(مقال) السفير السعودي نايف السديري في بيته وبين أهلة وعشيرته وعزوته الأردنيين في مملكة النشامى ... فلماذا ارتعدت فرائص السياسيين والإعلاميين الناعقين في الخارج
"جوهرة العرب" / مقال بقلم رئيس التحرير: المستشار محمد الملكاوي
فجأة أطلت علينا بعض وسائل الإعلام العربية الخارجية (وخاصة بعض وسائل الإعلام اللندنية المأزومة والمشكوك في توجهاتها وأهدافها وغاياتها) بتقارير أخبارية ركيكة المعنى والمقصد وتحليلات سطحية وهشة، عن الحِراك الدبلوماسي الاعتيادي الذي يقوم به سفير خادم الحرمين الشريفين في الأردن نايف بن بندر السديري ولقاءاته مع بعض كبار المسؤولين الأردنيين وجولاته، وقيامه أيضاً بواجب العزاء الإنساني، والتواصل الأخوي بشكل علني وواضح أمام الجميع، فيما أخذ جهابذة وسائل الإعلام الخارجية هذه بالدوران حول أنفسهم بالتنظير والاستعراض والرقص على الحِبال والنفاق لأطراف لا علاقة لها بالأردن ولا بالسعودية ولا حتى بدول الاعتدال في منطقة الشرق الأوسط.
ولأن وسائل الإعلام الخارجية (هذه) مكشوفة للأردنيين والسعوديين العالمين ببواطن الأمور منذ أمدٍ بعيدٍ، فليس من المستغرب أن نرى ضجيج أبواق هذه الوسائل الإعلامية الرعناء وأن يعمل حملة طبولها الجوفاء وأقلامها المسمومة ضد علاقة أخوية بين قيادتين وشعبين شقيقين منذ عقودٍ طويلة، وأن تسعى وسائل الإعلام هذه للإساءة للأردن قبل السعودية في هذه التقارير والتحليلات الآسنة، بكلام سوداوي وظلامي وخبيث عجز عنه أبالسة الفتن الإعلامية من قبلهم، وشياطين الخداع والتضليل الإعلامي والإشاعة.
فلماذا الآن!!!؟؟؟
ولكن قبل أن أجيب على سؤالي: لماذا الآن!!!؟؟؟ دعوني أوضح لكم عزيزاتي وأعزائي القرآء كيف أرى العلاقات السعودية الأردنية في هذه المرحلة:
1. ليعلم الجميع، بأن حدود الأردن من ثلاث جهات ملتهبة جداً، بالحروب الأهلية أو الإرهاب أو الاحتلال مع كلّ من العراق وسوريا وفلسطين، فيما الحد الوحيد الآمن هو مع المملكة العربية السعودية من جهة الجنوب وجزء من جهة الشرق، لهذا تريد قوى البغي والضلال والإفكِ المتآمرة أن تقوم بتسخين الجهة الرابعة الآمنة والأمينة مع السعودية، وبذلك يكتمل حِصار الأردن من الجهات الحدودية الأربع.
2. كما أن الشقيقة السعودية ومن ورائها دول الخليج العربي وبالتحديد دول الإمارات والكويت والبحرين هي العمق الرئيسي للأردن سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وإنسانياً وحتى عشائرياً، خاصة وأن جائحة فيروس كورونا أضرّت بالاقتصاد الأردني في 2020 بشكل غير مسبوق، مما جعل اقتصادنا يترنح بسبب ارتدادات الجائحة على كل بيت أردني، وبهذا يريد هؤلاء أيضاً أن يضربوا الأردن في عمقه الوحيد المتبقي مع دول الخليج العربي، وجعل عام 2021 عاماً مأساوياً ثانياً على الأردنيين، لا سمح الله.
3.هذا إلى جانب أن وجود القوات العسكرية الإيرانية والمليشيات المنضوية تحت مظلتها هي جارة سوء للأردن في غرب العراق والجنوب السوري، مما يعني بأن إيران تريد تصدير الأزمات السورية والعراقية واللبنانية، وخطر التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم (داعش) إلى الأردن، في محاولة لاصطياد عدة عصافير بحجر واحد على الأرض الأردنية، لتهديد الأمن والاستقرار والسِلم في المنطقة.
