أسبوعان مُران كالعلقم سوداوان مظلمان ما أطولهما وما اقساهما وما أصعبهما !!
وما استطعت صبراً لأرثيك عند الأربعين
واستعجلت اليوم لأكتب شيئاً بسيطاً مما فيك
وانت الآن في عهدة وضيافة الرحمن الرحيم يا عبده الطائع الصابر على البلاء نسأله أن يقبلك قبول الشهداء.
يا خوي يا شيخ عبدالرؤوف يا رأفت يا (ابو بركات) ووالله إن لك يا أخي من كلهن نصيب وافر
هكذا كنا نناديك ، اهلك ، والدك ووالدتك واخوانك وأبناء عمك وعمومتك واصدقاؤك ومحبوك يا حبيبنا ، كلنا ذهول وحزن ولم نخرج بعد من ارتداد الصدمة وقد مَرَّ اليوم أسبوعان على وداعك الأخير لكننا ما قلنا ولن نقول إلا مايرضي الله ، إنا لله وإنا اليه راجعون.
يا خوي يا نبض امي يا وجع القلب ومهجة الفؤاد المنكسر المكلوم، يا سهر العيون المتعبة التي ما ذاقت طعم النوم منذ الخبر الصاعقة ، يا ضيق الصدر المتألم المفجوع ، يا حزني الذي سكنني ولن يغادر الى أن نلتقي ، يامن كنت في الحياة فرحي وسندي وساعدي وعضدي وعضيدي ياشقيق الروح الذي رحل رحيلاً مباغتاً مفاجئاً غير متوقع لا عودة منه ولا رجوع والله يارجل لقد ذبحني غيابك المؤلم وكسر ظهري فراقك المفجع ، غبت يا اخي ولم يغب محياك الصبوح عن عيني يا قرتها .
كيف تركتنا بهذه السرعة ياذا الهيبة والأناقة والرائحة الزكية وياذا السمت الفريد و الوقار الغريب الذي فاق عمرك وتعداه وياذا الحضور البهي المنير الراقي حد سعادة الحضور، يا طيب النهج والمسلك والأنفاس والسيرة والسمعة.
مَن بعدك ينصحنا ويوجهنا بكلمات نبتسم لها وتضحكنا وفيها بعد التمعن ذكاء وبلاغة الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.
مَن يطوف بنا ببساتين ديننا الحنيف بكل سهولة ويسر ، من يخاطبنا بالتي هي أحسن في التوحيد والعقيدة والعبادات والتفسير والسنة المطهرة والأحاديث وقصص الانبياء وسيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم .
كنت القاسم المشترك للجميع ، والمحرك و(الدينمو) لنا كلنا ، تحتوي العائلة الكبيرة والآل والأهل والربع وتجمعنا على الخير وتذيب التناقضات وتزيل الخلافات وتقرب البعيد وتقارب وجهات النظر.
كنت أخاً فوق العادة تسأل عن حالي وتطمئن على صحتي وانت في العناية المركزة وتحت الأجهزة كيف لا أبكيك مادام الدم يجري في عروقي، لقد كنت أخاً عظيماً وانساناً غير عادي ، وكنت للجميع أخاً حبيباً ودوداً وصديقاً حميماً صادقاً صدوقاً كنت أكبر بكثير من سني عمرك التسعة والاربعين، وأكبر منا جميعاً بعطائك ودعمك الإيجابي للصغار والكبار، للشباب والكهول ، للنساء والرجال، وكنت نصير الضعفاء والمظلومين ومع العدل والحق وضد الظلم والباطل.
كنت في عملك وحياتك قائداً ومعلماً ومديراً وتربوياً ناجحاً وداعياً الى الهدى والهداية متمكناً من علمه وأدواته وأسلوبه الدعوي السهل الفريد.
إن ما يصبّرنا ويعزينا يا حبيبنا أنك منذ صغرك كنت مستقيماً ملتزماً مصلياً نقياً ، نشأت في طاعة الله ورعاً تقياً وعندما كبرت كنت صديقاً للمصحف عابداً صواماً قواماً، كثير الذكر مواظباً على طاعة الله حاجاً معتمراً متصدقاً مزكياً مهتماً بالمساجد وخدمتها ، باراً بوالديك واصلاً ارحامك ، لم تأخذك الدنيا بزخرفها ولم تشغلك الحياة عن هدفك الأسمى (العبادة).
في آخر سنوات عهدك بالدنيا كنت شغوفاً بالصلاة في مسجد اهل الكهف وكان مكتبك على بعد أمتار منه وسكنك الآخير قبرك على بعد بضعة مئات أمتار مقابله جاراً لقبر والدي رحمه الله نسأل الله أن يتقبلك انت والوالد مع الانبياء والصديقين والشهداء والفتية الذين آمنوا بربهم فزادهم هدى وأكرمهم الى يوم يبعثون .