رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

الدكتورة هبه حسين المومني تكتب : القلق القاتل الصامت...

الدكتورة هبه حسين المومني تكتب : القلق القاتل الصامت...
جوهرة العرب - د. هبه حسين المومني

 أكاد أجزم أن القلق يجعل الإنسان متراجعا في كل شئ حتى وإن كان لديه كل شئ؛ لأنه يسرق منا الرضا بما نحن فيه ويسرق منا الشعور بالراحة والسعادة مما يدخلنا في أمراض نفسية كثيرة .
 فالقلق يدخل الإنسان في حالة من الإحباط الدائم وعدم الإيمان فتشوه الروح وتتعب النفس ويمرض الجسد. فالقلق هو سر أمراض كثيرة للنفس والجسد وهو أيضاً سر كثير من الخطايا.
 فالقلق يؤثر على الروح، إذ يجد الشيطان فرصة مع القلق كي يسلب الإيمان منا ويدخل في نفوسنا الضعف والقنوط والخوف وقد يستطيع أن يقنع الإنسان بارتكاب خطايا كثيرة كي يهدئ من قلقه وبالتالي يفقد الانسان عشرته مع الله.
وأما عن الإنسان المثابر والواثق من الله والمطمئن في حياته والذي يعرف سر الهدوء والفرح فلا يمكن أن يسرق الشيطان إمكانياته الروحية إذ أبوابه محصنة وعقله غير متزعزع ونفسه غير مشتتة. 
  فالإنسان تتحكم فيه احتياجات طبيعية ويكون في حالة عدم اتزان حتى يتم إشباع حاجاته الطبيعية وهذه الحاجات نفسية وجسدية ؛ فإذا ما تملكه الشعور الدائم بالاحتياج تصبح نفسه في حالة قلق دائم وعدم اتزان. 
وهذا ما يحدث حينما تسيطر على الإنسان مشاعر الاحتياج فقد يكون الجسد قد أخذ حاجاته من الطعام ولكن النفس لم تشبع بعد فيظل الإنسان في حالة نهم بالطعام . وهكذا يدخل الإنسان في صورة مرضية نتيجة عدم الاتزان النفسي ويخرج ليبحث عن الإشباع النفسي، وإذ لم يحقق الاشباع يعيش في حالة من القلق تجعله متخبط ومتسرع في حياته وقراراته. وتجعله محبط لأنه لا ينعم بالهدوء والاتزان النفسي ولا يشعر بالراحة أبداً حتى إننا نجد القلق يأتي بعده اليأس والاكتئاب.
كما أن القلق يؤثر على الذهن، فيقول علماء النفس أن الذهن يفقد حوالي 50% من الذاكرة مع حالات القلق. فمثلاً الطالب الذي ذاكر جيداً ولكنه دخل الامتحان وهو قلق يفقد 50% من تركيزه ويتذكره بعد الامتحان حين تزول أسباب القلق.
فالإنسان في حالات القلق يفقد تركيزه وتفكيره السليم حتى أنه يتخذ قرارات غالباً ما تكون غير صائبة ويشعر بنتائجها بعد ما تمر حالة القلق لديه وهنا ينشأ في داخله صراع بين دافعين الأول غريزة الحياة والبناء والثاني غريزة العدم والهدم. فإذا انتصرت فيه الحياة يقوى الجسد على الشفاء وإذا ما انتصرت غريزة الهدم يدخل المرض. ... 
ان حالة النفس تؤثر في جهاز المناعة فإذا ما كانت النفس صحيحة يكون الإنسان أكثر قدرة علي تحدي الأمراض والميكروبات وإذا ما كانت محبطة وقلقة تكون أكثر تعرض للأمراض. هكذا نجد هؤلاء البسطاء الذين يعيشون حياة بسيطة بعيدة عن التعقيدات المدنية والحضارية أكثر سعادة وأكثر صحة وأكثر عمراً لأن نفوسهم أكثر صحة بلا ضغوط ولا قلق ولا توتر.
فلابد للإنسان أن يراعي ثلاثة اعتبارات هامة في حياته حتى يضمن السعادة:
أولاً: لابد أن تكون له علاقة وثيقة مع الله.
ثانياً: ألا يسير وراء الأفكار المشكوك في صحتها والتي تجعله غير ثابت في حياته.
ثالثاً: أن يسيطر على نفسه بلا ثورة ولا يخضع لرغباته وشهواته..
ولا أنسى أن الله عز وجل قد أمرنا بالتفاؤل وحسن الظن به في قوله تبارك وتعالى :
(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِين⁦(⁩.
وأخيرا أسأل الله عز وجل أن يحفظنا وإياكم وأن يجعلنا من السعداء في الدارين الدنيا والاخره