4.هذا مع التأكيد هنا بأن إيران ومليشياتها الشيعية التي تتلقى ضربات جوية إسرائيلية مدمّرة لقواتها العسكرية وموجعة بحجم الخسائر المادية والبشرية والمعنوية في سوريا وأحياناً في العراق ولا تجرؤ على الرد عليها، تريد فقط أن تصل إلى الحدود السعودية عبر الأردن، مثلما فعلت في اليمن من خلال جماعة الحوثيين، بهدف تحسين موقعها الاستخباري والعسكري والسياسي والاقتصادي في المنطقة من بوابة الإسلام الشيعي الذي يحارب الإسلام السنّي المعتدل، كما فعلت في شمال العِراق وفي وسط وجنوب وغرب سوريا، وأطلقت أيضاً أيدي المليشيات الشيعية لتفتك بالمسلمين السنّة في العراق. وهي نفسها المليشيات الموالية لإيران التي أعدمت الرئيس العراقي السابق صدام حسين وقدمته على شكل أضحية لإيران يوم عيد الأضحى عام 2006، ولن تتوان عن تقديم أي مسلم سنّي قرباناً لإيران.
5.وإيران تحلم أيضاً أحلاماً واهمة بأن تصل إلى مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة من خلال تثوير الجماعات الشيعية شرقاً في بعض دول الخليج العربي على شواطيء الخليج العربي، ضد قادة تلك الدول من جهة، وضد السعودية من جهة أخرى، وتهديد أمن البحر الأحمر بواسطة الحوثيين، لهذا تتمنّى بأن يكون لها ذراع في الأردن لتهديد الحدود السعودية الشمالية (من جنوب الأردن)، خاصة بعدما فشلت سابقاً بإقناع الحكومة الأردنية من خلال مشروع التعاون الخبيث عبر السياحة الدينية لمدينة الكرك جنوب المملكة التي يرقد فيها الصحابي الشهيد جعفر بن أبي طالب، ابن عم رسول الله محمد صل الله عليه وسلم. وبهذا فشلت إيران في ربط مياه الخليج العربي بمياه البحر الأحمر، كما فشلت في ربط مضيقي هرمز وباب المندب معاً ضمن سياساتها العدائية لتهديد الأمن والتجارة الإقليمية والعالمية في هذين البحرين والمضيقين.
6.ولاحظوا معي بأن التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وعلى رأسها تنظيم (داعش) تتحرك حالياً في الصحراء السورية والعراقية التي تسيطر عليها القوات الإيرانية وأعوانها ومليشياتها وتعمل على تخفيف القيود المفروضة على أتباعها لتقترب أكثر من الحدود الأردنية والسعودية، وهي تريد أن تكرر سيناريو حكومة المالكي العراقية عام 2014 عندما هرب الجيش العراقي الموالي لإيران من أمام تنظيم داعش من المحافظات السنّيةالعراقية الشمالية، في مسرحية مرسومة لاستحضار إيران إلى شمال العِراق بحجة محاربة تنظيم داعش الذي لم يهدد ولم يحتل أي محافظة أو مدينة شيعية في العراق. وبهذا تريد إيران تسمين مجموعات تنظيم (داعش) في المناطق التابعة لها في الصحارى السورية والعراقية، ومضاعفة مليشياتها في المنطقة حتى تبقى الحدود الأردنية والسعودية في خطرٍ دائم منها ومن التنظيمات الإرهابية.
7.وفي الوقت ذاته فإن تركيا في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان تحوّلت إلى دولة تريد أن تتمدد وتتوسع على حِساب الإسلام السنّي المعتدل في شمال العراق وسوريا وليبيا، إلى جانب بعض الدول الإفريقية العربية وغير العربية، وذلك بالتوازي مع تمددها عبر تنظيمات إسلامية كجماعة الإخوان المسلمين وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة والضفة الغربية، والحركة الإسلامية في فلسطين 1948 وغيرها من الجماعات والتنظيمات الإسلامية، التي تريد إسقاط الإنظمة العربية، لتستأثر وحدها عن طريق المغالبة السياسية بكراسي السلطة والبرلمانات والأحزاب الرئيسية في المنطقة مثلما حدث في مصر في مرحلة ما قبل الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي.
8.وأخيراً وليس بآخر، فإن السياسيين والإعلاميين في وسائل الإعلام هذه لا يريدوا للسعودية أن تكون شريكاً قوياً لخدمة الفلسطينيين على المستويات المحلية والإقلمية والدولية. هذا مع العلم بأن وجود سفارة للمملكة العربية السعودية في الأ{دن هو خدمة ضمنية أيضاً للأشقاء الفلسطينيين في الضفة الغربية وليس للأردن فحسب.
