رئيس التحرير : خالد خطار
آخر الأخبار

الأردن جذور راسخة وهوية ثابتة بقلم د. ضيف الله المطيرات

الأردن جذور راسخة وهوية ثابتة بقلم د. ضيف الله المطيرات
جوهرة العرب

شهدت أرض الأردن منذ فجر التاريخ استيطانًا بشريًا، وقامت على أرض الأردن ممالك وأمم بقيت أثارها شاهدة على عظمة الحضارات التي ازدهرت في الأردن وقبل الحديث عن هذه الحضارات. علينا أن نُعرف ما معنى كلمة أردن، حيث يرى العديد من المؤرخين أن كلمة أردن هي كلمة آرامية الأصل، وتعني  النهر المتعرج شديد الانحدار، وأطلقت منذ القرن العاشر قبل الميلاد على النهر، الذي ينبع من بانياس وينحدر جنوبًا مخترقًا المنخفض الأخدودي (حفرة الانهدام) حتى ينتهي في مصبه بالبحر الميت وهو المعروف بنهر الأردن. أما الإغريق (اليونان) فقد أطلقوا على هذا النهر اسم ياردانوس (lardanos)  والتي تعني بالعربية الماء المنحدر من المناطق المرتفعة.
ومن أهم الحضارات التي نشأت على الأرضي الأردنية هي مملكة الأدوميين في العصر الحديدي الأول حوالي (2000 ق.م) في منطقة الشراة جنوب الأردن، الممتدة حدودها من وادي الحسا حتى العقبة وكانت (بصيرا) عاصمتها، والتي تقع في الطفيلة جنوب الأردن ونذكر أيضًا مملكة المؤابيين، حيث نشأت هذه المملكة في منطقة (مؤاب) الكرك جنوب الأردن خلال الفترة من (2000-800 ق.م)، وكانت حدود هذه المملكة يقع بين وادي الموجب شمالًا ووادي الحسا الذي يفصلها عن مملكة أدوم. واتخذوا من (ذيبان) عاصمة لهم، ومن مملكة المؤابيين نذهب إلى مملكة العمونيين، وقد قامت هذه المملكة على السهل الممتد على الأطراف الشرقية الجنوبية لنهر الزرقاء حوالي (1500ق.م) واتخذوا من (ربه عمون) عاصمة لهم. وبعدها ظهرت مملكة الأنباط عام (600-106 ق.م) في جنوب الأردن وكانت البتراء عاصمتها، وأمتد نفوذ الأنباط من مدائن صالح شمال المدينة المنورة جنوبًا إلى دمشق شمالًا إلى أطراف الفرات شرقًا، وبعد ذلك خضعت بلاد الشام إلى الحكم اليوناني (333-64 ق.م).
وقد ازدهرت المدن الأردنية في المجال السياسي والاقتصادي، حيث بنو القصور، مثل: قصر عراق الأمير، ومدينة أم قيس، وجرش، وطبقة فحل، وخلال العهد الروماني من (64ق.م _ 636م) خضعت بلاد الشام للحكم الروماني ومن ضمنها الأردن؛ إذ بسطت الإمبراطورية الرومانية سيادتها على المنطقة، وقد قاموا في إعادة تعمير وترميم المدن اليونانية، وتم تشكيل حلف تحت اسم (الديكابوليس) وتعني اتحاد المدن العشر. ومن تلك المدن هناك ستة مدن أردنية، منها: أم قيس، جرش، طبقة فحل، بيت راس، عمان، اربد.
ومن ثم  دخلت بلاد الشام تحت الحكم الإسلامي وكانت الاردن بوابة الفتح الشامي والإفريقي. وقامت أول معركة للمسلمين خارج شبة الجزيرة العربية على أرض الأردن، وهي: معركة مؤتة سنة (8 هجري/ 625 ميلادي) في جنوب الأردن بالكرك.
ونذكر أيضًا معركة طبقة فحل سنة (13 هجري/ 634 ميلادي). والتي وقعت في وادي الأردن بين المسلمين والرومان وانتصر بها المسلمين وعلى أثرها فتحت بيسان. وفي سنة (15 هجري/ 636 ميلادي) وقعت معركة اليرموك على رافد من روافد نهر الأردن يسمى (اليرموك). وكانت هذه المعركة من أهم المعارك الإسلامية؛ لأنها أنهت  الهيمنة الرومانية على بلاد الشام كليًّا. وقد وصفها جورج نافزيكر في كتابة (الإسلام في الحرب) قائلًا "بالرغم من أن معركة اليرموك لا تحظى بشهرة كبيرة اليوم إلا أنها واحدة من أكثر المعارك الحاسمة في تاريخ البشرية.
وخلال فترة حكم الدولة الأموية (41-132هجري/ 661-749 ميلادي) كانت بلاد الشام ومنها الأردن قد حظيت في اهتمام كبير من قبل الخلفاء الأمويين، وذلك من خلال ما نشاهده الآن من آثار لهم مثل بناء القصور في أرض البادية الأردنية، مثل: قصر عمره، وقصر المشتى، وقصر الحرانة... وغيرها من القصور.
وشهدت أرض الأردن خلال العهد العباسي (132-656 هجري/ 749-1200 ميلادي) انطلاق الدعوة العباسية من منطقة الحميمة في معان جنوب الأردن، ومنها قامت الخلافة العباسية التي حكمت ما يقارب (524) سنة. ودخلت الأردن تحت الحكم الأيوبي (567-648 هجري/ 1171-1250 ميلادي)، وحظيت الأردن في اهتمام كبير من جانب الأيوبيين. ومنها انطلقت الجيوش الاسلامية بقيادة صلاح الدين الايوبي لتحرير بيت المقدس بعد انتصارهم في معركة حطين عام (583 هجري/ 1187 ميلادي).
