تشجيع الاستثمار يكون بوجود الأدوات المالية العالمية والاستقرار الضريبي
بقلم: الكاتب محمود الدباس
لا أحد ينكر المساعي التي تقوم بها الجهات المعنية بتشجيع الاستثمار ومحاولات استقطاب المستثمرين.. وفي نفس الوقت يقول الكثيرون ممن يراقبون هذا النشاط.. اننا كمن يسمع جَعجَعةً ولا نرى طحناً.
ويستطيع المتابع لخارطة الاستثمار في المنطقة.. أن يلاحظ قلة عدد المستثمرين من خارج الأردن مقارنة بعددهم في الدول من حولنا.
فإن كان موضوع الأمن والأمان.. والموقع الجيوسياسي.. والاتفاقيات الدولية الثنائية.. وغيرها من الميزات التي تشجع على جذب المستثمرين هي الأساس.. لكان عدد المستثمرين أضعاف أضعاف ما هم عليه الآن.
لذلك وجب على حاملي هذا الملف أن يتنبهوا لأمور أخرى مفقودة ويتحدث عنها المستثمرون.
- فأول أمر ينظرون إليه هو الاستقرار الضريبي وثباته.
فاساس العملية الاستثمارية هو إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، وهاجس الضريبة له المكانة العالية في الدراسة، فكيف للمستثمر أن يقدر الزمن المتوقع لاسترداد رأس ماله وجني الأرباح، إذا كان عامل الضريبة غير ثابت ويمكن أن يتغير في أي وقت؟!.. وهنا لا أقصد فقط الضريبة المترتبة على الدخل فقط، وإانما على اي مُدخل من مدخلات الإنتاج.
- وأما الأمر الثاني الذي يجذب المستثمرين، هو الأدوات المالية العالمية والطرق التمويلية، وكذلك الإدارات الاستثمارية الموجودة في البنوك المحلية، والتي للأسف تتعامل مع الاستثمارات بمبدأ الإقراض لا المشاركة والاستثمار.
فلا يعقل أن يستثمر شخص مهما كانت إمكانياته المادية، بدفع وضخ النقد الكامل من حساباته المباشرة، فالكل يستخدم رصيده وملاءته المالية لتمويل المشاريع.
ناهيكم عن أن معظم أصحاب الثروات لا يملكون النقد الكثير في حساباتهم البنكية، فإما أن تكون الأموال في أسهم أو محافظ استثمارية أو ودائع طويلة الأمد أو عقارات أو ما شابه ذلك، لذلك في كثير من الأحيان (خصوصا في الاستثمارات الكبيرة) تجد أن المستثمر يتعامل بأدوات مالية عالمية، و هي للأسف غير معروفة وغير معتمدة لدى البنوك الأردنية، وأيضاً غير مسموح بها من قبل البنك المركزي.
وهنا أتحدث عن شهادات الضمانات البنكية الرسمية والمعتمدة من قبل البنوك المركزية في دول العالم المتقدم، والبعيدة كل البعد عن مواضيع غسيل الأموال أو التعاملات غير القانونية، والتي تكون أصلا بضمانات ملاءة المستثمر المالية، ومن خلال قنواتٍ بنكية رسمية، والتي يُستخدم بعضٌ منها للحصول على النقد (تسييل جزء من هذه الضمانات، وقد تصل الى 70% من أصل الضمان)، ويستخدم البعض الآخر كضمانات لقروض أو تمويل أو استخراج رسائل ضمان لجهات أخرى.
واعطي عليها مثالا: (DTC / IPIP / IPID / SBLC/ LG/ DLG)
من هنا أوجه هذه الرسالة إلى أصحاب القرار بأن ينظروا خارج صندوق المقررات الجامعية والنظريات الكلاسيكية، وعلينا أن ننفتح على الأنظمة العالمية بشكل عقلاني وبنظرة المتبصر، وأن ننظر لتشجيع الاستثمار بمنظور شمولي عصري، لا أن نحاول تطبيق نظريات حديثة بأدوات عفى عليها الزمن
حمى الله الأردن ملكا وشعبا وأرضا. (م. م.)