إذن ... توضيحاً للأمر فإني أرى بأن بعض وسائل الإعلام العربية الخارجية (وخاصة اللندنية المأزومة والمشكوك في توجهاتها وأهدافها وغاياتها) التي سبق وأشرت إليها لا تريد أن ترى توافقاً (سعودياً – أردنياً) ولا توافقاً (أردنياً – إماراتياً) ولا (أردنياً – بحرينياً)، مثلما لا تريد (توافقاً أردنيا – فلسطينياً)، وهي أيضاً لا تريد أن ترى توافقاً (سعودياً – فلسطينياً) على قضايا المنطقة الرئيسية وعلى رأسها قضية فلسطين، لا بل تسعى هذه الوسائل إلى نفث سمومها وصديد قلوبها المريضة إلى الأردن عبر مهاجمة أشقاء الأردن كالسعودية والإمارات والبحرين تحت حِجج كاذبة ومزيفة، وخداع إعلامي مكشوف للعالمين والعارفين ببواطن الأمور.
لهذا فإن حِراك السفير السعودي نايف السديري في الأردن يرعب من يقفوا وراء وسائل الإعلام هذه، من أنظمة وجماعات وتنظيمات وفصائل، وهم لا يريدوا أن يروا المياه النقية تعود إلى مجاريها الطبيعية بين بلدين شقيقين جارين، وبين قيادتين حكيمتين، وبين شعبين أصيلين في الأردن والسعودية يؤمنون بأن الأخطار والتحديات التي تكاد تعصف بالمنطقة هي مصطنعة ومدعومة من أعداء الأمن والسلام والاستقرار، الذين يحاولون استهداف الأردن مثلما يعملون على استهداف السعودية من جهة، واستهداف العلاقات بين الدول المعتدلة من جهة أخرى.
خلاصة القول،
إن الأردن (قيادة وحكومة وشعباً) الذي يتجه نحو المئوية الثانية، والذي صمد في وجه الأخطار والتحديات (100) عامٍ وهو في طريقه لـ (100) عام أخرى بإذن الله، يثق في نفسه كثيراً كدولة وقيادة ونظام وشعب، ويؤمن في المقابل بأن الأشقاء في المملكة العربية السعودية (قيادة وحكومة وشعباً) هم السند والعزوة للأردن، مثلما هي دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين ودول خليجية شقيقة أخرى، لهذا فإن السفير السعودي يتحرّك بشكل أخوي من بيته إلى بيته في الأردن، حيث أن البيت الأردني القوي هو داعم لكل بيت سعودي، مثلما هو البيت السعودي الرديف للبيت الأردني.
كما أن لقاءات السفير السديري مع مسؤولين أردنيين كبار هم أعمدة في هذا الوطن يؤمنون بأن الولاء للأردن هو ولاء أيضاً للأشقاء المسلمين والعرب وعلى رأسهم الأشقاء في مملكة الإسلام والسلام (السعودية) بطهر وطهارة أرضها، وحكمة قيادتها وأصالة شعبها.
وعلى هذا فإن إيماننا كأردنيين بالقيادة الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وعضده ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان يجعلنا نؤمن أيضاً بأن السفير نايف بن بندر السديري يحمل في قلبه وفِكره ووجدانه وعقله رؤى وتطلعات القيادة السعودية المتزنة والوازنة، وبرنامج حكومة بلده ووزارة خارجية مملكته نحو زيادة تعزيز وتعميق توطيد العلاقات الأخوية بين البلدين، وتعظيم آلياتِ التعاون المشترك.
ولا تنسوا عزيزاتي وأعزائي القرآء بأن التنسيق الدائم بين الأردن والسعودية والدول العربية الأخرى سيساهم في تسريع بناء تحالف عسكري في المنطقة (ناتو عربي)، ومنظومة أمنية موحدة لمواجهة الأخطار والإرهاب والتحديات، وفي ومقدمتها الخطر الإيّراني والجماعات الإرهابية المتطرّفة، هذا إضافة إلى توحيد المواقف لدعم القضية الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية على الثرى الفلسطيني وعاصمتها القدس، والتعامل الحكيم أيضاً مع مختلف الأزمات التي تواجه المنطقة، والخروج الآمن من خطر جائحة كورونا في هذا العام، إلى جانب التوافق على موقف مشترك وتوحيد الخطاب في التواصل المتكامل مع إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن.
لهذا أقول بكل إجلال واحترام: أهلاً بكِ أيها سعادة السفير نايف بن بندر السديري في مملكة النشامى (المملكة الأردنية الهاشمية)، وأهلاً بالشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية في كل بيت أردني، فبيوت النشامى هي بيوت كل السعوديين.
ونحن سيداتي وسادتي، لا نخاف المرجفين ولا المرتجفين الذين ارتعدت فرائصهم عندما شاهدوا سفير خادم الحرمين الشريفين السديري يُرحِب بالنشامى في بيته السعودي العامر، مثلما يُرحِب به النشامى في بيوتهم.
msa.malkawi@gmail.com
#المستشار_محمد_الملكاوي