وبعدها خضعت بلاد الشام إلى الحكم العثماني بعد انتصار العثمانيين على المماليك في مرج دابق سنة (923 هجري / 1517 ميلادي). حيث اهتم العثمانيين في بلاد الشام وقاموا في إنشاء سكة حديد الحجاز، التي تمتد من دمشق حتى الحجاز مرورًا بالأردن، وذلك من أجل السيطرة على بلاد الشام والحجاز معًا.
وفي عام 1916 ميلادي قام الشريف حسين بن علي في إعلان الثورة العربية الكبرى ضد سياسة التتريك التي انتهجتها الدولة العثمانية. وبعد وصول الأمير عبدالله بن الحسين إلى عمان بتاريخ 2/3/1921م أسس حكومة وطنية في شرقي الأردن وشكلت أول وزارة برئاسة رشيد طليع، وذلك بتاريخ ١١/٤/١٩٢١م. ومن ثم إصدار القانون الأساسي عام 1928م، وبعدها تم توقيع اتفاقية معاهدة أردنية - بريطانية عام 1946م (معاهدة صداقه وتحالف) تنص على اعتراف بريطانيا بشرق الأردن دولة مستقلة استقلالًا تامًا وبصاحب السمو  الأمير عبد الله ملكًا عليها بتاريخ 25/5/1946م، وبناء على ذلك تم إلغاء القانون الأساسي عام 1928م ليحل مكانه دستور 1947م.
ومن الإنجازات الهامة في عهد الملك عبد الله الأول توحيد الضفتين عام 1950م. والوقوف إلى جانب فلسطين في صراعها ضد إسرائيل خلال حرب عام 1948م، ومن عهد الملك عبد الله المؤسس إلى عهد الملك طلال بن عبدالله وعلى الرغم من قصر مدة حكم الملك طلال بن عبد الله إلا أنها تميزت بإنجازات مهمه منها إصدار دستور عام 1952م وإنشاء ديوان المحاسبة في نفس العام.
وفي عهد الملك الباني الحسين بن طلال تستمر إنجازات الهاشميين بالاهتمام في المقدسات الإسلامية والمسيحية، ثم تعريب قيادة الجيش العربي الأردني عام 1956م، وإنشاء جهاز الأمن العام من نفس العام ثم قيام مشروع الاتحاد العربي الهاشمي عام 1958م بين الأردن والعراق، وإنشاء السوق العربية المشتركة عام 1964م بين الأردن ومصر والعراق وسوريا، وفي نفس العام تم تأسيس دائرة المخابرات العامة، وتعد معركة الكرامة عام 1968م نقطة تحول في الصراع العربي الإسرائيلي، حيث حقق  الجيش العربي الأردني أول انتصار عربي على الجيش الإسرائيلي.
ومن عهد الملك الباني الحسين بن طلال إلى عهد جلالة الملك المعزز عبدالله الثاني بن الحسين، الذي تولى سلطاته الدستورية عام 1999م، ومنذ أن تولى الملك عبدالله الثاني مقاليد الحكم، سعى جاهدًا بكل عزم واقتدار إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الأردن، واعتبار مصلحة الأردن الوطنية العليا هي الهدف الأول والقاسم المشترك بين كافة الأردنيين، وبناء شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، والسعي على المستوى الدولي لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى الأردن، وتقليص عجز الميزانية، وإعلان العقبة منطقة اقتصادية حرة، وفي عام 2006م تأسست هيئة مكافحة الفساد.
ومن إنجازات جلالة الملك عبدالله الثاني رفع مستوى التعليم؛ إذ يحتل الأردن مرتبة رائدة على المستوى العالمي في مجال التعليم، وتتجسد في استثمار الموارد البشرية، واستحداث فرع الإدارة المعلوماتية، وإطلاق جائزة الملكة رانيا العبدالله للمعلم المتميز. وكذلك في المجال الصحي. من حيث: بناء المستشفيات، وزيادة الكادر الطبي والتمريضي، ومشاركة الخدمات الطبية الملكية في تقديم أفضل رعاية صحية ممكنة لمنتسبيها والمدنيين وغير المنتفعين، وأيضًا للأشقاء العرب الذين يفدون إلى الأردن.
أما المجال الاقتصادي. حيث عمل جلالة الملك عبدالله الثاني منذ اعتلائه العرش على تحويل الأردن إلى نموذج حيوي في المنطقة، من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي، وتعظيم دور القطاع الخاص في التحرر الاقتصادي، ورفع مستوى معيشة المواطنين، والحد من مشكلة الفقر والبطالة، والاهتمام في القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، من خلال: توفير منح دراسية في المعاهد والجامعات الداخلية والخارجية لمنتسبي القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، وزيادة المشاركة في قوات حفظ السلام، والوقوف ضد التطرف والإرهاب، وتقديم المساعدات الإنسانية إلى الدول الشقيقة والصديقة. والاستمرار في الاهتمام في المقدسات الإسلامية والمسيحية، والوقوف ضد صفقة القرن والمساس بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين.
اللهم اجعل هذا البلد آمنًا سخاءً رخاءً في ظل القيادة الهاشمية وتحت راية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم.