل اصدر كتاباً يدافع فيه عن مؤلفي هذا النوع من القصص الذين أسسوا أصغر وحدة سردية عرفها التاريخ الأدبي.
فن القصة " التويترية " ليس سهلاً كما يظن البعض ، بل بحاجة إلى أدوات أبداعية ليتمكن الكاتب من سرد الجمل من خلال دلالات مضغوطة هدفها خلق الدهشة عبر النهاية غير المتوقعة وهي " ومضة الإبداع " لتترك المجال لتأويل القارئ بما يحمله من مخزون ثقافي وهنا  تكمن المتعة .
يفسر الأديب عبده خال أدبيا لماذا اعتبر " تم إيداع الراتب في حسابك " قصة قصيرة جداً.فيقول" قد تكون جملة عادية تصلنا عبر الهاتف المتحرك نهاية كل شهر  ، إلا إنها شكل جديد من كتابة القصة القصيرة جداً تحمل عنوان " إيداع"  مع عادتها المحمودة ،قد أخذت بعداً جديد بحسب عبده خال، ولكوننا نتشارك في ظرفية انتظار الراتب يصبح إيراد هذه الجملة في زمنية محددة مهيجاً لاستدعاء عشرات القصص بمعنى أنه نص محرض لولادة قص تتنوع بتنوع القارئ حيث تغزل القصة القصيرة جداً خيوطها الحريرية على مخيلة القارئ .
إذن الوقت يقضم أعمارنا لذلك اتجه الناس إلى تناول كبسولة خفيفة تهضم بسرعة  وليس " كبسة " ثقيلة تسبب عسراً في الهضم  ، أنه تمرد التويتريون الجدد ، لكن مما لاشك فيه أن هذا التمرد الرقمي سيتسبب في ترهل اللياقة الإبداعية للكاتب الذي سيعتاد السهولة والاختصار..فلنرى ما سيكشفه لنا عش الطائر الأزرق في المستقبل.