صم بكم مبدعون رائعون.. بقلم المحامي فراس صالح ملكاوي

قصة صادمة مؤلمة تفضح تشوهات مجتمعيه وقانونية تكاد لا تصدق مفادها أن قامت سيدة بمراجعة بنك (....) فرع  /الزرقاء بتاريخ 25/1/2021 لاستلام نصيبها من تقاعد والدها باعتبارها الوارثة الوحيدة له والحقيقة أن تلك السيده اعتادت على قبض ذلك المبلغ (المتواضع) 60دينار منذ وفاة والدها قبل سنتين أو ثلاث وهذا المبلغ المتواضع يعتبر مصدر رزقها الوحيد... 

وصلت السيده إلى فرع البنك برفقة قريب لها وانتظرت مع المنتظرين إلى أن وصلت الكاونتر فقدمت هويتها ورقم حسابها للموظف وطلبة تسليمها ايرادها الشهري لأنه (نزلت الرواتب) فهي تنتظر منذ شهر هذا اليوم لتحظى بوجبة خالية الدسم أو لتدفع حساب الدكانه وتدفع جزء الفواتير الشهريه لتحافظ على تدفق الكهرباء والمياه إلى مسكنها المستأجر من مالكه الذي يترقب موعد راتبها ويذكرها به احيانا... على أية حال رفض موظف البنك تسليمها راتبها  إلا من خلال وصي شرعي عليها تعينه المحكمة الشرعيه رغم أن السيده عمرها تجاوز الأربعين وتقبض الراتب منذ وفاة والدها من نفس البنك!!! .فلماذا يريد وصي شرعي؟؟؟ 

لأن السيدة المسكينة من ذوي الاحتياجات الخاصة (الصم والبكم)!!!!!!!!!!!!!! 

بكل ما فيها من قهر ومرارة أذعنت السيده لأمر موظف البنك وراجعت المحكمة الشرعيه في الزرقاء وطلبت تعين وصي عليها رغم رشدها وكمال اهليتها فرفضت المحكمة الشرعيه تعين الوصي لعدم وجود مايوجب.

عادت إلى البنك نفس الفرع واخبرهم الشخص الذي كان يرافقها برأي المحكمة الشرعيه وطلب منهم اية كتاب خطي من البنك للمحكمة الشرعية إلا أنهم رفضوا ومازالوا..!!!

لولم تكن هذه السيده المنكوبة راجحة العقل عميقة الفهم لما استوعبت  حالة الاضطراب العقلي والسلوك البهائمي الصادر عن شخص صور له عقله المريض أن الإنسان المختلف عنه هو إنسان ناقص الأهلية. كان علماء النفس الأوائل على حق عندما قالوا أن المختل عقليا يظن أن الآخرون مجانين..

أما أنا فبدأت أراجع موقفي تجاه أصل الإنسان وفقا لنظرية داروين فربما كانت الجينات الوراثيه لأجداده القرود مازالت طور النمو..؟؟

وربما كانت تلك السيده وهي في طريقها إلى البنك انزلقت عبر بوابة  الزمن فقادتها  في رحلة عبر الزمن فالتقت بشايلوك (تاجر البندقية) فاختلط عليها الأمر؟؟

وربما.. وقد... ومن الممكن.. ولا أعتقد.. ووووو..

سنحاول تفسير سلوكه الشائن بأي مبرر لأننا لا نعتنق عقيدة الإنسان ومذهب الرحمه و لأن قلوبنا ملئ بالكراهية تجاه من يختلف معنا أو عنا..... 

والحقيقة أننا لا نملك القدر الكافي من الشجاعة مثل الأستاذه لبنى دواني حتى نعترف أمام ذواتنا أن المكان يعج بالمتنمرين..