أودع عامًا كان بنظر معظمكم عامًا كارثيًا؛ أما بالنسبة لي فكان عام الدروس العظيمة، عام أحدث فرقًا في تفكيري، وتفكير مَنْ يعمل معي، إنه عام التغيير المدهش. لقد تلقيت هدايا ورسائل من الله على شكل أصدقاء وصديقات كانت من أثمن الهدايا، أعرفهم منذ سنين ماضية، وأدين لهم بالمحبة والتقدير، وبفضلهم تعرفت على ثلاثة كتب من أهم الكتب التي أقرأ بها الآن منذ تعلمت الحرف، وهي: كتاب (قوة التفكير الإيجابي) لنورمان فنسنت، وكتاب (كورس في المعجزات) لهلن شوامن، وكتاب (اختفاء العالم) لجاري رينارد. وتزامنت قراءتي لهذه الكتب مع هذا العام الذي لو استسلمت لكل ما قيل فيه عنه لكنت مثل بعضكم ومعظمكم من أكثر المتشائمين والمترقبين لأفوله؛ ولكن بفضل تعددية الأفكار التي غذتها قراءة هذه الكتب، وبفضل الرؤية المعرفية الحفرية التي لا تعترف بالتشاؤم أو التشاؤل، والتي تنكر راديكالية الشر والأزمات تجاه الخير والانفراجات، والتي جعلت التركيز على الإيجابيات سبيل السلام الداخلي، فقد تعلمت عدّة دروس.
من أبرز تلك الدروس أن الغفران مفتاح التسامح؛ فالجوائح تخطف منا الأحبة، وتغلق باب الغفران. وتعلمت أن الأحكام المسبقة تضع الحدود وتقيّد الحرية وتحدّ الأفق؛ فلا تقدّم ولا تطور دون خوض غمار التجربة بعد التخلص من الأحكام المقولبة في قوالب مظلمة وجاهزة. وتعلمت أن ظلمة الجهل نقص في ضوء المعرفة، والحقد والكراهية نقص في الحب، والحب الكامل يطرد الخوف، وإذا وجد الخوف لا وجود للحب؛ فكلها جدليات مرتبطة ببعضها بعضًا وتؤثر في طبيعة عيشنا وإنسانيتنا.
وتعلمت أنه لا وجود للصدفة بحياتنا؛ طلبة متميزون إذن معلمون متميزون، ومناهج متميزة. وتعلمت أن أسأل دائما حتى أحصل على أجوبتي؛ فالسؤال أساس المعرفة وأول الفلسفة. وتعلمت أن أؤمن بنفسي، أتحدث معها يوميًا، وأقول أنا قادرة على فعل هذه الأشياء بالرغم من صعوبتها. وأيقنت أن كل مرض لابد من وجود علاج له، وأن الألم يجعل المشاعر الإنسانية رقيقة مهذبة، فلا شيء يعلم الإنسان أكثر من الألم والخبرات الصعبة. وآمنت بأن الماضي وهم لا يبقى منه سوى الذكريات الجميلة. فلا تنزعج، كن سعيدًا، أنت محبة، إنّ الله معنا. الله جعل النجاح في عقولنا، فقلل من حجم مشاكلك، ولا بد من وجود حلول.
وعلى الصعيد العام تعلمنا جميعًا أن تجربتنا في التعليم عن بعد كانت متحدية جدًا، وكسرت تابوهات لم نرها من قبل، لكننا استطعنا أن نمشي خطوة إلى الأمام. وتعلمنا تدريب أنفسنا على كل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا. واستخدمنا استراتيجيات حل المشكلات بالطرق العلمية في حل مشاكل الطلبة والإنترنت. وتعلمنا أنه لن يعود شيئا كما هو في السابق، فالتعليم الإلكتروني باق، وعلينا أن نغير طريقة تفكيرنا تجاهه، وخلق طرق للتعامل الأمثل معه.
وفي الختام:
إن أنقذت حياة فأنت بطل وإن أنقذت مئة فأنت طبيب وممرض، إلى كل من ارتدى المعطف الأبيض بكل كرامة وفخر فهو امتياز لك أن تشفي، ولا يمكن أن يكون الطب جيدًا دون معاناة، رأينا منهم من عانى من التعب والاجهاد ومنهم من أصابه الوباء، إلى كل هؤلاء وإلى كل شهيد ذهب في عمله ألف شكر وألف رحمة، وإلى جيش المعلمين والمعلمات أبطال المنصات، لكل مَن دَرَسَ و درَّس... شكرًا للجيش البطل، والأجهزة الأمنية، ولكل مخلص قام بواجبه خدمة للإنسانية جمعاء.