مدير وحدة الإعلام في جامعة الحسين بن طلال الدكتور محمد صالح جرار يرى بأن التحول من التعليم التقليدي الى التعليم عن بعد هو الخيار الوحيد لاستمرار عملية التعليم بعد تفشي فيروس كورونا في العالم والوطن، خاصة في ظل عدم وجود بدائل اخرى يمكن من خلالها مواجهة آثار هذه الجائحة على الناحية التعليمية.
ويؤكد الدكتور جرار بأن الانتقال السريع والمفاجئ الى التعليم عن بعد قد شكل تحديات تمثلت بعدم الاستعداد الكافي في المدارس والجامعات الاردنية على المستويين البشري والتقني، فكان لا بد من مواكبة التطور السريع بالاعتماد على الذات للاستجابة لهذه المتغيرات.
يضيف الدكتور جرار : "اعتقد انه من المبكر الحكم على نجاح هذه التجربة قبل اكتمال مقوماتها فما زالت المدارس والجامعات تطور من امكانياتها وقدرة مدرسيها للتعامل مع هذا الواقع وتعزيز التقنيات المستخدمة في عملية التعليم الالكتروني، وقد قطعت شوطا كبيرا في ذلك بالرغم من الحاجة الماسة الى مزيد من تطوير وتدريب كوادرها وتعزيز المنصات الالكترونية التي تستخدمها في عملية التعليم.
وينوه الدكتور جرار : "مهما تكن التجربة قد تعرضت لتحديات وانتقادات فانه يمكن البناء عليها لتطوير عملية التعليم عن بعد مستقبلا وخاصة ما يتعلق بضرورة ضبط الامتحانات لتحقيق العدالة وضمان ان تعكس المستوى الحقيقي للطلبة وبذل جهد اكبر واهتمام في متابعة الدروس التي تعطى اليهم، اذا ما أردنا الاستمرار في التعليم الالكتروني لبعض المساقات التدريسية بعد انتهاء الجائحة" .
ويرى الدكتور جرار بأنه يمكن للمدرسين تعويض التفاعل الصفي باشراك الطلبة في العملية التعليمية وتعزيز الحوار والمناقشات في المساقات الاجتماعية وبناء تفاعل ايجابي في المحاضرات يثري العملية التعليمية ويصقل قدرات ومهارات الطلبة.
الدكتورة رهام زهير المومني عضو الهيئة التدريسية في جامعة عمان الأهلية تقول حول عملية التعليم عن بُعد : "لا نستطيع الجزم تماما بنجاح أو فشل عملية التعليم عن بعد، لكنها نجحت الى حدٍ ما لبعض التخصصات، فالظروف الإسثنائية التي نمر بها بسبب جائحة كورونا، نقلت الطلاب من القاعه العادية الى القاعه الإفتراضية عبر تطبيقات الإنترنت فتجاوز التعليم حدود الجدران التقليدية، وواجه التعليم عن بعد تحديات عديدة، وكان له إيجابيات وسلبيات عديدة".
وحول الإيجابيات والسلبيات تقول الدكتورة المومني : "من إيجابياته أنه حل جيد لمشكلة أو أزمة قائمة، والوصول الى أعداد أكبر وإمكانية الإستفادة من الخبرات والمراجع، ووفر جزء من النفقات وعوّد الطالب الإعتماد على نفسه والإنتقال من التلقي والتعليم الى الإستعداد والتعلم، وحلّ مشكلة إزدحام الطلبة في تخصصات معينة، وعمل على تدريب الهيئة الأكاديمية وتوفير الأجهزة والشبكات القوية، وأصبح الإهتمام باللغة والمصطلحات العلمية أكبر، رفع المستويات الثقافية، والعلمية، والإجتماعية بين الأفراد وّفر الوقت والجهد، وحفز المتعلم على إكتساب أكبر قدر من المهارات والتحصيل العلمي، ساعد الفرد على الإعتماد على نفسه كلياً لإختيار مصادر معلوماته" .
اما فيما يخص السلبيات فتوضح الدكتورة المومني : "من سلبياته غياب الجانب التربوي وغياب الفرصة لبناء شخصية الطالب من منظور وطني ومهاراتي وإنساني، إنعدام وجود البيئة الدراسية التفاعلية والجاذبة فضياع فرصة التفاعل والعمل ضمن الفريق، منعت عنه التنافس والإحساس بالشيء ومنعته من التعلم من معلمه والإقتداء به، وأيضا الكسل واللامبالاة الذي أصاب الطلبة نظرا لغياب الرقابة، وإقتصار المادة التعليمية على الجزء النظري، وإجهاد المتعلّم بسبب ما يقضيه من وقت على الهواتف الذكية" .
وبما يتعلق بمقترحات تطوير عملية التعليم عن بُعد تقول الدكتورة المومني : "هي مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع بكافة مؤسساته والفرد، فالدولة عليها تهيئة البنية التحتية والتكنولوجية الحديثة وتوفير الإمكانيات المادية لهذه المشاريع لتصبح نهج في المستقبل، وتأمين الطلاب بالأجهزة والإنترنت وخاصة في المناطق الأقل حظا، وعليها أن تطّلع على تجارب الدول المتقدمة التي نجحت في تطوير التعليم عن بعد لكي تحذو حذوها، ورفد ميزانيات المؤسسات التعليمية بالموارد والإمكانيات التي تساعد على تحقيق الهدف" .
"اما المجتمع وتحديدا القطاع الخاص، من منظور مسؤولية مجتمعية يجب أن يتحمل جزء كبير من الأعباء التي أثقلت كاهل الدولة، وعلى المؤسسات التعليمية تحديدا عمل دورات للمعلمين والأساتذه وإدخال أساليب حديثة في التدريس وتوفير التقنيات الحديثة والأجهزة بالصفوف والقاعات وتطبيق معايير الجودة التعليمية، وعليهم تنمية المهارات الإبداعية لدى الطلاب وتشجيع البحث العلمي ودعمه، ودمج التكنولوجيا في العملية التعليمية على كافة المستويات وبمشاركة جميع الأطراف، وعقد دورات تدريبية تكنولوجية للطلاب والأهل تساعدهم في متابعة أولادهم.
الفرد ويقع الكثير من المسؤوليات عليه فيجب أن يكون جاهزا لأي طارئ، وعنده القابلية والرغبة والإستعداد للتعلم وإكتساب مهارات جديدة وتحويل التهديدات الى فرص وتعزيز نقاط القوة" .
تتابع الدكتورة رهام المومني : "التعليم عن بعد لا يُغني عن الجامعة او المدرسة، فالجامعه هي الحياة والمدرسة هي الحنان، وكلاهما مهم في بناء شخصية الطالب في جميع مراحل حياته ويظهر ذلك عندما يهدأ الإيقاع في مرحلة الجامعة ويكتسب صفات تتسم بالثبات النسبي" .