رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

الدكتورة رهام زهير المومني تكتب : لقاح الكورونا ثقافة وحصانة مجتمع

الدكتورة رهام زهير المومني تكتب : لقاح الكورونا ثقافة وحصانة مجتمع
جوهرة العرب - الدكتورة رهام زهير المومني

في بداية الجائحة كانت الكورونا وهمًا وخيالًا إلى أن أصبحت  وواقعا مريرا عانت منه البشرية قاطبة، وبين البداية والنهاية الكثير من الأحداث التي تُروى والمآسي التي عانينا منها بسبب الجائحة، والتضحيات التي قُدمت ليبقى الجميع بخير، إلى أن سارعت الدول واجتهد العلماء في أبحاثهم وتجاربهم  لتصنيع  اللقاح  الذي أطلق عليه بعضهم (نظرية المؤامرة) وانشغلت المجالس ووسائل التواصل الاجتماعي بموضوع اللقاحات المتوفرة وأنواعها وجودتها ضدَّ الفيروس وآثاره، فكان منهم المؤيدون (الذين آمنوا بالعلم والعلماء) ومنهم المعارضون الذين شكلوا الجزء الأكبر في التشكيك باللقاح.

منذ الأزل والأمراض منتشرة ولم يخلق الله الداء إلّا وأوجد معه الدواء، فكثير من الأمراض المُعدية فتكت بالشعوب، وشفيت به شعوب أخرى، والكورونا مثله مثل باقي الأمراض لكن الفرق سرعة الانتشار، والخطورة تكمن في عدم جاهزية القطاع الصحي والضغط الكبير عليه في الدول الغنية والمتقدمة قبل الفقيرة، وحفاظا عليه من الانهيار لجأت الدول إلى حزمة إغلاقات إنهار في أثرها الاقتصاد العالمي وأُغلقت الحدود الجغرافية بين الدول وفقدنا مفهوم العولمة لفترة كأن العالم عاش في ظلام  حالك، ففقد السيطرة وشُّلت الحركة، ولأجل تقليل هذه الآثار السلبية من جراء الجائحة وتقليل سرعة الانتشار فُرضت القوانين قوانين الدفاع والالتزام بإجراءات السلامة العامة والتباعد الجسدي وإيقاف الفعاليات كلها التي تستدعي وجود تجمعات بشرية حفاظا على الأنفس وحماية لمجتمعاتنا والتخفيف على القطاع الصحي والأمني وغيره، فتقدم أي بلد وازدهاره ونموه تُقاس بقدرة قطاعه الصحي على معالجة المرضى وتجاوز الصعاب التي يواجه.

نحن في الأردن منفتحون على العالم،  في ظل التقنيات المتاحة من وسائل نقل واتصالات، ما يدفعنا  ويحفزنا من دون أي تردد لأن نكون مشاركين في الجهود التي تُبذل من قبل  الدول جميعها لمحاصرة الوباء، بالالتزام بشروط السلامة العامة مثل التباعد الجسدي وإرتداء الكمامة والتخلص من العادات السلبية التي تعودنا عليها، أو بتحصين أجسادنا باللقاح الذي أصبح ضرورة ووسيلة للتصدي للوباء، بعد أن استنزُفت جهود العلماء وموازنات بعض الدول في محاولة لإنقاذ البشرية من هذا الوباء، كي نعود ونستمتع بحياتنا ونتواصل إجتماعيا بكل راحة وأمان، لنصبح  أكثر وعيا وقدرة على تجاوز الصعوبات والتحديات ولنحول التهديدات الى فرص، كل هذا لن يكفي إذا لم تكن عندنا القناعة والإيمان بقرارات الحكومة لنبقى بخير ونحمي أنفسنا وأحبائنا.

 يجب علينا أن نتكاتف جميعا أفرادا وأُسرا ومؤسسات وحكومات ونشجع بعضنا لأخذ المطعوم الذي هو توفره الحكومة لمواطنيها حسب الأولوية والحاجة، والتشكيك فيه مرفوض جملة وتفصيلا، فكيف لأم أن تدّس السُّم لأبنائها..  فهل هذا كلامٌ يعقل؟

قطاعاتنا بمختلف مستوياتها وأصنافها أُغلقت، أعمالنا انهارت وأصبحت في مرحلة الإنعاش، وكي لا نفقد الحياة يجب أن نبدأ بأنفسنا بأخذ المطعوم لأنه الحل الأول والأخير، وتلقي اللقاح يكّون أجساما مضادة، وبدأت بنفسي بالتسجيل بالنافذة التي أطلقتها وزارة الصحة على موقعها الإلكتروني مُبيّنة كافة الإجراءات وكيفية التسجيل واختيار المركز الصحي المراد أخذ اللقاح فيه والوضع الصحي للفرد، ومع أني أُصبت سابقا بالفيروس، فتكونت لدّي أجسام مضادة، إلا أنني مؤمنة بأن اللقاح هو الحل والأمان، فالقرار لنا لنحمي أسرنا.

ومن المحيّر توفر عدد كبير من أنواع اللقاح وهذا لا يعني عدم فاعلية وصحة وجودة اللقاح، عندما تتخذ الحكومة قرارا بتوفير أنواع مختلفة منه، فهي تتبع الإجراءات السليمة والممنهجة وتُخضع كل شيء لموافقة منظمة الصحة العالمية، فلا داعي للخوف من اللقاح والآثار الجانبية له لأن حدوث الصداع والتعب وارتفاع الحرارة أبسط بكثير من خطر الإصابة بالفيروس، فهو طوق النجاة لمعظم دول العالم ونتائج تجارب اللقاح في مراحل ممتازة وأثبت فعالية عالية.

التشكيك باللقاح وجودته أمر مزعج، فهو تشتيت للجهود المبذولة وتقليل من قيمة العلم والعلماء، وتشكيك بالجهاز الطبي الذي يعمل بجهد وحرفية على حساب أنفسهم وراحة أسرهم، وتشكيك بالحكومة التي لن تساوم على صحة مواطنيها، فالدولة لا تتاجر بصحتهم من دون التأكد من سلامة ونجاعة اللقاح، وقد كان جلالة الملك حفظه الله ومازال قدوة لنا جميعا بقيادته الحكيمة وأخذه المطعوم أكبر دليل على سلامته.  فالحكومة لها القدرة على التصرف والنظر بعقلانية وحُب، وتتطلع إلى إنهاء الجائحة التي لن تنتهي إلآ إذا تكاتفنا جميعا وأنقذنا أنفسنا بتلقي اللقاح بدلا من خسارة من نحب.